هل يجوز للزوج اتهام الزوجة بالسرقة أو العكس؟
كتب: أشرف زهران
أصدرت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر، في نوفمبر الماضي حكماَ فريداَ من نوعه، بحبس زوجة وشقيقها سنة مع الشغل والنفاذ لاتهامهما بسرقة الزوج، حيث رسخت فيه المحكمة لعدة مبادئ قضائية بشأن علاقة الزوج بزوجته، قالت فيه: “استغلال الزوجة عدم غياب زوجها والاستيلاء على الأوراق والمستندات والأموال ينطبق عليها جريمة السرقة”.
ومسألة سرقة الزوجة لزوجها أو العكس من المسائل المجتمعية الشائكة، فقد طُرح وتردد في الآونة الأخيرة العديد من التساؤلات حول مصطلح – سرقة الزوجة لزوجها – وحول تعريف المصطلح أيضًا، فهل هو سرقة أم أخذ الزوجة المال من زوجها دون علمه؟ وتزايدت علامات الاستفهام حول تجريم هذا الفعل تشريعيًا أم تحريمه شرعيا.
هل يجوز للزوج اتهام الزوجة بالسرقة أو العكس؟
في التقرير التالي، نوضح إشكالية اتهام الزوج زوجته بالسرقة أو العكس، وهل يجوز أن يُبلغ الزوج عن زوجته فور إثباته أنها أخذت من ماله دون علمه، ومتى يُبيح الشرع سرقة الزوج لزوجها؟ خاصة أن القانون والشريعة الإسلامية تعترف بمبدأ استقلال الذمة المالية للزوجين بمعنى أن الزوج والزوج أموال كل منهما ملك خالص لكل منهما ولا يجوز لأحد الأزواج الجور على أموال الآخر إلا بحق شرعي أو قانوني.
فى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض محمود البدو/ أنه في حالة حدوث سرقة من أحد الأزواج للآخر على هذا المبدأ – استقلال الذمة المالية للزوجين – فإن الطرف الجاني يكون متهما بالسرقة، ولكن هناك قيدا على تلك السرقة في أن لابد من تقوم على شكوى من المجني عليه بمعنى أن تم ضبطت الزوجة في حالة تلبس بسرقة أموال زوجها لا تقام الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى زوجها أو العكس، وكذلك أنه يجوز التنازل عن تلك الشكوى في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو بعد صدور حكم نهائي.
المشرع أجاز اتهام كلا الطرفين للأخر بالسرقة
ووفقا لـ”البدوى” في تصريحات له أن مسألة حق تحريك الدعوى الجنائية بين الأزواج يكون قائم بشكل فعلى وأن أهم وأشهر تلك الأحوال هو سرقة الزوجة للمنقولات الزوجية والتي يكون المسئول عنها الزوج بموجب قائمة المنقولات وعليه فإن الزوج مجبر على عمل محضر وإثبات سرقة الزوجة للمنقولات الزوجية وإلا سيكون هو محبوس بتبديد قائمة المنقولات الزوجية وعليه فإن النيابة العامة ستحقق في وشكوى الزوج بالسرقة للمنقَولات وإن ثبت ذلك بسرقتها المنقولات فتقدم للمحاكمة الجنائية.
ويُضيف “البدوى” – عرف قانون العقوبات السرقة فى المادة “311 ” منه بأن كل من اختلس منقولا مملوكا لغيره فهو سارق، بينما نصت المادة 312 على: “لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناءً على طلب المجني عليه، وللمجنى عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها، كما له أن يُقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء، ونصت المادة 313 على: “يعاقب بالسجن المؤبد من وقعت منه سرقة مع اجتماع الخمسة شروط الآتية:
1-أن تكون هذه السرقة حصلت ليلاً.
2-أن تكون السرقة واقعة من شخصين فأكثر.
3-أن يوجد مع السارقين أو مع واحد منهم أسلحة ظاهرة أو مخبأة.
4-أن يكون السارقون قد دخلوا داراً أو منزلاً أو أودة أو ملحقاتها مسكونة أو معدة للسكنى بواسطة تسور جدار أو كسر باب ونحوه أو استعمال مفاتيح مصطنعة أو بواسطة التزيي بزي أحد الضباط أو موظف عمومي أو إبراز أمر مزور مدعى صدوره من طرف الحكومة.
