من أحكام النقض بشأن الحراسة القضائية
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 6468 لسنة 72 القضائية، أن الحراسة القضائية ليست بعقد وكالة لأن القضاء – لا الاتفاق بين ذوي الشأن – هو الذي يفرضها، فإن الحارس يصبح بمجرد تعيينه وبحكم القانون نائبًا، إذ يعطيه القانون سلطة في حفظ وإدارة الأموال الموضوعية تحت حراسته وردها لصاحب الشأن عند انتهاء الحراسة، وتقديم حساب عن إدارته لها، ونيابته هذه نيابة قانونية من حيث المصدر الذي يحدد نطاقها؛ إذ ينوب عن صاحب الحق في المال الموضوع تحت الحراسة وتثبت له هذه الصفة بمجرد صدور حكم الحراسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن بصفته حارسًا قضائيًا على عين التداعي أقام على المطعون ضدهم الدعوى ……. لسنة 1997 محكمة دمياط الابتدائية – مأمورية رأس البر – بطلب إلزام الأول – في مواجهة الباقين – برد حيازته للعشة المبينة بالصحفية ومنع تعرضه له في الانتفاع بها على سند من أنه كان يحوز هذه العشة بموجب الحكم الصادر في الدعوى ….. لسنة 1992 مأمورية رأس البر والقاضي في مادة مستعجلة بعزل الحارس السابق عليها – مورث المطعون ضدهم من الثانية حتى السابعة – واستبدال الطاعن به.
إلا أن المطعون الأول ضده انتهز فرصة غيابه واستصدر قرار هدم للعشة وآخر للبناء مستغلاً إدراجها باسمه في سجلات الوحدة المحلية التابعة لها وغصب بذلك حيازتها. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات بحكم استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف ……. لسنة 32 ق المنصورة ” مأمورية دمياط ” وفيه قضت المحكمة بالإلغاء وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه على سند من زوال صفة الطاعن كحارس بهلاك العشة محل الحراسة بهدمها بفعل المطعون ضده الأول، في حين أنه يستمد صفته من الحكم القاضي بتعيينه حارسًا وهو حكم لا يزال قائمًا وله حجيته، كما أنه لا يجوز أن يفيد المطعون ضده من خطئه بهدم العشة والذي أدين عنه جنائيًا سيما وأن ذلك لا يمنع قانونًا من القضاء برد الحيازة طالما توافرت شروطها مع إلزامه بإعادة الحال إلى ما كان عليه. ومن ثم فإن الحكم يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كانت الحراسة القضائية ليست بعقد وكالة لأن القضاء – لا الاتفاق بين ذوي الشأن – هو الذي يفرضها، فإن الحارس يصبح بمجرد تعيينه وبحكم القانون نائبًا، إذ يعطيه القانون سلطة في حفظ وإدارة الأموال الموضوعية تحت حراسته وردها لصاحب الشأن عند انتهاء الحراسة وتقديم حساب عن إدارته لها. ونيابته هذه نيابة قانونية من حيث المصدر الذي يحدد نطاقها إذ ينوب عن صاحب الحق في المال الموضوع تحت الحراسة وتثبت له هذه الصفة بمجرد صدور حكم الحراسة.
وكانت دعوى رد الحيازة من بيان أعمال الحفظ التي يجوز للحارس رفعها نيابة عن صاحب الحق في المال الخاضع للحراسة ولا تزول عنه هذه الصفة إلا باتفاق ذوي الشأن جميعًا على انتهائها أو بحكم؛ وأن هذا الاتفاق على إنهاء الحراسة قد يكون صريحًا وقد يكون ضمنيًا.
وكان إحداث تغيير في العين محل دعوى رد الحيازة لا يحول قانونًا دون القضاء بردها للمدعي إذا ما توافرها شروطها المنصوص عليها في المادة 958 من القانون المدني مع إعادة العقار إلى أصله إن كان المدعي عليه قد أحدث فيه تغييرًا، فإن كان قد أقام فيه بناءً جديدًا قضى بهدمه، أو هدم بناءً كان موجودًا قضى بإعادته لأصله.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيسًا على انتهاء الحراسة وزوال صفة الحارس عن الطاعن بهلاك المحل الذي وردت عليه بهدم العشة موضوع التداعي وبناء أخرى بدلاً منها، في حين أن هذا الهدم لا يترتب عليه انتهاء الحراسة وانتفاء صفة الطاعن في رفع الدعوى لأن الحراسة لا تنتهي إلا باتفاق ذوي الشأن على ذلك أو بحكم قضائي، كما أنه ليس من شأن هذا الهدم أن يمنع من القضاء برد حيازة عقار التداعي إذا ما توافرت شرائط ردها مع إلزام مغتصب الحيازة بإعادة الشيء لأصله ومن ثم فإن الحكم يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.