من تراب الطريق (1216)

بقلم/ الأستاذ رجائي عطية نقيب المحامين

الإمام الطيب والقول الطيب (49)

نشر بجريدة المال الاثنين 8/11/2021

الأزهر الجامع والجامعة(2) 

 

يرى الإمام الطيب ، أن أهم المميزات التى انفرد بها الأزهر قديمًا وحديثًا ، فى نظام تدريس العلم جامعًا وجامعةً : ميزتان :

 

الأولى . أنه يعكس الوجه الحقيقى للإسلام ، ويعبر عن حقيقة التراث الإسلامى ، وعن جوهره فى بُعديه العقلى والنقلى ، وأنه يمثل بذلك وسطية الإسلام ، وهى أخص خصائص هذا الدين القيّم ، كما يمثل الاعتدال فى فهم الكتاب والسنة ، وما نشأ حولهما من إبداعات علمية وفكرية ، ولا شك أن هذا يربى فى طالب الأزهر من بداياته وما يستمده من قاعات الدرس ، مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف

وهذا المنهج المفتوح فى تلقى العلوم والدروس فى الأزهر ، قوامه الاعتدال والوسطية .

 

والميزة الثانية . انفراد الأزهر بنشر العلم والثقافة الإسلامية ، مجانًا حسبَةً وخدمةً للإسلام ونشر الثقافة الإسلامية فى الدنيا بأسرها .

ومن الواجب أن نشير إلى أن الأزهر قد رتب من قديم ، فضلاً عن المجانية ،أرزاقًا شهرية وجرايات يومية .

ويقدّم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، بيانًا إحصائيًّا بما ينهض به الأزهر جامعًا وجامعةً :

يَدرُس فى جامعة الأزهر ما يقرب من خمسة عشر ألف طالب وطالبة من المغتربين والوافدين ، من أكثر من مائة دولة عربية وإسلامية . من مختلف دول العالم ، عدد الذين يَدرُسون منه بمصروفات : 1254 طالب فقط ، والباقى يَدرُسون مجانًا وبدون مصروفات ؛ لأن نظام جامعة الأزهر ـ بالنسبة للوافدين ـ يقضى بتحصيل رسوم دراسية من الطلاب الوافدين الذين يَدرُسون فى الكليات العملية ؛ كالهندسة ، والطب ، وما إليهما ، أما الذين يلتحقون بالدراسات الإسلامية ؛ سواء فى مجال الشريعة ، أو أصول الدين ، أو اللغة ، أو الآداب ، أو التجارة ، أو التربية ؛ فإنهم يَدرُسون مجانًا ؛ سواء فى المرحلة الجامعية الأولى ، أو فى مرحلة الدراسات العليا .

ويستفيد من هذه المجانية ما يقرب من : 14000 أربعة عشر ألف طالب ، بما فيهم الوافدون من دول عربية ثرية ؛ كدول الخليج العربى ، بل ومن دول متقدمة اقتصاديًّا بالقياس إلى مصر ؛ مثل ماليزيا ، وإندونيسيا ، وسنغافورة ، وتلايلاند ، فضلاً عن الوافدين من أوروبا وأستراليا والأمريكتين .

هذا بالإضافة إلى : 1500 ألف وخمسمائة طالب وطالبة يَدرُسون مجانًا فى مرحلتى الإعدادى والثانوى.

ويوفر لهم الأزهر مدينة خاصة ، تسمى مدينة البعوث الإسلامية ، تقدم الإقامة ، والغذاء ، والأنشطة المختلفة مجانًا ، ويُجرِى عليهم منَحًا مالية شهرية .

بذلك انفرد الأزهر بهذا المنهج التعليمى الحر ، والمفتوح ، مقترنًا بالعطاء اللامحدود من أجل رعاية التعليم وطلابه ، ولعله لا توجد جامعة غيره تستقبل هذا العدد من المغتربين كل سنة ـ لتنفق عليهم فى تلقى التعليم ، دون مقابل .

أما مكتبة الأزهر ، فإنها بما تعمر به من مخطوطات ومؤلفات فى شتى العلوم ، وما تهيئه عبر نيف وألف عام ، تستوجب أن نفرد لها حديث الغد بمشيئة الله .

زر الذهاب إلى الأعلى