5-أن يفعلوا الجناية المذكورة بطريقة الإكراه أو التهديد باستعمال أسلحتهم.
ونصت أيضا المادة 314، أنه يعاقب بالسجن المشدد من ارتكب سرقة بإكراه فإذا ترك الإكراه أثر جروح تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
المشرع اشترط تقديم الشكوى من المجنى عليه بشخصه
من ناحية أخرى – يؤكد ياسر سيد أحمد الخبير القانوني والمحامى بالنقض، أن مسألة اتهام الزوج والزوجة لبعضهم البعض بالسرقة به فجوة بين القانون والواقع، لأن فى بعض الحالات التى تحدث فيها سرقة فعلية من زوجة لزوجها بل الكثير منها تحفظ الشكوى – محضر الشرطة – أو تأخذ إلا وجه لإقامة الدعوى من جهة النيابة، ولكن فى بعض الحلات الأخرى ما يكتمل الامر ولا تحفظ الشكوى وتحال الى محكمة الجنح لتنظر محكمة الموضوع فى الأمر وتصدر حكمها تجاه الجانى.
وبحسب “احمد” في تصريح خاص – لكن إذا نظرنا الى القانون نجد أن السرقة بين الازواج لها تأصيل تختص به المادة 312 من قانون العقوبات المصرى حيث تنص على أنه “لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضرار بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجنى عليه، وللمجني عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها، كما له أن يقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء”.
ونجد أن الأمر هنا فيه اختلاف عن أى نوع من أنواع جرائم السرقة الأخرى فلا تصالح فى جريمة السرقة بين المجنى عليه وبين الجاني، وذلك على عكس جريمة السرقة المنصوص عليها بالمادة المذكورة موضوع الحديث، فيجوز فيها التصالح فى أي حال كانت علية الدعوى بل وبعد الحكم ايضا يوقف التنفيذ بناء على طلب المجنى عليه، ومن الواضح بيانه أن هناك سرقة بين الأزواج ويستطيع كلاهم تقديم شكوى إلى قسم الشرطة – عمل محضر سرقة – ضد الآخر إذا وقعت جريمة سرقة بالفعل، ولقاضى الموضوع سلطة تقديرية فى الحكم بالعقوبة فى آخر الأمر – الكلام لـ”أحمد”.
من الناحية الفقهية
أما من الناحية الفقهية – يقول محمد على الفقى، الخبير القانوني والشرعي فى قوانين الأسرة، أن تفتيش المرأة لزوجها حرام شرعًا، ولابد من صدور تشريعات تُجرم هذه الواقعة، مشيرًا إلى إن الرسول نهى عن سرقة الزوجة لزوجها، كما إنه لا يجوز الشك بين الزوج وزوجته إلا إذا كان هناك بينة أو واقعة سابقة أدانة فيها المرأة، مستنكرًا تفتيش الزوجة لهاتف زوجها.
وبحسب “الفقى” في تصريح خاص – فإن كل رجل أمين على أهله في كل شيء سواء الأكل، أو المأوى، أو مصاريف المعيشة اليومية، وكل زوجة أمينة على زوجها فلا يجوز أن تسرق الزوجة بيتها، أو تخرج مالًا دون علم الزوج، مشددًا على أنه من حق الزوجة التصرف في مال زوجها قبل استئذانه فى حالة الضرورة العاجلة للإنفاق شرط أن يكون فيما يخص المنزل.
وقضية سرقة الزوجة لزوجها تمثل قضايا شرعية وفقهيه وليس تشريعية، وتحويل مثل هذه القضية إلى قضايا جنائية لا يليق بالمجتمع المصري ولا حتى الإسلامي، وإذا ثبت الزوج سرقة زوجته له فعليه أن يعالج الأمر فيما بينهما، بحكمة وعقلانية، وإذا لم تفلح هذه المحاولة عليه إشراك طرف من عائلتها، وإذا فشلت عليهما الانفصال فيما بينهم دون الإضرار بسمعة بعضهما البعض.
المصدر: موقع اليوم السابع