من أحكام «النقض» في جريمة حمل أوراق نقد أجنبي تجاوز قيمته 10 آلاف دولار عند السفر للخارج

كتب: علي عبدالجواد

تحدثت محكمة النقض في حكمها بـ (الطعن رقم ١٢١٣٢ لسنة ٩٠ قضائية، القصد الجنائي) عن جريمة حمل أوراق النقد الأجنبي التي تجاوز قيمته عشرة آلاف دولار أمريكي عند السفر خارج البلاد، وخلو قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ من بيان كيفية وطريقة إفصاح المغادرين للبلاد عما يحملونه من نقد أجنبي جاوز الحد القانوني.

وذكرت المحكمة الضوابط والإجراءات التنظيمية لعملية الإفصاح التي تطلبها قرار وزير المالية رقم ٤٩٩ لسنة ٢٠١٠، وقالت إن مجرد الدخول بمبلغ يزيد على العشرة آلاف دولار للدائرة الجمركية على خلاف ما يقضي به القانون غير دال على اتجاه نية المتهم إلى عدم الإفصاح عما بحوزته من نقد أجنبي ‏.

كما ذكرت المحكمة مثالًا لحكم صادر منها ببراءة متهم لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة عدم ‏إفصاحه للسلطات المختصة عما بحوزته من أوراق نقد أجنبي جاوزت المسوح به قانونًا حال سفره للخارج.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم …… لسنة ۲۰۱٨ جنح القاهرة الاقتصادية ” بوصف أنه في يوم ١٨ من فبراير سنة ٢٠١٨ بدائرة قسم النزهة – محافظة القاهرة حمل حال سفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جاوزت قيمتها العشرة آلاف دولار أمريكي على النحو المبين بالأوراق.

وطلبت عقابه بالمواد أرقام ۱۱٦/٢ ، ۱۱۸ ، ١٢٦/ ٣ – ٤ ، ۱۲۹ ، ١٣١ من القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٧ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدل بالقانونين رقمي ١٦٠ لسنة ۲۰۱۲ ، ٨ لسنة ۲۰۱۳ .

وقضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية حضوريًا في ٢٤ من يونية سنة ٢٠١٨ بحبسه أسبوع مع الشغل وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ ومصادر المبلغ المضبوط وبنشر الحكم على نفقته في جريدتي الأخبار والجمهورية .

فاستأنف المحكوم عليه وقيد استئنافه برقم ….. لسنة ٢٠١٨ جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية.

وقضت محكمة القاهرة الاقتصادية – بهيئة استئنافية – حضوريًا في ٦ من نوفمبر سنة ٢٠١٨ بقبول الاستئناف شكلًا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بتغريم المستأنف مثل المبلغ المالي محل الجريمة بالجنيه المصري طبقاً لسعر الصرف السائد بالبنك المركزي المصري وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ، وقيد طعنه بجدول محكمة استئناف القاهرة ” طعون جنح النقض ” برقم ….. لسنة ١٠ القضائية .

وقررت محكمة استئناف القاهرة ـ دائرة طعون جنح النقض ـ بغرفة المشورة في ٧ من مارس سنة ٢٠٢٠ بعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الطعن .

وعرض الطعن على دائرة فحص الطعن منعقدة بغرفة المشورة فقررت أن الطعن جدير بالنظر وأحالته لنظره بالجلسة .

