نقيب المحامين: أتحدث إليكم يوميًا في كافة الشئون المتعلقة برسالة المحاماة وتقاليدها وآدابها.. ويؤكد: المعرفة والقدرة على الإقناع عُدّة المحامي لأداء رسالته (فيديو)

كتب: محمد علاء

تصوير: إبراهيم الدالي – أحمد سمير

مونتاج: رضوى إيهاب

وجه نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، كلمة اليوم الثلاثاء، عبر بثٍ مباشر من مكتبه بالنقابة العامة، وذلك في أولى أحاديثه اليومية التي ستتناول شتى شئون رسالة المحاماة، ومبادئ وأحكام القانون، وإجراءات الدعاوى، وأوجه النقض في الأحكام، كما يتحدث فيه في مجالات الثقافة والفكر والآداب بعامة، وكافة العلوم الإنسانية التي تمثل عُدّة المحامي والمحاماة، وكل ما يعن للأساتذة المحامين معرفته والإحاطة به.

واستهل نقيب المحامين كلمته قائلًا: «زميلاتي وزملائي الأعزاء، استجابة لدعوة كريمة من الأستاذ إسلام الخولي في بثٍ له شاهدته اليوم صباحًا بالمصادفة، يطلب فيه أن أسخر نفسي لنقل ما عساه يكون لدي من علم إلى أبنائي شباب المحامين، وصادفت هذه الدعوة أساسًا ما حفر في نسيجي الشخصي وعبرت عنه طوال حياتي في المحاماة فقد تلقيتها بالترحاب».

وأشار: «أصدرت في عام 2008 كتاب رسالة المحاماة وكانت غايتي أن أحيط زملائي المحامين بشقين رئيسين، الأول فنون المحاماة: اللغة، الحضور، الأداء، الأمانة، صياغة العبارات، إلقاء المرافعات، الوكالة، والشق الثاني كان عن الحقائب التي تولاها المحامون على مدار أكثر من قرن من الزمان في رئاسة الدولة فالبعض لا يعلم أن محمد نجيب رحمه الله كان حاصلًا على إجازة الحقوق بل على أحد الدبلومين اللذين يتلوان الحصول على إجازة الحقوق، وأيضًا سكرتارية الأمم المتحدة فكان المرحوم بطرس غالي أول مصري وعربي يتولاها، ورؤساء الوزارات، والوزراء، ونواب رئيس الوزراء، ورؤساء مجالس النواب والشيوخ والشعب والشورى، فللمحامين تاريخ عريض في الحياة البرلمانية».

وذكر نقيب المحامين، أنه أراد بهذا أن يسترعى عناية زملائه وأبنائه أن المحاماة بعظمتها قدمت للوطن كل هذه الخدمات، ومنها نبغ ونبع كل هؤلاء أصحاب القامات والقيم الرفيعة، مضيفًا: «حينما بلغني أن زملائي يشترون مذكراتي من أمناء السر بمبالغ باهظة، طبعت وأطبع لهم من حصاد المحاماة وفيها حصاد ما كتبته على مدار العمر الطويل، وألزمت الناشر بأن يلتزم تقريبًا بسعر التكلفة مضافًا إليه هامش ضئيل له، وتنازلت عن كافة حقوق المؤلف، وهذه المجموعة طبع منها حتى الآن 25 مجلد، وجاري الآن طباعة المجلد 26، وبها حصاد خبرة السنين، ولكن الدعوة التي وجهها إليّ الأستاذ إسلام الخولي يتوجب عليّ أن ألبيها».

وأردف: «أستأذنكم في أنني سأتحدث إليكم يوميًا فيما عدا يوم الجمعة، في كافة الشئون المتعلقة برسالة المحاماة وتقاليدها وآدابها وعدتها، والعلوم والثقافات والمعارف التي ينبغي أن يتسلح بها المحامي والمحامية كي يكون له القيمة الواجبة لأداء هذه الرسالة، فالمحامي هو مغرد خارج السرب، لأن أساس رسالة المحاماة الإقناع، وهذا الإقناع ليس للنفس وإنما للغير وهذا يلزمه أسلحة متعددة، ولاسيما أن القاضي الجالس على المنصة قد يكون أكثر خبرة وأكبر عمرًا منه، لذا يجب أن يكون المحامي قادرًا إلى إحداث إقناعًا ما لدى القاضي قد يخالف ما عساه قد يكون قد استقر في عقيدته من القراءة الأولى للأوراق».

