هل يمكن أن يمتد مسكن الحضانة للحاضنة بعد انتهاء فترتها القانونية؟.. «النقض» تجيب
كتب: أشرف زهران
أوضحت محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم (٢٤١) لسنة (٧٤ ق) أحوال شخصية، أن مفاد الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (١٨) مكررًا ثالثًا من المرسوم بقانون رقم (٢٥) لسنة (١٩٢٩)، أن الحضانة تخوّل الحاضنة مع من تحضنهم الحق في شغل مسكن الزوجية دون الزوج المُطلّق هي الحضانة التي تقوم عليها النساء لزوماً خلال المرحلة التي يعجز فيها الصغار عن القيام بمصالح البدن وحدهم، وبانتهاء المدة المقررة لهذه الحضانة ينتهي حق الحاضنة في شغل هذا المسكن.
وأكدت المحكمة أن كلًا من الوالدين يتحمل المسئولية المشتركة في تربية أطفاله ورعايتهم وحماية مصالحهم، وهي من أولى المسئوليات المُلقاة على عاتقهما، لتعلقها بالمصالح الفضلى لهؤلاء الأطفال، ومن مقتضى ذلك أن الأم إذا رضيت أن تستمر في القيام بمهام الحاضنة، رغم انتهاء موجبات الحضانة، وذلك بمراعاة ظروف خاصة بأطفالها الذين بلغوا نهاية السن المقررة قانونًا للحضانة، سواء كانت ظروفًا صحية أو تربوية أو غيرها من الظروف التي يقدرها قاضى الموضوع، فإنه وفي مقابل ذلك على الأب – ومن منطلق هذه المسئولية – أن يساعد الأم على القيام بمهام هذه الرعاية؛ وذلك بتقديم العون المادي أو المعنوي لها، ومنه أن يتركها تستمر في شغل مسكن الزوجية مع أطفالهما بعد انتهاء مدة الحضانة الإلزامية، وذلك لحين زوال تلك الظروف أو موجباتها.
وقائع الدعوى
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم (٢٩٩٧) لسنة (٢٠٠١) كلى أحوال شخصية شمال القاهرة، بطلب الحكم بتسليمه مسكن الزوجية المبين بصحيفة الدعوى، وقال شرحًا لدعواه: إنها كانت زوجاً له، وأنجب منها على فراش الزوجية الصغيرين “محمد، وإينور” ثم طلقها وتركها تقيم بمسكن الزوجية لحضانتهما.
ولبلوغهما السن المقررة لانتهاء حضانة النساء، فقد أقام الدعوى، وبتاريخ ٢٤/١١/٢٠٠٢ حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها بتسليم مسكن الزوجية موضوع الدعوى للطاعن، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم (٨) لسنة (٧ ق) القاهرة، وبتاريخ ٢١/١/٢٠٠٤ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
المحكمة
وحيث إن الطعن أقيم على سببٍ واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك، يقول: إن الحكم قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى ، رغم بلوغ الولد العاشرة والبنت الثانية عشر من عمرهما ، وانتهاء حضانة المطعون ضدها لهما ، طبقاً للمادة ٢٠ من المرسوم بقانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ المعدل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥، ومن ثم يعود مسكن الزوجية ، باعتباره مسكن الحضانة ، إليه ( الطاعن ) عملاً بالمادة ١٨ مكررًا ثالثًا من المرسوم بقانون سالف الذكر، وأن استبقاء الصغيرين تحت يد المطعون ضدها بعد انتهاء مدة الحضانة الإلزامية، لا يعطيها الحق في الاحتفاظ بهذا المسكن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، ورفض الدعوى بتسليمه للطاعن، فإنه يكون معيباً ، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة (٢٠) من المرسوم بقانون رقم (٢٥) لسنة ١٩٢٩ ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المعدل بالقانون رقم (١٠٠) لسنة ١٩٨٥ واجب التطبيق على أنه: ” ينتهي حق حضانة النساء، ببلوغ الصغير سن العاشرة، وبلوغ الصغيرة سن اثنتي عشرة سنة، ويجوز للقاضي بعد هذه السن، إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج، في يد الحاضنة دون أجر حضانة، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك ، مفاده ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن إبقاء الصغير أوالصغيرة بعد انقضاء السن المقررة لانتهاء حضانة النساء ، في يد الحاضنة ، لا يعد امتداداً لحقها في الحضانة وإنما هي مدة استبقاء، بعد أن أصبح في مقدور الأولاد الغناء عن حضانة وخدمة النساء؛ ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (١٨) مكررًا ثالثًا من المرسوم بقانون رقم (٢٥) لسنة ١٩٢٩ سالف الذكر ، أن الحضانة تخول الحاضنة مع من تحضنهم الحق في شغل مسكن الزوجية، دون الزوج المطلق، هي الحضانة التي تقوم عليها النساء لزومًا، خلال المرحلة التي يعجز فيها الصغار عن القيام بمصالح البدن وحدهم، وبانتهاء المدة المقررة لهذه الحضانة ينتهي حق الحاضنة في شغل هذا المسكن.
إلا أنه لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثالثة من القانون رقم (١٢) لسنة ١٩٩٦ بشأن الطفل، على أنه: ”تكون لحماية الطفل ومصالحه ، الأولوية في جميع القرارات أو الإجراءات المتعلقة بالطفولة ، أيًّا كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها “، والنص في المادة الثانية من هذا القانون على أنه : ” يقصد بالطفل في مجال الرعاية ، المنصوص عليها في هذا القانون ، كل من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة “، مفاد ذلك ، وعلى ما أفصحت عنه نصوص اتفاقية حقوق الطفل التي وافقت عليها «الجمعية العامة للأمم المتحدة» بتاريخ ٢٠/١١/١٩٨٩ ، والصادر بالموافقة عليها ، القرار الجمهوري رقم ٢٦٠ لسنة ١٩٩٠ ، والذى وافق عليه مجلس الشعب بجلسته المعقودة بتاريخ ٢٧/٥/١٩٩٠، من أنه في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى (المادة ٣ من الاتفاقية)، وأن تبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لضمان الاعتراف بالمبدأ القائل: «إن كلا الوالدين يتحملان مسئوليات مشتركة عن تربية الطفل ونموه، وتقع على عاتق الوالدين أو الأوصياء القانونيين، حسب الحالة ، المسئولية الأولى عن تربية الطفل ونموه، وتكون مصالح الطفل الفضلى موضع اهتمامهم الأساسي (المادة ١٨ من الاتفاقية )، وأن الدول الأطراف تعترف بوجوب تمتع الطفل المعوق عقليًا أو جسمانيًا بحياة كاملة كريمة ، في ظروف تكفل له كرامته ، وتعزز اعتماده على النفس، وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع ( المادة ٢٣ من الاتفاقية )؛ ومؤدى ذلك ، أن كلًا من الوالدين يتحمل المسئولية المشتركة في تربية أطفاله ورعايتهم وحماية مصالحهم، وهي من أولى المسئوليات الملقاة على عاتقهما؛ لتعلقها بالمصالح الفضلى لهؤلاء الأطفال، ومن مقتضى ذلك أن الأم إذا رضيت أن تستمر في القيام بمهام الحاضنة رغم انتهاء موجبات الحضانة، وذلك بمراعاة ظروف خاصة بأطفالها الذين بلغوا نهاية السن المقررة قانوناً للحضانة، سواء كانت ظروفاً صحية أو تربوية ، أو غيرها من الظروف التي يقدرها قاضى الموضوع ، فإنه وفي مقابل ذلك على الأب، ومن منطلق هذه المسئولية، أن يساعد الأم على القيام بمهام هذه الرعاية، وذلك بتقديم العون المادي أو المعنوي لها، ومنه أن يتركها تستمر في شغل مسكن الزوجية مع أطفالهما، بعد انتهاء مدة الحضانة الإلزامية، وذلك لحين زوال تلك الظروف أو موجباتها.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، على سند من أن الثابت بالتقريرين الطبيين الصادرين عن هيئة التأمين الصحي، أن الصغير “محمد ” مصاب بمرض التبول اللاإرادي، لعيبٍ خلقي بالفقرات الظهرية القطنية ، وأن الصغيرة “واينور” تعانى من استسقاء بالمخ نتيجة انسداد السائل النخاعي بقاع الجمجمة، بما يجعل هذين الصغيرين في حاجةٍ لوالدتهما المطعون ضدها لاستمرارهما في الحياة ، ولا يستطيع والدهما الطاعن بأي حال القيام بخدمتهما – مهما كانت إرادته- لأنه عمل شاق لا يقدر عليه الرجال ، وكان من الأولى مساعدتها على تحمل أعباء تربيتهما ، وهذا أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء، ولها معينها من الأوراق ، وتتسق مع روح ونصوص الشريعة الغراء والاتفاقات الدولية والقوانين الوضعية ، المتعلقة بحماية ورعاية الطفولة والأطفال، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
الحكم
رفضت المحكمة الطعن، وألزمت الطاعن المصروفات، مع مصادرة الكفالة.