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حمل نقد أجنبي جاوز قيمته العشرة آلاف دولار أمريكي حال سفره للخارج قد شابه القصور في التسبيب ؛ ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة وأن أسبابه شابها الغموض والابهام ، وجاء قاصراً في التدليل على توافر أركان الجريمة المسندة إليه ، ولم يستظهر توافر القصد الجنائي في حقه لا سيما وأنه دفع بتوافر حسن النية لديه لعدم علمه بالقانون المصري ، ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة حمل نقد أجنبي جاوز العشرة آلاف دولار أمريكي حال مغادرته البلاد ، إذ ضُبط معه داخل ملابسه نقداً أجنبياً بلغت قيمته خمسة وعشرون ألف دولار أمريكي بمعرفة أمين الشرطة المعين على بوابة السفر – المعين على جهاز كشف الحقائب – وإقراره له بالمبلغ . لما كان ذلك ، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مضمون الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان حكمها قاصراً ، وكانت جريمة حمل أوراق النقد الأجنبي التي تجاوز قيمته عشرة آلاف دولار أمريكي عند السفر خارج البلاد المؤثمة قانوناً بالمادتين ١١٦/٢ ، ١٢٦/١ من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ المعدل بالقانون رقم ٨ لسنة ٢٠١٣ يكفي لتحقيق القصد الجنائي فيها تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي صورها القانون واتجاه إرادته إلى الخروج من البلاد دون الإفصاح عن حقيقة ما بحوزته من نقد أجنبي تجاوز قيمته العشرة آلاف دولار أمريكي ، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، هذا وإن كان القانون سالف البيان خلا من بيان كيفية وطريقة الإفصاح عن ذلك إلا أن قرار وزير المالية رقم ٤٩٩ لسنة ٢٠١٠ حدد كيفية وطريقة الإفصاح عن النقد الأجنبي بأن عهد إلى الجهة المختصة بتنفيذ هذا القرار إعداد نموذجاً يتم استيفاء بياناته بمعرفة المسافر بخط يده ويوقع عليه ، ويعتمد موظف الجمرك المختص أي تعديل أو شطب يرد به ، وإلزام هذه الجهة بتوفير هذا النموذج في أماكن محددة وظاهرة في صالات السفر والوصول في المنافذ المختلفة ، وكذا ضرورة وضع لافتات واضحة باللغتين العربية والإنجليزية في مداخل المنافذ الجمركية لتنبيه القادمين والمغادرين إلى ضرورة الالتزام بأحكام الإفصاح المنصوص عليها في هذا القرار ، وبيان أماكن وجود نماذج الإفصاح ، وإن كانت هذه الضوابط والإجراءات تنظيمية لعملية الإفصاح ، ولكنها وجوبية قصد بها في المقام الأول لفت نظر الأشخاص المخاطبين بالقانون وذلك القرار إلى أهمية ذلك الإجراء للحفاظ على ما يحملون عند الدخول إلى البلاد أو الخروج منها من نقد أجنبي جاوز الحد سالف البيان وتعريفاً لهم بالجزاء المترتب على مخالفة هذا الإجراء ، كما أنها تعد وسيلة من الوسائل التي أوجدها المشرع يمكن من خلالها التحقق من توافر نية عدم الإفصاح أو عدم توافرها في حق المسافر . لما كان ذلك ، وكان يبين حسب الثابت بمحضر الضبط أنه خلا مما يفيد التزام القائمين على تنفيذ القرار الوزاري سالف البيان ومنهم ضابط الواقعة بتلك الضوابط والإجراءات المتعلقة بكيفية وطريقة الإفصاح التي أوجبها ذلك القرار ، وإذ كان الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالجريمة سالفة البيان دون أن يبين الأفعال التي اقترفها الطاعن والتي استخلص منها توافر القصد الجنائي في حقه ، إذ لا يكفي لتوافره ما أورده الحكم بمدوناته من ضبط الطاعن يحمل نقد أجنبي تجاوز قيمته العشرة آلاف دولار أمريكي أثناء دخوله بوابة صالة السفر حال مغادرته البلاد ، إذ أن مجرد الدخول بمبلغ يزيد عن عشرة آلاف دولار أمريكي إلى الدائرة الجمركية على خلاف ما يقضي به القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ لا يكفي وحده لقيام لأركان تلك الجريمة التي دين بها الطاعن ، إذ يتعين فضلاً عن ذلك أن يستظهر الحكم اتجاه نية الطاعن إلى عدم الإفصاح عما بحوزته من نقد أجنبي لتكتمل أركان تلك الجريمة في حقه وهو ما خلا الحكم المطعون فيه منه ، كما خلت مفردات الدعوى المضمومة لملف الطعن من أي دليل أو قرينة يمكن الركون إليها في التدليل على اتجاه نية الطاعن إلى ذلك ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩.

الحكم

فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب

حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه . 

زر الذهاب إلى الأعلى