نقيب المحامين يشرح موضوعين قانونيين عبر بثٍ مباشر.. ويؤكد: المحاماة رسالة عظيمة وفن بالغ الرقي (فيديو)
كتب: محمد علاء
تصوير: إبراهيم الدالي – أحمد سمير
مونتاج: سعد البحيري
استأنف نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، خلال حديثه اليومي، تناوله لجرائم الشيك، إضافة للحديث عن مدى جواز الأخذ بما يسمى مجازًا باعترافات متهم على أخر وضوابطه، وذلك عبر بثٍ مباشر له اليوم الخميس، من مكتبه بالنقابة العامة.
واستهل نقيب المحامين كلمته قائلًا: «استئنافًا لحديثنا بالأمس عما يثيره الشيك من قضايا، نتابع الحديث بشأن قبول وعدم قبول الدعوى التي ترفع بالادعاء المباشر والتي نسميها اختصارًا الجنحة المباشرة، فالمحكمة الجنائية غير مختصة بالدعوى المدنية هذا هو الأصل، ولكن فيما يتصل بالادعاء المدني في الجنحة المباشرة يحل ولو شكلًا محل سلطة الاتهام ولكن لا يعني أنه صار سلطة الاتهام لأنها اختصاص النيابة العامة، لذا يجب في الجنحة المباشرة اختصام وكيل النيابة المختص كي ما يباشر هو الدعوى الجنائية».
وأضاف: «رفع الدعوى المباشرة -استثناء من القواعد العامة- وكي تقبل يجب أن تكون مرفوعة من زي صفة، وأن يكون هناك ضررًا مباشر عن الجريمة ترتب عنه حقوق له، وخلاف ذلك سترفض الدعوى المدنية وبالتالي ترفض الدعوى الجنائية، الدعوى الجنائية تذهب محمولة على الدعوى المدنية، لذا قبول الدعوى الجنائية يشترط قبول الدعوى المدنية، وحال رفضها يبقى الحق في تحريك الدعوى الجنائية قائمًا لأن الحكم بعدم القبول لا يفصل في موضوع الدعوى».
وعن موضوع تظهير الشيك، أكد نقيب المحامين، على ضرورة الاستيثاق قبل رفع الجنحة المباشرة أن التظهير ليس توكيلًا وإنما ناقلًا للملكية، موضحًا أن التظهير التوكيلي على سبيل المقال كتظهير الشيك لأحد العاملين في مكتبه لصرفه وفي هذه الحالة لا يكون صاحب صفة في رفع الدعوى المباشرة، أما التظهير الناقل للملكية يتيح لصاحبه أن يرفع الدعوى المباشرة باعتباره صاحب صفة إذا ما تصادف أن الشيك بلا رصيد أو بلا رصيد كافي للسحب، لأنه قد أصيب بضرر مباشر عن هذه الجريمة.
وشدد نقيب المحامين، على ضرورة التفريق بين موضوع الدعوى ووقائعها وأحوالها وحكم القانون فيها، وسياسة الدعوى التي تعني هل سأقيم الدعوى الشيك بالادعاء المباشر أم بشكوى إلى النيابة العامة؟؛ والاختيار بين الطريقين ليس عشوائيًا، مدللًا بأمثلة لتوضيح الأمر.
وذكر النقيب العام، أن الدعوى التي تحتاج إلى دليل أو بعض الأدلة لا يجازف برفعها بطريق الادعاء المباشر لأن القاضي سيكون ضيق الصدر فالادعاء المباشر ليس الطريقة المثلى لرفع الدعاوى إلى المحاكم الجنائية، وعندما يطالب القاضي بتحقيق وإثبات أدلة سيجد المحامي المجال ضيقًا وبالتالي قد لا ينجح في مسعاه.
وتابع: «يكون الطريق الأمثل التوجه إلى النيابة العامة بشكوى لأنها ستتحقق قبل أن تحيل الدعوى أو تحفظها، فهي مسئولة عن الاستيثاق من أن التهمة لها نصيب من الأدلة المثبتة لها، وعندما تحفظ الشكوى يتوجب عليها أن تبرر القرار لأنه في حقيقته أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ويخضع لرقابة السلطة الأعلى».
وأفاد نقيب المحامين: «حال إعطاء المدين شيكات بـ 3 مليون جنيه على سبيل المثال، لا يجب التوجه إلى الدعوى المباشرة لأنه من الضروري السيطرة على الجاني وحال إقامتها لا يمنع من السفر ويكون حرا طليقًا ويرسل محامي بتوكيل يحضر عنه الجلسات فلا يتم وضعه تحت ضغط، ولكن حينما تتقدم ببلاغ جدي للنيابة العامة وتملك مستنداته بأن شخص حرر شيكات قيمتها عدة ملايين يمكنك أن تطالب من النيابة بإصدار أمر بمنعه من السفر كي لا يهرب خارج البلاد نتيجة لارتفاع المديونية عليه، كما أنه سُيطلب سماع أقواله أمام النيابة العامة ويصاب بالقلق نتيجة الخوف من صدور قرار من النيابة العامة بحبسه احتياطيًا، مما يضع الجاني تحت ضغط».
وشدد نقيب المحامين، أن سياسة الدعوى من فنون المحاماة، ولكي تسوس الدعوى بشكل صحيح لا يكفيك أن تكون عالمًا بالقانون أو بالإجراءات وإنما تحتاج أن تكون متمرسًا لفنون المحاماة مما يمكنك من أن تسوس الدعوى سياسة صحيحة تؤدي إلى تحقيق المراد.
وعن متى يكون الشيك على سبيل الأمانة؟، ومتى الاستناد على ذلك؟، أوضح: «عندما تكون أمام القاضي ويكون دفاعك منصرف على تبرئة بريء تكون المهمة عليك وعلى القاضي أخف، لأنه يكفي القاضي أن يتشكك في الدليل أو يتشكك في قيام المسئولية لكي يقضي بالبراءة، إنما حال رفع دعوى مباشرة بخيانة الأمانة تضع القاضي أمام حمل أخر فكي ما يعطيك البراءة يجب أن يحكم على أخر بالإدانة والحبس، والحكم عليه يحتاج من القاضي إلى يقين، فتكون صعبت مهمة القاضي في أن يحكم لموكلك بالبراءة، فلا تجازف برفع دعوى مضادة بالنصب أو خيانة الأمانة ضد المستفيد بالشيك».
وأشار نقيب المحامين، إلى أن الشيك حينما يعطى للمستفيد لا يمكن أن يرد عليه عقد من عقود الأمانة، لأن مجرد إعطائه صار صالحًا للتعامل معه معاملة النقود، وصار من حق من أعطي الشيك أن يتقدم به للبنك، مردفًا: «الصورة التي يمكن أن يتحقق بها أن إعطاء الشيك على سبيل الضمان أن ركن الإعطاء لا يتحقق، بمعنى أن الشيك يحرر ولكنه يسلم لوديع أو أمين، ولا يجوز للوديع أو الأمين أن يعطيه للمستفيد إلا بناء على تحقق شرط منصوص عليه في اتفاق تعاقدي بين الأطراف»، مدللًا بمثال لإيضاح الأمر.
وذكر نقيب المحامين، أن البنوك تقع في خطأ بأنها تستوقع العميل الذي حصل على قرض على شيكات كضمان لسداد المديونية، ولكن من المهم أن يكون محررًا إلى جوار تسليم الشيكات إلى البنك اتفاق ثابت فيه أن إعطاء البنك هذه الشيكات ضمانًا لسداد المديونية أو قيمة التسهيل الائتماني الذي حصلت عليه، ويجب أن يكون للعميل نسخة من هذا العقد.
وأكمل: «هناك أمر استجد بقانون التجارة عام 1999، الذي تضمن أن التاريخ المؤجل على الشيك لا قيمة له، ويستطيع المستفيد بالشيك أن يتقدم به إلى البنك حتى وإن كان مستحق بعد عام ويكون البنك ملزم إما بصرفه أو بالإفادة، ولذا عليك أن تشور على موكلك في هذه الحالات بأن يخذ عليه تعهد كتابيًا بأن هذه الشيكات ذاكرًا أرقامها وتواريخ استحقاقها يتعين عليه ألا يقدم أحدها إلى البنك قبل تاريخ الاستحقاق المدون على الشيك، مقرونًا بشرط جزائي يتحمله المستفيد في هذا الصك الذي تأخذه عليه».
وعن مدى جواز الأخذ بالاعتراف متهم على متهم كما يطلق عليه البعض، نوه نقيب المحامين، إلى أن الاعتراف لا يكون إلا على النفس ولا يوجد شيء اسمه اعتراف متهم على أخر ولكنه تعبير مجازي، مكملًا: «وإنما هو في مقام الشهادة على هذا الغير بأنه كان شريكًا لي في الجريمة، ولا يجوز الاستناد إلى اعتراف المتهم حتى وإن تضمن غيره على سبيل الدليل بسبب أن قانون الإجراءات الجنائية استلزم حلف اليمين كي تكون الشهادة دليلًا، لذا كل ما أُدي بلا يمين قصاراه أن يأخذ على سبيل الاستدلال».
وتابع: «من حق المحكمة أن تطمئن إلى الأقوال ولكن باعتبارها استدلال وليست دليلًا لأن هذه الأقوال مبداه بغير يمين، والإبداء بيمين شرط أساسي كي ما تدرج الشهادة في باب الدليل وليس الاستدلال، كما أن المسئولية لا تقام إلا على أدلة ولا يجوز أن تقام على الاستدلالات وحدها ، فإذا لم يكن هناك دليل صار الاستدلال لا قيمة له في إثبات الإدانة».
وأختتم كلمته قائلًا: «المحاماة رسالة عظيمة وفن بالغ الرقي، والمحامي شعلة من العطاء والعلم والمعرفة والثقافة والفن، أتمنى لكم كل نجاح وتوفيق».