من الذي فاق الجن تحدياً.. في حضرة سليمان النبي ؟!

بقلم: أشرف اسماعيل

بدءاً لم يستنكف نبى الله سليمان أن يسأل عن الهدهد حين إنتبه لغيابه فإلتمسه أين هو يكون ؟! .. لولاه سأل عن من إفتقده لم يحقره ولو كان محض طائر لماعرف لسبأٍ من نبأٍ يقين .. ولما كان سمعه يقول فى الآية ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ (26)) .. صدق الله العظيم ..
هكذا فعل نبى الله سليمان مع هدهدٍ لم يحقر غيابه فحقق بخبره إسلام أمة من عبادتهم فيها للشمس من دون الله وقد زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل الحق من قبل .. بل ولما علمنا نحن أن الهدهد وهو محض طائر لايزيد كان أكثر فقها من كثير من البشر وهو الذى إستنكر عبادة البشر لغير الله قوله بالآيات ( أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) .. وفى هذا عظيم إفادة ألا نحقر من خلق الله أحد ومهما تواضع قدره فقد يستتر فى قدره المتواضع نبأ وعلمٌ عظيم ..
لنأـى للسؤال عنوان خاطرتنا : من عنده علم من الكتاب ؟! ..

قال تعالى فى الآيات من سورة النمل : (( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)) .. صدق الله العظيم .. وهنا نتساءل : إذا كان عفريتٌ من الجن هو من أبدى إستعداده لنبى الله سليمان أنه بمقدوره أن يأتى بعرش ملكة سبأ قبل أن يقوم من مقامه فمن هو ذاك الذى عنده علمٌ من الكتاب الذى قال بمقدوره أن يأتى به إليه قبل أن يرتد إليه طرفه ؟! ..
هناك من قالوا فى التفاسير المتاحة أنه يُدعى (بليخا) وآخرون لم يسمونه لكنهم جميعاً قالوا أنه رجل من البشر لديه علم من الكتاب .. بينما أرى أن الآيات ذاتها هى من أخبرت من هو وهو نبى الله سليمان نفسه .. كيف ؟!

سيُدهش الكافة ويستنكرون ذلك بقولهم : كيف هو نبى الله سليمان نفسه بينما جاء الخطاب فى الآيات من نبى الله سليمان إلى غيره فقال تعالى على لسانه (قالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ ) وهكذا الآيات واضحة فى أن المُخاطَب بفتح الطاء هو نبى الله سليمان بينما المُخاطِب هو أحدٌ من الحضور غيره .. وهنا أطلب منكم أن تتريثوا فى تمعن الخطاب هو مِن مَن ؟ ..وإلى من ؟ ..
إنه واضح وجلى من الآيات أنه نبى الله سليمان من بعد أن إستمع إلى تعهد عفريت من الجن أنه بمقدوؤره أن يأتى بعرشها من قبل أن يقوم من مقامه .. هو هو نفسه نبى الله سُليمان الذى لديه علم من الكتاب وكان هو من يُخاطب وكان الخطاب خطاب تحدى بقدرة العلم رداً على قدرة العفريت من الجن ومن ثم فكان الخطاب منه نفسه للعفريت نفسه ومن ثم من تعهد هنا بالتحدى كان نبى الله سليمان للعفريت وسط كل الحضور أنه يمكنه وبسلطان العلم الذى هو من الكتاب أن يأتى إليه ( أى إلى العفريت نفسه) كونه طرف التحدى الآخر والذى طرفاه هما قدرة الجن بملكاته وقدرة العلم من الكتاب .. حتى أنه ولمجرد أن أنفذ التحدى .. هو نفسه ومن نفسه هو من شكر ربه بقوله فى الآية ( قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) ..

ومايؤكد إختصاصه نبى الله سليمان من كل من دونه بالعلم الذى هو من الكتاب الآيات التى تلتها من بعدها فى قوله تعالى ( قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)) .. وكما هو واضح وجلى فى الآيات قوله نبى الله سليمان فور إثبات القدرة فى التحدى عياناً للكافة كما بالآية ( وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) .. وتلك برهنة على إقراره بأن الله إختصه بالعلم وبصريح التعبير القرآنى نفسه ..
والسؤال التوكيدى للبرهنة تلك بأن من لديه علم من الكتاب هو نبى الله سليمان نفسه هو : كيف يمتلك أحد ممن يجلسون فى حضرة نبى الله سليمان علم الكتاب من دونه وهو من إختصه الله بعلوم كل شىء حتى لغة الطير وتسخير الجن بل وقدرة السيطرة على كل هؤلاء معاً بل وكل من جلسوا معه ومن بين يديه .. وهل كان نبى الله سليمان سيظل منفردا بهذا الوصف بالإصطفاء بالعلم لو كان هناك من ينازعه القدرة عليه ؟.. ولو كان حدث هذا لما إنفرد بقدرة تسيير الجن بالأمر ولكان نازعه القدرة فيها أحد من البشر أيا كانت تسميته ؟! .. حقاً من جاء بعرش ملكة سبأ هو نبى الله سليمان نفسه وهو النبى الذى إصطفاه الله بكل تلك المعجزات مجتمعة وهو من لديه علمٌ من الكتاب وكيف لا وهو من وصفه الله وأبيه نبى الله داوود من قبل فى سورة الأنبياء قوله تعالى (( ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما )) .. صدق الله العظيم .. أوليست تلك الآية تحسم القضية فى أن نبى الله سليمان هو نفسه من إختصه الله بإصطفاء الحكم والعلم معاً ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى