من أسباب عدم قبول الطعن شكلًا

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 40661 لسنة 73 القضائية، أن التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم الأسباب، أثره عدم قبول الطعن شكلاً، وأن إثبات إيداع أسباب الطعن قلم الكتاب في الميعاد منوط بالطاعن.

وتابعت: «الإيصال الصادر من قلم الكتاب دون غيره هو الذي يصلح في إثبات تقديم أسباب الطعن في الميعاد، وعدم تقرير النيابة العامة بالطعن بالنقض أو إثبات إيداع الأسباب في الميعاد، أثره عدم قبول الطعن شكلاً.

المحكمة

أولاً: بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه……..:

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.

ثانيًا: بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليهما الثانى والثالث…… و…….:

وحيث إن النيابة العامة وإن قدمت أسباب طعنها ضمن مذكرة عرضها للقضية على محكمة النقض إلا أنها لم تقرر بالنقض فى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم طبقًا للمادة (34) من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ولما كان التقرير بالطعن الذى رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن فى حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إعلام ذى الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه إجراء آخر، هذا فضلاً عن أن تقرير أسباب طعنها لا يحمل ما يدل على إثبات تاريخ إيداعه فى السجل المعد لهذا الغرض فى قلم الكتاب. لما كان ذلك.

وكان الأصل أن الطعن بطريق النقض إن هو إلا عمل إجرائى لم يشترط القانون لرفعه سوى إفصاح الطاعن عن رغبته فى الاعتراض على الحكم بالشكل الذى ارتآه القانون وهو التقرير به فى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المراد الطعن عليه خلال الميعاد الذى حدده وتقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى هذا الميعاد والتى هى شرط لقبول الطعن ويكونان معًا وحدة إجرائية لا يغنى أحدهما عن الآخر، فإن على من قرر بالطعن – أيا كانت صفته – أن يثبت إيداع أسباب طعنه قلم الكتاب خلال الميعاد الذى حدده القانون للتقرير بالطعن وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً.

ولما كان القانون وإن لم يشترط طريقًا معينا لإثبات تقديم أسباب الطعن فى قلم الكتاب فى الميعاد إلا أن ما يجرى عليه العمل مع إعداد سجل خاص بقلم الكتاب منوط بموظف من موظفى القلم المذكور لاستلام أسباب الطعون ورصدها حال تقديمها فى السجل المذكور بأرقام متتابعة مع إثبات تاريخ ورقم الإيداع على الأسباب المقدمة ذاتها وتسليم مقدمها إيصالاً من واقع السجل مثبتًا للإيداع اصطيانا لهذه العملية الإجرائية من عبث يساير مرامى الشارع من إثبات حصول هذا الإجراء بالأوضاع التى رسمها لذلك، وكان المعول عليه فى هذا الشأن هو ما يصدر من قلم الكتاب ذاته من إقرار بحصول الإيداع ولا يقوم مقام هذا الإقرار أى تأشيرة من خارج القلم ولا يغنى عنه تاريخ تحرير الأسباب إذ إنه ليس دليلاً على حصول الإيداع فى ذلك التاريخ. ولما كانت النيابة العامة – الطاعنة – لم تقرر بالطعن ولم تراع فى تقديم أسباب طعنها الأصول المعتادة المثبتة لحصول الإيداع قلم الكتاب، ولم تقدم ما يدل على سبيل القطع واليقين بحصوله فى الميعاد، فإن الطعن منها يكون غير مقبول شكلاً.

ثالثًا: بالنسبة لمذكرة عرض النيابة العامة للحكم الصادر بعقوبة الإعدام:

وحيث إن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة – محكمة النقض – عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 السابق الإشارة إليه مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة…….. انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه على أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الستين يومًا المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى وحيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى فى قوله “إن المتهمين الثلاثة….. و….. و….. جمعهم الشر وسوء السلوك والجوار فى السكن وفى ليلة سابقة على…… تشاجر المتهم الأول مع أبيه فاستغاث الأخير منه وأبلغ قسم الشرطة فأسرع بالفرار مغادرًا مسكن أسرته واتصل بالمتهمين الثانى والثالث فى أحد المقاهى والتمس منهما نقودًا فلم يجد معهما حاجته فأبلغهما بعزمه على استخدام العنف والقوة من أجل الحصول على بغيته من المال ولم يفصح لهما عن شخص ضحيته وأرجأ أمر ذلك للتفكير فيه ثم وقع اختياره على جارهم المجنى عليه…… الذى عرف عنه معاونته لأبيه فى شادر الفاكهة المملوك له وعودته عادة فى وقت متأخر من الليل حاملاً معه مبالغ كبيرة من حصيلة تجارته فأبلغ المتهمين الثانى والثالث عن اختياره للمجنى عليه كضحية له من أجل الحصول على المال حتى ولو اقتضى الأمر إزهاق روحه وطلب منهما التأكد من خلو الشارع والمنطقة من رجال الشرطة.

ولما أبلغاه بخلو المنطقة منهم اتفق معهما على أن يكمن هو فى انتظار قدوم المجنى عليه أسفل سلم العقار سكنه وطلب منهما مراقبة الطريق وأن يقوم المتهم الثانى بإعطائه إشارة صوتية – صفير – عند وصول المجنى عليه ونفاذًا لهذا الاتفاق ترصد المتهم الأول للمجنى عليه ليلة………. أسفل سلم العقار الذى يسكن فيه ووقف المتهمان الثانى والثالث بالطريق العام على مقربة من مسكن المجنى عليه وبعد حوالى ساعة من هذا الترصد أبصرا المجنى عليه قادمًا فى الطريق إلى مسكنه فأطلق المتهم الثانى صفارته منبهًا المتهم الأول لقدومه ولما دخل المجنى عليه مسكنه وشاهده المتهم الأول أشهر فى وجهه مطواة قرن غزال وطلب منه تسليمه ما معه من نقود فأخرج المجنى عليه ما معه من نقود وآنذاك عاجله المتهم الأول بثمانى طعنات فى الصدر والرقبة ست منها نافذة واثنتان قطعيتان نجم عنها جميعًا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وغادر المتهم المسكن حاملاً معه أداة الجريمة وملابسه ملطخة بدماء ضحيته إلى حيث ينتظر المتهمان الثانى والثالث وأبلغهما بأنه قتل المجنى عليه وتوجه إلى مسكن المتهم الثانى واغتسل من الدماء وتخلص من الملابس الملطخة بالدماء وارتدى ملابس من المتهم الثانى ووعدهما اللقاء فيما بعد لاقتسام نصيبهما من حصيلة السرقة وانصرف كل فى طريق “وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم، ومما قرره المتهمون الثلاثة بتحقيقات النيابة العامة، ومن اعتراف المتهم الأول بجلسة المحاكمة.

ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليمًا له فى أصله الثابت فى الأوراق – وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات – ثم خلص إلى إدانة المتهم – الأول بإيراده فى مدوناته ما مؤداه أنه ثبت فى يقين المحكمة أن هذا المتهم فى ليلة……. قتل…… عمدًا مع سبق الإصرار والترصد وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هى أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرق بعض المبالغ المملوكة للمجنى عليه حال كونه يحمل سلاحًا ظاهرًا وتواجد المتهمين الثانى والثالث على مسرح الجريمة ليشدا من أزره، فضلاً عن إحرازه بغير ترخيص سلاحًا أبيض – مطواة قرن غزال – دون مسوغ قانونى من ضرورة شخصية أو حرفية تقتضى حمله، الأمر المؤثم بالمواد 230، 232، 234، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1, 25 مكرر/ 1, 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين 26 سنة 1978, 165 لسنة 1984, 97 لسنة 1992 والبند رقم 10 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول، وأنزل عليه عقاب الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة……. أن المتهم الأول طلب ندب محام للدفاع عنه فندبت المحكمة محاميًا ترافع فى الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه فى الدفاع. لما كان ذلك.

