هل يجوز للمطورين العقاريين الإعلان عن حجز الوحدات العقارية أو بيعها دون الحصول على الترخيص اللازم
بقلم : مايكل بسادة اديب المحامي بالنقض و الإدارية العليا
1- المقدمة
في سياق تنفيذ قانون حماية المستهلك، يظهر تحدٍ بارز يتمثل في التزام المطورين العقاريين بأحكام الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر من قانون حماية المستهلك التي تنص على عدم جواز الإعلان عن حجز وحدات عقارية أو بيعها دون الحصول على الترخيص اللازم وفقًا لقانون البناء.
تبرز المشكلة عندما يقوم بعض المطورين بالإعلان عن حجز الوحدات العقارية أو بيعها بشكل مخالف لأحكام القانون، مما يضع المستهلكين في موقف حرج ويهدد حقوقهم.
هذا الأمر يؤدي إلى تعرض المشترين لمخاطر قانونية ومالية، ويهدد حقوقهم في الحصول على وحدات عقارية مطابقة للمعايير القانونية والمواصفات الفنية المعتمدة.
في ظل زيادة النشاط العقاري والطلب المتزايد على الوحدات السكنية والتجارية، يصبح من الضروري تعزيز الشفافية والنزاهة في التعاملات العقارية، وتحقيق التوازن بين حقوق المشترين و واجبات المطورين.
2- الهدف والقصد التشريعي من صياغة قوانين حماية المستهلك
يهدف قانون حماية المستهلك إلى تحقيق توازن عادل بين حقوق المستهلكين وواجبات الموردين، وذلك من خلال توفير بيئة آمنة وعادلة للتعاملات التجارية. ويأتي هذا القانون استجابة للحاجة الملحة لحماية حقوق المستهلكين من أي تجاوزات أو ممارسات غير عادلة قد يتعرضون لها من قبل الموردين والشركات.
القصد التشريعي من صياغة قوانين حماية المستهلك يتجلى في عدة نقاط رئيسية:
1. حماية حقوق المستهلكين: يهدف القانون إلى ضمان أن يحصل المستهلكون على منتجات وخدمات ذات جودة عالية وآمنة للاستخدام. كما يسعى إلى حماية المستهلكين من أي ممارسات تجارية غير عادلة أو مضللة.
2. توفير المعلومات: يُلزم القانون الموردين بتقديم معلومات واضحة و دقيقة عن المنتجات والخدمات التي يقدمونها، بما في ذلك الأسعار والمواصفات والشروط. هذا يساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات مستنيرة عند الشراء.
3. منع الغش والاحتيال: يسعى القانون إلى منع أي شكل من أشكال الغش أو الاحتيال الذي يمكن أن يؤثر على حقوق المستهلكين. ويتضمن ذلك ضمان أن تكون المنتجات والخدمات المطروحة في السوق مطابقة للمواصفات والمعايير المعتمدة.
4. توفير سبل الانتصاف: يضمن القانون للمستهلكين الحق في التعويض واستعادة حقوقهم في حال تعرضهم لأي تجاوزات أو ممارسات غير عادلة من قبل الموردين.
5. تعزيز المنافسة العادلة: من خلال حماية حقوق المستهلكين، يسهم القانون في تعزيز المنافسة العادلة بين الشركات، مما يؤدي إلى تحسين جودة المنتجات والخدمات المقدمة في السوق.
6. تعزيز الثقة في السوق: من خلال تطبيق قوانين حماية المستهلك بفعالية، تزداد ثقة المستهلكين في السوق، مما يعزز من النشاط الاقتصادي ويشجع على الاستثمار والنمو.
بهذا الصدد، يتضح أن قوانين حماية المستهلك ليست مجرد نصوص قانونية، بل هي أدوات لتحقيق العدالة والشفافية في السوق وضمان حقوق جميع الأطراف المتعاملة.
3-نصوص القانون رقم 181 لسنة 2018 بشأن إصدار قانون حماية المستهلك
تنص المادة رقم 15 من القانون (الباب الثاني: التزامات المورد والمعلن :: الفصل الأول: الالتزامات العامة) على انه :-
1- لا يجوز الإعلان عن حجز وحدات عقارية، أو التعاقد على بيعها، أو بيع الأراضي المعدة للبناء، أو تقسيمها، إلا بعد الحصول على ترخيص بالبناء وفقا لأحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008
2- ولا يجوز أن يتضمن التعاقد أي شرط بتقاضي البائع أو خلفه نسبة أو رسوما أو عمولة من ثمن تصرف المشتري في الوحدة العقارية، أو مقابل هذا التصرف.
