من النادي النهري.. قراءة تحليلية
ماهر الحريري
من الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، أقرأ وأتابع ما يدور بنادي المعادي، كإحدى مؤسسات نقابة المحامين، تلك القلعة الحصينة بقيادتها ورجالها. فعلى ضفاف نيل مصر الخالد، في يوم معلوم بدعوة كريمة من شخص عاشور، من كل ربوع مصر، على ذلك النادي، يتوافد المحامون، حتى اكتظ بهم المكان في مشهد يعيد للأذهان يوم الخامس عشر من يناير مع اختلاف المناسبة.
يجتمع المحامون على موائد إفطار ومحبة، في رسالة واضحة تؤكد للجميع أن تلك هي المحاماة، مهما تناحرت، ومهما اختلفت حولها الآراء. فحول قائدنا نلتف سراء وضراء، رغم كل ما على صفحات التواصل يثار.
ومع أذان المغرب، يبدأ الاحتفال بإفطار بصوم نرجوه من الحاضرين مقبولا، ودعاء بالطبع ندعو الله أن يكون مستجابا، فدعوتهم لا ترد، هكذا يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
ويعقبه عرض لفيلم تسجيلي وقوفا على آخر تطورات المبنى الجديد لنقابة المحامين، فتحية للقائمين عليه، عرضا وإعدادا.
ويأتي دور المضيف متحدثاً لضيوفه في بث مباشر، يخاطب فيه كل محامي المحروسة، يبدو فيه عاشور هذه المرة متحررا من كل قيد، حتى رابطة عنقه، ليقف على قدم المساواة بين كل المحامين، في رسالة واضحة، وكأنه يقول لأصحاب المصالح والمتاجرين باسمه على كل الموائد، أولئك المتنقلين عليها، إفطارا وسحورا، لا أحد عندي بمميز، كلكم إخوتي وزملائي، وصغار السن منكم أبنائي، فلا أمتلك مستشاراً قانونياً أو إعلاميا، ولا حتى مكتبا إعلاميا، كما يروج البعض، وهذي علاقتي بزملائي.
وفي حديثه، يبدو هذه المرة أكثر تألقا، ولا أدري لذلك سببا، جاعلا من المحاماة المحور الرئيسي لكلامه، ليتحدث عن محاماة مستقبلية بين مكتسبات دستورية وقانون نترقب، خلال الأيام القليلة القادمة، صدوره، ترتقي به المحاماة قيمة وأداء.
يتحصن فيه المحامي بكل ضمانات حق الدفاع، ويحد من الكثرة العددية، جاعلا من نقابة المحامين سيدة جداولها، تضبط وتنقي، تحدد وتقيم، تطبيقا لنصوص دستورية، لتخرج وتستبعد من بين جداولها كل أصحاب الحرف، وكذا مرتدي الجلباب، ومنتعلي الشباشب.
قانون لن تكون فيه نقابة المحامين محطة للانتظار، من خلاله، نعيد للمحاماة سيرتها الأولى لتخرس بذلك ألسنة كثيرا ما شككت في صدور قانون المحاماة. ولاعجب، فهو لمن يعرفه عن قرب الماكر الصامت.
ويمضي متحدثا عن محاماة تتطور كيفا من خلال معهد وأكاديمية جديدة للمحاماة ترتقي بالمحامين فكرا، وتزداد نقابة المحامين بهم وعيا. ويوضح بحديثه حقائق متضمنة قواعد ومصروفات لمشروع العلاج تارة، ومعاشات المحامين المرتقب زيادتها، حسب قوله، تارة أخرى، معلنا عن انعقاد جمعية عمومية للمحامين عادية، لن يتعدى انعقادها، حسب نصوص قانون المحاماة، نهاية هذا الشهر الحالي.
ويستنكر بحديثه ما يدور على صفحات التواصل من زيف وتغيير حقائق، وكأنه يقول لكل الحاضرين في رسالة طمأنينة: لا تقلقوا فأنا معكم أقرأ وأتابع.
ويرد على المتسائلين عن الدور الوطني والقومي لنقابة المحامين، موضحا تجربته الشخصية وحبسه، إبان حكم السادات، بسبب معارضته لاتفاقية كامب ديفيد، وكذا رفضه للتطبيع في أثناء حكم مبارك، مشيداً بتكاتف الشعب المصري لإطاحته بنظام مبارك في أحداث يناير، وكذا عظمته في الإطاحة بالإخوان في ثورة يونيو، مؤكدا أن نقابة المحامين لن تكون للإرهاب سنداً، ولا لأعداء الوطن نصيرا، لاعنا أمريكا وإسرائيل، مؤكدا عروبة فلسطين، رافضا محاولات تقسيم بلداننا العربية.
وبذلك، ينتهي اللقاء بين تصفيق الحاضرين وتمنياته للجميع بكل الخير. وانتظرونا في محاماة مرفوعة الرأس، فيها عن قانون المحاماة نتحدث.