من واقع عالم المحاماة (2)
بقلم: رءوف أحمد مصطفى
“منظومة التقاضي الإلكترونية في المحاكم” هل بات العمل بها ضرورة في إسراع عمل المنظومة القضائية المصرية وسرعة الفصل في الأحكام؟ أم يُنظر للأمر على أنه رفاهية أو درباً من دروب الخيال صعبة المنال؟ وما دور التشريع الجديد الخاص بالمحكمة الاقتصادية المصرية في فتح الطريق بعد ذلك أمام كافة المحاكم المصرية في هذا الشأن؟
لا يخفى على الكثير منا أهمية دور التشريع الوطني في مسألة إلزامية التماشي مع سرعة حركة التطور التكنولوجية الرهيبة والمرعبة التي تحدث في العالم، والتي إن لم تساير نظيراتها في القوانين المقارنة فإنه من المؤكد سيصيبها التأخر والجمود وسيعود ضرر ذلك بالطبع على مدى قوة وتأثيرقوانين الدولة في مواكبة ما يدور حولها من تجديد!
وبالنظر إلى التجارة الدولية والإستثمار، سنجد أن اتباع النظام الإلكتروني بات ضرورة ملحة وليس نوعاً من الرفاهية، بل أنه يعمل على الإسهام في تطوير وحماية الإقتصاد القومي للدولة بصفة عامة, وعلى قوة المنظومة القضائية بها بصفة خاصة.
فالتشريع الذي يستجيب لما حوله من تطور وتسارع في الحركة الإلكترونية المتجددة في العالم، والتي باتت هي الأساس في المجتمعات، سيحالفه بلا شك التوفيق في خدمة مجتمعه، وهناك بالتأكيد العديد من الأنظمة القضائية التي سارعت في تطبيق ذلك منذ مدة طويلة.
فمن منا الآن لا يملك حساب بريد إلكتروني (Email) وحساب على فيسبوك (Facebook) وكذلك حساب على واتساب (WhatsApp) على هاتفه المحمول، وغيرها من التطبيقات التي أصبحنا نتعامل من خلالها بشكل شبه يومي!
وفي خضم العمل في منظومتنا القضائية الذي لا تزال تعتمد على الأساليب اليدوية الورقية في عملية التقاضي ابتداءً من مرحلة قيد الدعوى عند قلم كتاب المحكمة، مروراً بإعلانها للخصم عن طريق المحضرين للحضور أمام القاضي في الجلسة، ووصولاً إلى آخر حلقاتها بصدور الحكم ثم الشروع في تنفيذه.
لكن، وفي وسط كل ذلك لفت نظري صدور تشريع غاية في الأهمية، كان قد صدر في العام الماضي، يستطيع أن يغير من أسلوب سير المنظومة القضائية برمتها رأساً على عقب، وهو: القانون رقم 146 لسنة 2019 بتعديل أحكام قانون إنشاء المحاكم الإقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008. الجريدة الرسمية العدد (31 مكرر و) بتاريخ 7 أغسطس 2019.
وبالإشارة إلى القانون سابق الذكر نجد أن المشرع نص في (المادة الخامسة) منه على:
يصدر وزير العدل، بالتنسيق مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، القرارات المنظمة للقيد في السجل المشار إليه في المادة (17) من القانون المرافق وتنظيم إقامة وسير الدعوى إلكترونياً وإعلانها وطرق حمايتها وربط المحاكم الاقتصادية إلكترونياً، وتلتزم الجهات ذات الصلة بتنفيذها.
وإليكم نص المادة (17) من ذات القانون:
مع عدم الإخلال بأحكام أي قانون آخر، يلتزم المخاطبون بأحكام هذا القانون بتحديد عنوان إلكتروني مختار يتم الإعلان من خلاله. ويُنشأ بالمحاكم الاقتصادية سجل إلكتروني موحد يخصص لقيد العنوان الإلكتروني المختار، ومنه البريد الإلكتروني الخاص بالجهات والأشخاص الآتية:
1. الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة.
2. الشركات المحلية والأجنبية أو أحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة.
3. مكاتب المحامين.
وتوافى الجهات والأشخاص المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة المحاكم الاقتصادية بعنوانها الإلكتروني المختار لقيده في ذلك السجل، كما يجوز للأشخاص الطبيعية القيد بهذا السجل، ويعد ذلك العنوان محلاً مختاراً لهم.
ومع ذلك، يكون لذوى الشأن الاتفاق على أن يتم الإعلان على أي عنوان إلكتروني مختار آخر، على أن يكون ذلك العنوان قابلاً لحفظه واستخراجه.
_ويهمني جداً أن أعرض لكم بعض المصطلحات الجديدة بشكلها المتطور بالمسمى الإلكتروني، والتي وردت في نص المادة (13) من هذا القانون الهام، القانون رقم 146 لسنة 2019 بتعديل أحكام قانون إنشاء المحاكم الإقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008.
مادة (13):
في تطبيق أحكام هذا القانون، يُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها:
السجل الإلكتروني:
السجل المعد إلكترونياً بالمحاكم الاقتصادية لقيد بيانات الأشخاص والجهات المنصوص عليها في المادة (17) من هذا القانون، ووسيلة التواصل معهم التي تمكن راغب الإعلان من إخطار الخصوم بالدعوى أو بالطلبات العارضة أو بالأحكام التمهيدية الصادرة فيها.