ويقع باطلا كل شرط يخالف ذلك.
و تعاقب المادة 66من ذات القانون على أنه ” يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أو مثلي قيمة المنتج محل المخالفة أيهما أكبر، كل مورد خالف أحكام أي من المواد: (9، 13، 15/ فقرة أولى، 32، 34، 56/ فقرة ثانية) من هذا القانون.
4- تفسير نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر
1- وضوح النص :- النص في الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر واضح وصريح في تحديد أنه لا يجوز الإعلان عن حجز وحدات عقارية أو التعاقد على بيعها أو بيع الأراضي المعدة للبناء أو تقسيمها، إلا بعد الحصول على ترخيص بالبناء وفقًا لأحكام قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008.
2- التفسير المنطقي للنص :- يعتمد على حماية المستهلكين من أي ممارسات تجارية غير عادلة أو مضللة، وضمان الشفافية في التعاملات العقارية. النص يسعى إلى منع الإعلانات الكاذبة وتضليل المشترين وضمان توفير المعلومات الصحيحة حول العقارات.
3- الهدف من النص :- هو حماية المستهلكين وضمان العدالة في التعاملات العقارية. النص يسعى إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في سوق العقارات وضمان حقوق المستهلكين من خلال تنظيم الإعلانات والتعاقدات العقارية.
4- العلة التشريعية من صياغه النص :- تكمن في ضرورة تنظيم سوق العقارات ومنع الإعلانات الكاذبة وتضليل المشترين. القانون يهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة وضمان التزام الموردين بالشروط القانونية.
5- المعنى الظاهري للنص:- يشير بوضوح إلى حظر الإعلان أو التعاقد على بيع العقارات دون ترخيص بالبناء، وكذلك بطلان أي شرط يتضمن تقاضي البائع نسبة من ثمن تصرف المشتري. المعنى الضمني يعكس أهمية الشفافية والنزاهة في التعاملات العقارية وحماية حقوق المستهلكين.
6- النص يحقق مبدأ العدل والإنصاف:- من خلال ضمان حقوق المستهلكين وحمايتهم من الممارسات التجارية غير العادلة. القانون يعزز من العدالة في سوق العقارات من خلال فرض الشفافية والالتزام بالشروط القانونية.
7- النص يتسق مع باقي نصوص قانون حماية المستهلك :-التي تهدف إلى حماية حقوق المستهلكين وتعزيز الشفافية والنزاهة في السوق. القانون يتكامل مع الأحكام الأخرى لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق المستهلكين في جميع التعاملات التجارية.
5- العقاب على مخالفه نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشر
1- وضوح النص :- النص واضح في تحديد العقوبات المفروضة على الموردين الذين يخالفون أحكام المواد المذكورة من قانون حماية المستهلك. يعاقب المورد بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مليوني جنيه، أو مثلي قيمة المنتج محل المخالفة أيهما أكبر. هذا يوضح بشكل دقيق الإجراءات التأديبية لمخالفة القانون.
2- التفسير المنطقي للنص:- يعتمد على ضرورة ردع الموردين عن مخالفة أحكام القانون من خلال فرض عقوبات صارمة. النص يهدف إلى تحقيق الالتزام الكامل بالقوانين والتشريعات التي تحمي حقوق المستهلكين وتضمن النزاهة في السوق.
3- الهدف من النص :- هو ضمان تطبيق أحكام قانون حماية المستهلك بشكل فعّال وحماية حقوق المستهلكين. النص يسعى إلى فرض عقوبات رادعة تمنع الموردين من مخالفة القانون، وبالتالي تعزيز النزاهة والشفافية في التعاملات التجارية.
4- السياق القانوني للنص :- يعكس الحاجة إلى حماية حقوق المستهلكين وضمان الالتزام بالقوانين والمعايير المعتمدة. على الصعيد الاجتماعي، يعزز النص الثقة بين المستهلكين والموردين ويضمن تحقيق العدالة في التعاملات التجارية.
5- العلة التشريعية من صياغه النص :- تكمن في ضرورة توفير الحماية الفعالة للمستهلكين من أي ممارسات تجارية غير عادلة أو مضللة. القانون يهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في السوق من خلال فرض عقوبات رادعة على المخالفين.
6- المعنى الظاهري للنص:- يشير بوضوح إلى العقوبات المفروضة على الموردين الذين يخالفون أحكام القانون. المعنى الضمني يعكس الأهمية الكبيرة للالتزام بالقوانين واللوائح المعمول بها لضمان حماية حقوق المستهلكين.
6- قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2184 لسنه 2022 المتعلق بضوابط بيع وحدات مشروعات التطوير العقاري لضمان حقوق المشترين
تنص الفقرة الاولى من المادة الثالثة من القرار على انه ” لا يجوز الاعلان عن بيع وحدات باي مشروع قبل الحصول على القرار الوزاري باعتماد المخطط العام وكذلك القرار الوزاري تفصيلي للمرحلة المراد لإعلان عنها ”
1- وضوح النص :- النص واضح وصريح في تحديد أنه لا يجوز الإعلان عن بيع وحدات بأي مشروع قبل الحصول على القرار الوزاري باعتماد المخطط العام وكذلك القرار الوزاري التفصيلي للمرحلة المراد الإعلان عنها. هذا الشرط يضمن التزام المطورين بالحصول على الموافقات اللازمة قبل البدء في عمليات البيع والإعلان.
2- التفسير المنطقي للنص :- يعتمد على ضرورة حماية حقوق المشترين وضمان عدم تعرضهم لأي ممارسات تجارية غير عادلة أو مضللة. النص يهدف إلى ضمان الشفافية في التعاملات العقارية والتأكد من جاهزية المشروع قبل بيعه للمشترين.
3- الهدف من النص هو :-حماية حقوق المشترين وضمان العدالة في التعاملات العقارية. النص يسعى إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في سوق العقارات من خلال فرض شروط واضحة للإعلان عن بيع الوحدات.
4- السياق القانوني للنص :- يعكس الحاجة إلى تنظيم سوق العقارات في مصر ومنع أي ممارسات تجارية مضللة. على الصعيد الاجتماعي، يعزز النص الثقة بين المشترين والمطورين ويضمن حماية حقوق المشترين في الحصول على معلومات صحيحة وشفافة.
5- القصد التشريعي من صياغة هذه المادة هو :-حماية حقوق المشترين في سوق العقارات وضمان شفافية الإعلانات والتعاقدات. المشرع يسعى إلى منع أي ممارسات تجارية غير عادلة أو مضللة وحماية المشترين من الاستغلال.
6- العلة التشريعية من صياغه النص :- تكمن في ضرورة تنظيم سوق العقارات ومنع الإعلانات الكاذبة وتضليل المشترين. القانون يهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة وضمان التزام المطورين بالشروط القانونية.
7- بناءاً عليه
لا يحق للمطور العقاري الاعلان عن بيع وحدات باي مشروع قبل الحصول على القرار الوزاري باعتماد المخطط العام وكذلك القرار الوزاري تفصيلي للمرحلة المراد لإعلان عنها…… لتجريم هذا الامر و بطلانه في يصح إطلاقاً اجراء أية تصرفات بالمخالفة لأحكام أي نص عقابي
5- إذا كان تصرف المطور العقاري مجرم طبقاً لنص المادة 66 من قانون حماية المستهلك …فهل يجوز الاتفاق على ما يخالف النص العقابي
تُعد النصوص العقابية جزءًا أساسيًا من النظام القانوني لأي دولة، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة وحماية المجتمع من الأفعال الإجرامية. تُحدد هذه النصوص الأفعال التي تُعتبر جرائم والعقوبات المترتبة عليها. ومن هنا يثور السؤال: هل يصح إجراء أي تصرفات بالمخالفة لأحكام أي نص عقابي، أو الاتفاق على ما يخالف هذا النص العقابي؟
1- النصوص العقابية تُحدد الأفعال المُجرّمة وتُحدد العقوبات المناسبة لها. هذه النصوص تُعتبر قاعدة أساسية للتنظيم الاجتماعي والقانوني، حيث يُفترض أن يلتزم بها جميع الأفراد والجماعات دون استثناء. تُعتبر هذه النصوص إلزامية ومن ثمّ لا يُسمح بأي تصرف يُخالفها أو يتجاوزها.
2- مبدأ الشرعية الجنائية يُعتبر أحد المبادئ الأساسية في القانون الجنائي، ويُعبّر عن أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني. هذا المبدأ يعزز حماية الأفراد من التجاوزات والممارسات التعسفية، حيث يضمن أن العقوبات تُطبق فقط على الأفعال التي نص عليها القانون بشكل واضح ومحدد.
3- لا يجوز بأي حال من الأحوال الاتفاق على ما يخالف النصوص العقابية. يُعتبر هذا الاتفاق باطلًا بطلانًا مطلقًا، حيث يتنافى مع النظام العام والأخلاق العامة. أي اتفاق يتضمن مخالفة للنصوص العقابية يُعد باطلًا بحكم القانون، ولا يُترتب عليه أي أثر قانوني.