وكان الحكم قد استظهر نية القتل فى حق المحكوم عليه فى قوله “وحيث إنه عن توافر نية القتل لدى المتهمين فإن الأوراق تكشف بوضوح عن توافرها من الكيفية التى تمت بها الجريمة من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة العامة التى أكدت أن المتهم الأول أبلغ المتهم الثانى باختياره شخص المجنى عليه لقتله وسرقة ما معه من نقود ومن الطعنات المتتالية التى وجهها المتهم الأول إلى المجنى عليه فى مواضع قاتلة وباستخدام أداة قاتلة بطبيعتها” وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف وفى تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات – بما فى ذلك أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة العامة واعتراف المحكوم عليه الأول – بقيامه بطعن المجنى عليه فى صدره من الناحية اليسرى وكم فاه ليحول دون الاستغاثة والصياح ثم واصل الاعتداء عليه بطعنه عدة طعنات فى الصدر والرقبة ومغادرته المسكن تاركًا المجنى عليه بعد أن تأكد من إزهاق روحه, كافيًا فى إثبات هذا القصد وفى إثبات اقتناع المحكمة بثبوت ظروف الواقعة التى أوردتها وأدلتها التى عولت عليها, فإن النعى على الحكم بالقصور لا يكون له محل, ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن البحث فى توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج.

وكان الحكم قد بين توافر ظرف سبق الإصرار بقوله “وحيث إنه عن توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين فإن الثابت من الأوراق أن المتهم الأول قد دفعته شهوة الحاجة إلى المال إلى إعمال فكره فى هدوء وترو ووقع اختياره على المجنى عليه ليكون فريسته لما عرف عنه أن يدير شادر الفاكهة المملوك لوالده ويعود فى وقت متأخر من الليل حاملاً معه إيراد وحصيلة البيع وقد كشف المتهم له أيضًا عن شخص المجنى عليه وأبلغ المتهم الثانى الثالث بما انتواه المتهم الأول وكشف له أيضًا عن شخص المجنى عليه الذى وقع عليه الاختيار ووزعوا جميعًا أدوارهم على مسرح الجريمة وظلوا وقتًا ليس بالقليل فى انتظار قدوم المجنى عليه إلى أن ظفروا به فقام كل منهم بدوره المتفق عليه فضلاً عن أن الترصد فى ذاته على النحو الذى كشفت عنه التحقيقات يقطع بتوافر ظرف سبق الإصرار” ودلل على ثبوت ظرف الترصد فى قوله “وحيث إنه عن توافر ظرف سبق الترصد فقد كشفت التحقيقات وأقوال المتهمين فيها عن أن المتهم الأول كمن للمجنى عليه أسفل سلم العقار الذى يقيم فيه بينما انتظره المتهمان الثانى والثالث فى الطريق لمراقبة حضوره وإبلاغ المتهم الأول فور رؤيته بإشارة صوتية وهو ما يقطع بتوافر ظرف الترصد فى الأوراق” فإن ما أورده الحكم – فيما سلف – يتحقق به ظرفا سبق الإصرار والترصد على النحو المعروف قانونًا, وهو ما يكفى للرد على ما أثاره الدفاع عن المحكوم عليه بشأن انتفاء ظرفى سبق الإصرار والترصد. لما كان ذلك, وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن, وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع.

وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته – وعلى ما يبين من المفردات المضمومة – تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجناية السرقة ليلاً حال تعدد المتهمين وحمل أحدهم سلاحًا ظاهرًا, ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه فى هذا الشأن.

لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من اعتراف المحكوم عليه بتحقيقات النيابة العامة له سنده الصحيح فيها وليس فيما حصله منها ما يخرج عن مدلوله أو فحواه. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بشأن اعترافه من أنه مملى عليه من رجال الشرطة بقوله “وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهم الأول من أن أقواله فى التحقيقات كانت مملاه عليه من رجال الشرطة فمردود عليه بأن المتهم اعترف أمام المحكمة ومن ثم فلا محل لوجود شبهة إكراه على المتهم ويضحى هذا الدفع مجرد قول مرسل ولا دليل عليه” ولما كان الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات, ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه, ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به مما لا معقب عليها, وإذ كانت المحكمة, مما أوردته – فيما سلف – قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان طواعية واختيارًا ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته, فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المحكوم عليه فى هذا الشأن يكون كافيًا وسائغًا بما لا شائبة معه تشوب الحكم.

لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, كما أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذ تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد فى حكمها من أقوال الشهود ما تقيم عليه قضاءها, ولها أن تعول على أقوال الشاهد فى أى مرحلة من مراحل ما دامت قد اطمأنت إليها, كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم فى أقوالهم أو تناقض روايتهم فى بعض تفصيلاتها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن بها إليها فى تكوين عقيدتها. وإذ كانت المحكمة فى هذا الدعوى قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة, فإن ما يثيره المحكوم عليه فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها فى شأنه أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع المحكوم عليه من أنه مصاب بعاهة فى العقل ورد عليه بقوله “وحيث إنه عما أثاره دفاع المتهم من أن المتهم ليس فى حالة عقلية سليمة فهو مجرد ادعاء لا سند له من القانون يكذبه تقرير مستشفى الأمراض النفسية…… الذى تطمئن إليه المحكمة, ولا يغير من عقيدة المحكمة فى هذا الخصوص التقرير الطبى المقدم من دفاع المتهم والمنسوب صدوره إلى مستشفى……. إذ لم يبين ما إذا كان المتهم قد وضع تحت الملاحظة من عدمه ومن ثم تلتفت عنه المحكمة” وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة, كما أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المتهم إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأى الذى انتهت إليه لا يجافى العقل والمنطق وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما جاء بتقرير مستشفى الأمراض النفسية…….. عن حالة المتهم العقلية, وكان الحكم قد أورد – فى مدوناته – مضمون ذلك التقرير والذى جاء بأن المتهم لم يكن يعانى من أى مرض عقلى أو عضوى يؤثر على إدراكه فى وقت مصاحب لارتكاب الجريمة كما أنه لا يعانى من أى مرض عقلى فى الوقت الحالى مما يجعله مسئولا عما ارتكبه, ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم فى هذا الخصوص.

لما كان ذلك, وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة, بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة فى تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها, ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبسًا بها, ومن ثم فإن ما يثيره المحكوم عليه فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب, وبذا يكون الحكم المعروض بريئًا من أية شائبة فى هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن فى الحكم فإن ما يثيره دفاع المحكوم عليه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة المنسوبة إليه يكون فى غير محله.

لما كان ذلك, وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ما دام أنها اطمأنت لجديتها, فإن النعى على الحكم بتعويله على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ينحل إلى جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.

لما كان ذلك, وكان من المقرر أن ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضًا يستعصى على الملائمة والتوفيق, كما أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولى والفنى ما دام أنه أورد فى مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى كافة مناحى دفاعه الموضوعى والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمنا من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولى لا يتناقض مع ما نقله من دليل فنى بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه صحيحًا قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى أو الفساد فى الاستدلال.

لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يكفى أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس دون حاجة إلى التحدث عنه صراحة, كما أنه لا يؤثر فى قيام السرقة عدم العثور على المال المسروق, كما أن التحدث عن القصد الجنائى صراحة واستقلالا فى الحكم غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية التى أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعله إضافة ما اختلسه لملكه – وقد كان ما سرده – على ما سلف فيه البيان الكافى لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجناية السرقة التى دان الطاعن بها, وأورد الأدلة السائغة على ثبوتها فى حقه, فإن ما أثاره دفاع المحكوم عليه من انتفاء جريمة السرقة فى حقه لعدم ضبط أى من متحصلاتها فى حوزته لا يعدو أن يكون محالة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديًا من ذلك إلى الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان الباعث على الجريمة ليس ركنا فيها فلا يقدح فى سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله، فإن ما أثاره الدفاع عن المحكوم عليه فى هذا الشأن – بصدد جريمة السرقة – بفرض صحته – لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 السابق الإشارة إليه أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دين المحكوم عليه بالإعدام عنها، وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقًا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية, وجاء خلوا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله, وقد صدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى, ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم, ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى