من مغالطات التفاسير وأغراض السياسة (2)
نشر بجريدة المال الأربعاء 15/7/2020
بقلم: أ. رجائي عطية نقيب المحامين
على ما في كتاب بوش الجد الأعلى، من مغالطات آثرت لاعتبارات كثيرة أن أكفي القارئ عناء الاطلاع على ما فيه من غثاء وتهجم وقح على رسول القرآن عليه السلام، فإنه لم يكن كل ما كتبه هذا الجد الأعلى المجبول على كراهية الإسلام ورسولـه، فله كتابات أخرى في ذات السياق، أخطرها والأكثر كشفا عن مراده ومراد هذه الفلسفة الملبوسة.. كتابه الذي ترجمه للعربية أيضا وحققـه وعلق عليه الأستاذ العلامة الدكتور عبد الرحمـن عبد الله الشيخ.
صدرت طبعتـه الأولى بالإنجليزيــة فــي نيويورك سنــة (1844) بعنــــوان: The Vally of vision Or The Dry Bones of Israel revived أي «وادي الرؤيا: إحياء رميم عظام إسرائيل».. ترجمه ونشره الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ بعنوان: «وادي الرؤيا: في تفسير رؤيا حزقيال أو إحياء عظام بنى إسرائيل هل يتحول اليهود للمسيحية كشرط لعودة المسيح»؟!
في هذه الفقرة الأخيرة بالعنوان العربي، يتمحور غرض وهدف مؤلف الكتاب الذي يناهض فكره كثيرون من كتاب الغرب الأمريكي والأوروبي، وكذا البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في ندوة عقدت في نيويورك ناقض فيها هذا التفسير المغلوط لرؤيا حزقيال وغيرها من الرؤى، ونشرت في جريدة الأهرام في 26/8/2003.
في كتابه: «محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس إمبراطورية المسلمين» يتبنى جورج بوش الجد الأعلى، أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- هو «إنسان الخطية» الذي يظهر ويستعلى قبل المجيء الثاني للمسيح عليه السلام !، ويعتبر بوش «الارتداد» الذي يسبق هذا المجيء الثاني للمسيح هو انتشار الإسلام، ويعتبر جلوس «إنسان الخطية» في هيكل الله هو فتح المسلمين للشام وللقدس خاصة حيث الهيكل.. ويتوقع وطائفته الدينية عند بداية كل ألفية مجيء المسيح ثانية وعودة المسلمين إلى المسيحية ودخول اليهود في المسيحية!
تتضح أغراض جورج بوش الجد الأعلى، في ملاحق كتابه الأول «محمد مؤسس الدين الإسلامي والإمبراطورية الإسلامية» التي ضمت فيما ضمت تفسيره المغلوط الملبوس لرؤيا دانيال ورؤيا يوحنا اللاهوتي، كمـا تتجلي فـي كتابه الثاني: «وادي الرؤيا.. إحياء رميم عظام إسرائيل»، الذي ضم تفسير بوش الجد لرؤيا حزقيال، وهذا الكتاب من أبرز محطات الصهيونية الأمريكية الداعية إلى ضرورة العمل من أجل تجميع يهـود العالـم في فلسطين وتدمير «إمبراطورية السـارازان»!. و«السارازان» هو الاسم الذى كان يطلقه الصليبيون وأوربيو القرون الوسطى على العرب والمسلمين، وكان الرومان يطلقونه على بعض رعاياهم تحقيرًا لهم!
على أن هذا ليس كل أغراض بوش الجد الأعلى في ملاحق كتابه الأول، فالملحق الأول ملئ أيضًا بأغراض السياسة، وتسخير المغالطة في التفسير لخدمة هذه الأغراض، وعلى نحو ما سوف نراه !