سلوكيات (٤ – ٤)
ماهر الحريري
يلملم أيامه الباقيات، ويستعد للرحيل، فكم سعدنا به ذلك الشهر الكريم بين روحانيات بالنفس ترتقي، وكذا اجتماعات ولقاءات لموائد تضم من الأحبة الكثير والكثير، والله أدعو أن تسمو أنفسنا سمو الروح الطهور من كل ذنب، وتصفو علاقتنا صفاء السماء.
بدأنا نتحرر من أي غيم، وما زال يشغلنا ما على مواقع التواصل يدور، تستوقفنا حالات مرض وضوابط قيد. وبين ذلك وذاك، أصوات تعلو ترجمة لمشاعر إنسانية بعضها يتوافق وصحيح قانون المحاماة، ومعظمها بغير وعي لقواعده تستنكر، وربما تغضب تضامنا مع نفس مرضت، وتبقى أموال المحامين في مهب الريح بين حفاظ عليها، وربما إهدار لها.
فعندما تختلط على البعض الأمور، لا بد من وقفة تعود فيها الأمور لنصابها الصحيح وفق قواعد قانونية، وضوابط سلوكيات ستحقق التطبيق دون تجاوزات، بعيدا عن الظلم والمجاملات، يكفل فيها صندوق الرعاية الصحية للمحامين وأسرهم، طبقا لقواعد موحدة تقررها
لائحته التنفيذية، توفير الرعاية الصحية على مستوى النقابات الفرعية، طبقا لاعتمادات سنوية تخصص لكل منها في الموازنة التقديرية، لا يستفيد منا إلا من تفرغ بالفعل للمحاماة. وعلم اليقين، أعلم أنه كثيراً ما يباغتنا المرض بغير استعداد مادي. ولعل الأسباب كثيرة، ربما لعدم سداد اشتراكات سنوية نظمها قانون المحاماة، وربما رفضا للدخول تحت قواعد المنظومة العلاجية لنقابة المحامين. ومع مثل هذه الحالات، يتضامن البعض تضامناً تحكمه وفقط مشاعر إنسانية، فلنقي باللوم على نقيب عام، وربما مجلس بأكمله، ونكيل لهم الاتهامات، وتتجاهل في ذلك قانون المحاماة وقواعده، فنتناسي قواعد سنوية لسداد الاشتراكات، وضوابط موضوعية لتلك المنظومة العلاجية، يترتب على مخالفته زوال لصفة محام، أو حرمان من الاستفادة من مشروع العلاج.
فعندما يتعاطف النقيب، ومعه الأعضاء هؤلاء، يكون الجميع قد ارتكب بالفعل مخالفة قانونية يجرمها قانون المحاماة، يترتب عليها الإهدار الفعلي لأموال المحامين، ولا يستقيم بذلك عدل في ظل موارد محدودة لنقابة المحامين، فيستوي بذلك الملتزمون لسداد الاشتراكات، والمزاولون الفعليون لمهنة المحاماة مع غيرهم ممن فرطوا في حقوقهم، وابتعدوا عن مهنة المحاماة وذلك أشبه بمحام أعد صحيفة دعواه، وسدد رسومه القضائية، وأمام المحاكم حضر وترافع، فبذل جهدا، ووظف فكرا ليأتي غيره ويقبض هو الأتعاب.
فبالله عليكم، هل تستقيم بذلك الأمور ليصبح هذا هو العدل المنشود لنتخذ من ذلك مبررا لمهاجمة مجلس ونقيب ربما سعوا لتطبيق صحيح القانون؟