وأكد نقيب المحامين، أن هذه المهمة بالغة الصعوبة والعسر، وتتطلب من المحامي أن يكون صاحب علم وليس فقط بالقانون، وإنما المرافعة والمذكرة تقدم للمحكمة من نسيج يحيط بها من الآدب والعبارات والحجج والبراهين، وفنون الإلقاء في المرافعة الشفوية، فمتى يعلو المحامي بصوته ومتى ينخفض ومتى يهمس، ومتى يقترب من المنصة ومتى يبتعد، وكيف تنطق الكلمة وغيرها من مبادئ فنون الإلقاء، ومن يريد أن يتعلمها يعود لكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وربما الأيسر على زملائي وأبنائي المحامين الاطلاع على كتاب فن الإلقاء للأستاذ القدير عبد الوارث عسر، فكان أستاذًا في معهد الفنون المسرحية ومعهد السينما في فنون الإلقاء، وتتلمذ على يديه معظم الفنانين وعرفوا منه كيفية الإلقاء.

وذكر نقيب المحامين: «لعل الأداء في المحاماة أقرب إلى الإلقاء المسرحي ولكن ليس على إطلاقه، بل الإلقاء المسرحي الذي قد يتفق مع ظروف الجلسة والأجواء المحيطة بالمحامي والقضاة الذين يتلقون المرافعة، ويتكاتف في هذه المرافعة عوامل متعددة لا تقتصر على اللفظ والعبارة، وإنما يتساند معهما الإيماءات والإشارات فإن لهما دلالات تُعين على وصول العبارة لوجدان المتلقي وإقناعه بها، وهذا هو علم كبير وفن عظيم».

وأكمل: «أشبه المحامي بأنه يؤدي في المرافعة ما قد يكون أشبه بالمسرحية مع الفارق طبعًا، كما أنه يقوم بكافة الأدوار فيها، فهو مؤلف النص، وهو المخرج الذي يخرج كيفية إلقاء هذه المرافعة، وهو المؤدي الذي يؤديها، كما أن من يظن بأن المحاماة ظاهرة صوتية مخطأ، فمهمة المحامي الإقناعية هي أساس مشروعتيه، وعليه أن يتمكن من حيازة مجموعة عديدة متغايرة ومتباينة من المعارف والعلوم والثقافات إضافة إلى الموهبة التي تنمى بالمران والمداومة، وذلك من حصاد القراءة والمشاهدة والتجربة، فالفارق بين المحامي المتفطن وبين أحادي الناس أنه يتحرك في الحياة ولديه شوق إلى المعرفة».

وأوضح نقيب المحامين: «نحن في المحاماة نسعى في رحاب المحاكم ولا نعرف ماذا سوف نواجه، ولهذا فإن القدرة الناجمة عن حصيلة المعلومات والمعارف قيمة أساسية لمواجهة ما قد يعترضك في ساحة المحكمة، والقدرة على صياغة العبارة، والقدرة على طرح الحجة، وتوليد الفكرة من الفكرة والمعنى من المعنى، وتلك هي العدة الحقيقة للمحامي؛ لا يكون محاميًا إلا بها، ولا يكون محاميًا إلا بآدب المحاماة»، متابعا: «الآدب الذي يصوغ به العبارة والمرافعة والمذكرة، والأدب الذي يتعامل به في سلوكياته مع الناس ويمنعه من القذف والإهانة والشتم، فمن يملك الحجة لا يحتاج إلى السُباب».

ونوه نقيب المحامين: «الرحلة التي أنوي أن أقطعها معكم، أريد أن أقدم لكم فيها يوميًا ما يدور في ذهني ووجداني وقلبي من ثقافة ومعرفة، فأنا كتبت حتى الآن 109 كتاب وجاري طباعة 4 كتب أخرى، وأكتب 13 مقالًا في الأسبوع، وأتحدث بنفسي في إذاعة صوت العرب من خلال برنامج ديني اسمه مع الله يبث مرتين أسبوعيًا وأذيعت الحلقة 310 منه يوم السبت الماضي، فهذه الحياة نعمة ربانية كبيرة للغاية، إن خلت من الرسالة كانت والعدم سواء».

وشدد نقيب المحامين: «يجب على كل منا أن يعي أن حياته يجب أن تكون مكرسة للرسالة والقيام بها، ولأدائها يجب أن تكون مليء بالعلم والفكر والثقافة والحجة والمعرفة والحجة والبيان»، ذاكرًا أنه سوف يتحدث في القانون، وسبل الطعن، وأوجه الطعن في الأحكام، وطريقة البحث في مجموعات أحكام محكمة النقض التي تصدر منذ عام 1931 وهو تاريخ إنشاء المحكمة برئاسة المرحوم عبد العزيز باشا فهمي، والذي كتبت عنه في الأهرام 17 مقالًا، وهو ثاني نقيب للمحامين وقامة كبيرة للغاية، متحدثًا عن مجموعات أحكام النقض المختلفة بداية من مجموعة عمر، وقيمتها وكيفية البحث فيها.

وأنهى نقيب المحامين كلمته قائلا: «أعدكم بأنني ما بقيت حيًا قادرًا على العطاء سوف أتواصل معكم يوميًا، وستبقى هذه الأحاديث متاحة للزملاء على موقع النقابة العامة، وصفحته على فيسبوك».

زر الذهاب إلى الأعلى