هل يكون حياد القاضي محلًا للإثبات؟
الدكتور/فرج محمد علي
في البداية نقرر بأنه ترتبط حيدة القاضي بمبدأ أعمق هو استقلال القضاء، وتختلف عن الحياد والذي يعنى أن لا يتولى القاضي الفصل في الخصومة من تلقاء نفسه، ويقول الدكتور/فرج محمد علي المحامى بالنقض، إن الحماية القضائية مطلوبة دائما، ويتم السعي لها من صاحب الحق الذي تم التعدي عليه، وليست مفروضة من جانب القاضي، وهو ما يستتبع عدم قضاء القاضي بعلمه الشخصي، لأنه هنا يجمع بين صفة الشاهد والقاضي، وهو أمر غير جائز فضلًا عن أنه يؤدي إلى أحقية الخصوم في الرد عليه، وهو في النهاية محايد ويقف بين الجميع على قدم، سواء هوليس طرفا فى الخصومة، بل هو أحد أشخاصها على حد تعبير أستاذنا الدكتور الأنصاري.
والقاضي ملتزم بالفصل في الطلب المطروح عليه، وهذا الألتزام نابع من وظيفته التى يفترض فيه كفايته لشغلها، وعدم فصله فى النزاع يحقق جريمة أنكار العدالة.
وإذا كان دور القاضى قد أصبح أكثر أيجابية في قانون المرافعات الحالى، كما ورد بالمذكرة الايضاحية للقانون الحالى، وهذا الدور له مظاهر عدة، تتمثل فى أحقيته فى أيقاع جزاء الشطب حال تخلف المدعى عن الحضور، وتوسعت سلطاته فى أيقاع الجزاء الإجرائى، نتيجة عدم تنفيذ الخصم لواجباته الأجرائية، مثل موالاة السير فى الدعوى وتنفيذ قرارات عدالة المحكمة والتزامه بأثبات دعواه وحسن النية فى القيام بالعمل الإجرائى وإلا يكون وليد غش.
لكن يدق التساؤل حول أنه هل يكون حياد القاضى محلاً للإثبات؟ وفى رأينا المتواضع أن حياد القاضى كمسألة إجرائية هو مفترض فى الخصومة حيث لا يمكن أن يقضى القاضى وهو غير محايد، ولكن هذا الحياد لا يكون محلاً لإثبات لأنه يصطدم بمبداء إجرائى وهو أن الإصل فى الآجراءات الصحة وبذلك فأنه توجد قرينة أن القاضى محايد بل وأن كل الأجراءات فى الخصومة قد تمت صحيحة ، ومطابقة للنموذج الأجرائى الذى نص عليه القانون وفى ميعادها وأن الخصم الآخر قد علم بها، ولكنها قرينة بسيطة فيجوز لمن يدعى عكسها أن يثبتها، بأثبات عدم حياد القاضى لآى سبب يراه وينجح فى أثباته.
وهذا ما أكده قضاء محكمة النقض المصرية حيث قررت أنه(أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة وعلي من يدعي مخالفتها إقامة الدليل علي ذلك)
(الطعن رقم ١٨٧٤٢ لسنة ٨٩ قضائية،الصادر بجلسة 22/3/2021م)
وفى تطبيق للمداولة وحصولها قضت بانه(وجوب صدور الحكم من الهيئة التى سمعته . تخلف أحد أعضائها عن حضور جلسة خالنطق به . وجوب توقيعه على مسودته وأن يحل غيره محله وقت النطق به وإثبات ذلك فى الحكم . المتمسك بعدم حصول المداولة قانوناً . وجوب تقديمه الدليل )
(الطعن رقم ١٣٩٧٦ لسنة ٨٦ قضائية،الصادر بجلسة 24/2/2021م)
وفى تطبيق لصحة عمل الخبير قضت بأنه(أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، وإذ كان يبين من تقرير الخبير ومحاضر أعماله أنه أَخطَرَ الخصوم في الدعوى بتاريخ مباشرته للمأمورية ، وكان المشرع لم يُوجب على الخبير إرفاق إيصالات الإخطارات الموصي عليها التي يُرسلها للخصوم أو ذكر أرقامها وتواريخها، وأنَّ إغفال إرفاق هذه الإيصالات لا ينفي واقعة الإخطار ذاتها ، وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد عدم وصول الإخطار إلي الطاعن ، ومن ثم يكون النعي على تقرير الخبير بالبطلان غير مقبول )
(الطعن رقم ٢٠٥٧ لسنة ٧٢ قضائية،الصادر بجلسة 19/1/2021م)