العنوان الإلكتروني المختار:
الموطن الذى يحدده الأشخاص والجهات المبينة بهذا القانون لإعلانهم بجميع إجراءات الدعاوى المقامة إلكترونياً، سواء تمثل في بريد إلكتروني خاص بهم أو رقم هاتف أو غيرها من الوسائل التكنولوجية.
الإيداع الإلكتروني:
وسيلة إقامة صحيفة الدعوى وقيدها، وكذا الطلبات العارضة والإدخال والتدخل، والتوقيع على صحفها توقيعاً إلكترونياً معتمداً وإيداع المستندات والمذكرات والتي تتم عبر الموقع المخصص لذلك بالمحكمة الاقتصادية المختصة.
الموقع الإلكتروني:
موقع خاص بالمحكمة الاقتصادية المختصة والمخصص لإقامة وقيد وإعلان الدعاوى إلكترونياً.
رفع المستندات إلكترونياً:
تحميل المستندات والمذكرات المقدمة من أطراف الدعوى على الموقع الإلكتروني للمحكمة الاقتصادية المختصة مع إمكانية حفظها واسترجاعها والاطلاع عليها ونسخها تمهيداً لإرفاقها بملف الدعوى.
المستند أو المحرر الإلكتروني:
رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل، كلياً أو جزئياً، بوسيلة إلكترونية أو رقمية أو ضوئية أو بغيرها من الوسائل المشابهة.
السداد الإلكتروني:
الوسيلة التي توفرها المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية لسداد جميع رسوم استخدام خدمة التقاضي الإلكتروني بالمحاكم الاقتصادية والرسوم القضائية والدمغات المقررة لإقامة الدعاوى، ومنها البطاقات المدفوعة مسبقاً (بطاقات السحب والائتمان)، والحوالات المصرفية.
الصورة المنسوخة:
الصورة المطبوعة من المحرر الإلكتروني التي تودع بملف الدعوى.
سير الدعوى إلكترونياً:
مباشرة إجراءات التقاضي المقررة قانوناً عبر الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض.
الإعلان الإلكتروني:
إعلان أطراف الدعوى بأي إجراء قانوني يُتخذ حال إقامتها وأثناء سيرها وذلك عبر الموقع الإلكتروني أو بالعنوان الإلكتروني المختار.
طرق حماية إقامة وسير الدعوى إلكترونياً:
إجراءات حماية مستندات الدعوى المقامة إلكترونياً والتي تهدف إلى تفادى تعديل أو تغيير أو تدمير ملفاتها، سواء تم ذلك عمداً أو بغير عمد.
الجهات ذات الصلة:
الجهات المعنية بتسيير منظومة التقاضي الإلكتروني بالمحاكم الاقتصادية، ومنها وزارة العدل، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والهيئة العامة للرقابة المالية، والبورصة المصرية، والبنك المركزي المصري، والسجل التجاري.
_ويمكنكم مطالعة باقي المواد المنظمة لآلية العمل الإلكتروني الصادرة في ذات القانون عبر الجريدة الرسمية العدد (31 مكرر و) بتاريخ 7 أغسطس 2019.
وذلك يوصلنا إلى أن هذا القانون الهام جداً، والذي بات يمثل نقلة نوعية، استطاع أن يدخل في خضم هذا المعترك صعب المنال! والذي دائماً ما كنا نتمناه وكنا نراه أقرب للمستحيل منه للممكن عند الحديث عن آلية إلكترونية تنظم عمل المحاكم بهذا الشكل المتطور، ويبدو أن متطلبات الإقتصاد والتحول الرقمي والمنهج الجديد الذي باتت تتبعه الدولة المصرية في السنوات الأخيرة في شتى المجالات والذي أظهر مدى إسهامه في سرعة إنجاز المعاملات بين الناس بصفة عامة، والذي أصبح أمراً ضرورياً لحل الكثير من المشكلات المعاصرة، والتي من أهمها القضاء على الروتين الحكومي وتعقد الإجراءات في ظل التوجه نحو منظومة “الحكومة الإلكترونية”.. وكذلك للإسهام في القضاء على مشاكل التكدس، وخصوصاً في وقتنا هذا الذي نعيش فيه في ظل الأزمة العالمية التي أصابت دول العالم “جائحة كورونا”.
فسرعة الفصل في الدعاوى التي تُنظر أمام المحاكم الإقتصادية نظراً لطبيعتها التجارية في الكثير منها أمر ضروري وذو أهمية بالغة، ولا تحتمل هذه النزاعات أبداً المعوقات، والتي بدورها تعمل على تأخير الفصل في مثل هذه الدعاوى على وجه الخصوص إن سار الفصل فيها بالأساليب التقليدية!
وبصدور هذا التشريع وتنظيمه لعمل المحاكم الاقتصادية المصرية، وضعت المنظومة القضائية المصرية أولى خطواتها في طريق التطور الإلكتروني، والذي لابد مع الوقت سيمتد أثره إلى كافة المحاكم المصرية العادية، فالأمر أصبح ضرورة حتمية.