هل يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة نهائية من محكمة أول درجة؟
بقلم:محمد فتحي المهدي المحامي
طبقا للأصل العام أنه لا يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية. من محكمة أول درجة؛ و لكن استثناءات من الأصل العام وضع قانون المرافعات في مادتيه 221 و 222 ضوابط لهذا الاستثناء حيث نصت المادة 221 على (( جوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، أو وقوع بطلان في الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر في الحكم)).
و نصت المادة 222 على (( ويجوز أيضا استئناف جميع الأحكام الصادرة في حـدود النصاب الانتهائية إذا كان الحكم صادراً على خلاف حكم سابق لم يحـز قوة الأمر المقضي)).
طبقا لهذه النصوص توجد أحكام نهائية والأصل فيها أنها تكـون غيـر
قابلة للاستئناف ورغم ذلك فإن المشرع يفتح باب الطعن فيها بالاستئناف
استثناء من هذا الأصل العام وذلك لتوافر علة معينة في كل حالة من هذه الحالات وهذه الحالات هي الأحكام الباطلة أو المبنية علـي إجـراءات باطلة أو الصادرة بالمخالفة لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العـام وأخيرا الحكم المخالف لحكم آخر لم يحز قوة الأمر المقـضي.
وهو ما أيدته أحكام محكمة النقض حيث جاء بها (( المقرر ـــ في قضاء محكمة النقض ــــ أن مفاد نص المادة 221 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 أنه يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب توافر إحدى الحالات الواردة على سبيل الحصر ومنها مخالفة الحكم قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام , واشترط المشرع لقبول الاستئناف في هذه الحالة أن يودع المستأنف خزينة المحكمة الاستئنافية عند تقديم صحيفة الاستئناف أو خلال ميعاد الاستئناف الكفالة المنصوص عليها في هذه المادة , وهو إجراء جوهري لازم لقبول الاستئناف استهدف منه المشرع تضييق نطاق الرخصة الاستثنائية التي يتيحها النص حتى لا يقدم على هذه الرخصة إلا من هو جاد .))
(الطعن رقم 17877 لسنة 85 جلسة 2017/05/03).
و أيضا ما جاء بمبادئ محكمة النقض حيث جاء بها (( لما كان النص فى المادة 222 مرافعات قد تضمن – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حكمين متمايزين أولهما جواز استئناف الأحكام الانتهائية الصادرة على خلاف حكم سابق لم يحز قوة الأمر المقضي، والأمر الثاني والأهم، أن محكمة الاستئناف لا تتقيد في النزاع المطروح عليها بحجية أحكام محكمة الدرجة الأولى الصادرة على خلاف الحكم المستأنف ما لم تكن قد حازت قوة الأمر المقضي قبل رفع الاستئناف، فاستئناف حكم يطرح على محكمة الاستئناف الحكم المخالف له لتنظر فى الحكمين معاً وتؤيد أيهما رأته حقاً دون أن تتقيد بالحكم الذي لم يستأنف، إلا إذا كان قد حاز قوة الأمر المقضي قبل رفع الاستئناف. فاعتبار الحكم المخالف للحكم المستأنف مستأنفاً بقوة القانون لا يسري فقط على حالة جواز استئناف الأحكام الانتهائية الصادرة على خلاف حكم سابق وإنما يسري أيضاً- من باب أولى- على الأحكام القابلة للاستئناف بطبيعتها لاتحاد العلة، وهي منع تقطيع أوصال المسألة الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم سدا لأي ذريعة قد تؤدي إلى قيام تناقض الأحكام فيهتز مفهوم العدالة وتعصف بالثقة العامة فى القضاء. وهى غاية جعلها المشرع فى الذروة لتعلو ما عداها من الاعتبارات المتعلقة بالنظام العام وهو ما دفع المشرع ليسمح في المادة 123 وما بعدها بإبداء الطلبات العارضة ولو على حساب قواعد الاختصاص القيمي أو النوعي المتعلقة بالنظام العام، كما منع فى المادة 212 الطعن في الأحكام الصادرة قبل الحكم المنهي للخصومة كلها – حتى ولو أختلف أطراف الخصومة – أو تباينت الطلبات وأسبابها، كما استثنى في المادة 218 بعض الدعاوى من نسبية أثر الطعن فيستفيد من لم يطعن على الحكم، واستثني نفس الدعاوى من حق الخصوم في تحديد نطاق خصومتهم وأطرافها، وأجاز في المادة 249 الطعن بالنقض في أحكام لا يجوز الطعن عليها حسب القواعد العامة حتى ولو كان الحكم السابق لم يطرح على محكمة الموضوع…….))
(الطعن رقم 1532 لسنة 68 جلسة 1999/10/04 س 50 ع 2 ص 1019 ق 199).
أما بالنسبة للأحكام الصادرة بدعاوي الحبس لما كان الأصل و المقرر أن أحكام الحبس الصادرة في دعاوي النفقات تكون انتهائية و ذلك وفقا لما جاء بنص المادة التاسعة البند التاسع منها من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠ حيث نصت علي (( دعاوى الحبس لامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ أحكام النفقات وما في حكمها ويكــون الحكم في ذلك نهائيا )).
ووفقا لصريح نص المادة التاسعة فنجد أن أحكام الحبس تكون أحكام انتهائية و لا يجوز استئناف تلك الأحكام، ولكن هناك استثناءات يمكن أن نجده لاستئناف تلك الأحكام و هو ما جاء بالمادة ٢٢١ من قانون المرافعات و التي تنص علي
(( يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو وقوع بطلان فى الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم …))
ويسري علي تلك الأحكام حالات البطلان السابق ذكرها .