من أحكام «النقض» بشأن الاتجار بالبشر

أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 10146 لسنة 89 القضائية، أن الاتجار بالنساء له صور عديدة هي الدعارة وعقود الزواج الوهمية وعمالة النساء والعمالة المنزلية وسماسرة الزواج ويعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستعمال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بها أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه .

المحكمـــــــــــــــة

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .

 

حيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاتجار في البشر بأن تعاملت في شخص طبيعي الطفلة/ …. بقصد استغلالها في ممارسة الدعارة واصطحابها في الملاهي الليلية مستغلة حالة ضعفها وحاجتها المادية، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق.

ذلك بأنه جاء بصيغة عامة معماة ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تحقق به أركان الجريمة والأدلة التي استخلصت منها الإدانة، واطرح بما لا يسوغ دفعها بانتفاء أركان الجريمة بركنيها المادي والمعنوي، ولم يستظهر قصد الاستغلال وعناصره والدليل عليه ولم يورد مضمون التحريات في هذا الشأن، وأقام قضاءه على الظن والاحتمال، وعول على أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم معقوليتها وتناقضها وكذب المجني عليها، وأغفل إيراد مؤدى أقوال الشاهد الثاني – مجري التحريات -، وعدم إيراد أقوال شاهدي الإثبات كما جاءت بالأوراق، والتراخي في الإبلاغ، ومخالفة أقوال المجني عليها لما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي من أنها ثيب من قدم وسلبية العينة المأخوذة منها من آثار المواد المخدرة، وعدم توصل التحريات لصحة وجود مقاطع مصورة للمجني عليها بحوزة الطاعنة من عدمه، أو للأشخاص الذين شاركوا المتهمة في الجريمة.

 

هذا وقد خلت الأوراق من شاهد أو دليل، وأسند للمجني عليها أقوالاً ليست بالأوراق حينما قرر أن الطاعنة هي من استقبلتها بمدينة ….، ونسب للطاعنة اعترافاً رغم أنه لا يعد اعترافاً بدلالة إنكارها للاتهام، والتفت عن دفاعها بكيدية الاتهام وتلفيقه وعن كافة دفاعها ودفوعها الأخرى إيراداً ورداً والمؤيدة بالمستندات، واستبدت بالمحكمة الرغبة في الإدانة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

 

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : ( حيث إنه في غضون شهر ديسمبر 2017 تركت المجني عليها …. والتي لم تبلغ ثمانية عشر عاماً مسكن أسرتها عندما دب الخلاف بينها وبين شقيقها وهامت على وجهها واتجهت لمدينة …. بغرض الحصول على فرصة عمل لتقتات منها وتعينها على تكاليف الحياة فتلقتها المتهمة …. والتي تقيم بتلك المدينة وأكرمت مثواها بغية أن تتخذ منها أداة لجريمة لم تفصح عنها في بداية الأمر ولما كشرت عن أنيابها وظهرت غايتها وبان قصدها سيما وأنها قد سبقت إدانتها في قضية آداب وجعلت منها سلعة تباع وتتكسب من ورائها بأن طلبت منها مصاحبة الرجال وممارسة الرزيلة معهم بمقابل مالي كانت تقتضيه بعد أن بدأت في ارتيادهما لأماكن اللهو والرقص والمسمى (نوادي الليل والمراقص) فكان السهر غايتها والرقص مرادها وجذب الزبائن لقضاء سهرات حمراء هدفها فلما تمردت المجني عليها وأبت وحاولت ترك المسكن عثر على المتهمة إن لم تفعل ذلك لما لا وهي الصيد الثمين فأوحت إليها بالابتعاد عن ذلك الطريق وولوج طريق آخر تلتمس به رزقاً حلالاً فغضبت المجني عليها لمرادها وهي لا تعلم ما انطوت عليه نفس صاحبتها فمكثت غير بعيد وأحاطت بها ثلاثة رجال من دولة خليجية لقضاء وطراً منها بعد أن أسكرتها.

 

ووضعت لها المخدر في الشراب فغابت عن الوعي وشلت إرادتها أو تكاد فسلمت لهم بعد أن فقدت مقاومتها وعذريتها أيضاً وذلك بإشراف المتهمة وما أن قضي الأمر أرادت المجني عليها أن تنجو بنفسها بعد أن فقدت كل شيء فكانت المتهمة لها بالمرصاد وأوهمتها بأنها قد قامت بتصويرها حال ممارستها الرذيلة السابقة بفيديو وهددتها بإرساله لأهليتها فخافت منها ورضخت لطلباتها مستغلة التهديد السالف البيان وفقدانها الأهل والمأوى قاصدة الحصول لنفسها على منفعة مادية مقابل استغلال ممارسة الدعارة والتكسب منها وإرسالها للرجال دون غير في الشقق والفنادق وكان المقابل المادي من الأجانب أربعة آلاف جنيه والمصريين ثلاثمائة جنيه وبعد أن ضاقت المجني عليها بهذا التهديد وتلك الأعمال الغير الشريفة قامت بالتوجه لمغفر الشرطة وأبلغت بما حدث لها فقام الرائد/ …. بالتحري عن الواقعة وأثبتت تحرياته قيام المتهمة باستغلال المجني عليها جنسياً للحصول على منفعة من وراء ذلك، وباستجواب المتهمة بتحقيقات النيابة أقرت بارتكابها للفعل المحرم ) .

وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنة أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليها/ ….، الضابط/ ….، وإقرار المتهمة – الطاعنة – بتحقيقات النيابة العامة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاتجار بالبشر بأن تعاملت في شخص طبيعي وهي المجني عليها الطفلة/ …. بقصد استغلالها جنسياً كما هي معرفة القانون، ودان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .

 

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة في قوله : ( وحيث إن ما دفع به الحاضر عن المتهمة من انتفاء أركان الجريمة وعدم وجود دليل مادي بالأوراق، فالمحكمة تفسر جريمة الاتجار بالبشر المؤثمة بالقانون 64 لسنة 2010 …. أن الاتجار بالنساء في هذا القانون له صور عديدة هي الدعارة وعقود الزواج الوهمية وعمالة النساء والعمالة المنزلية وسماسرة الزواج ويعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستعمال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بها أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الوعد بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه .

 

وذلك كله إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أياً كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أعمال الاستغلال الجنسي وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الاسترقاق …. إلخ، فالتعريف السابق لجريمة الاتجار بالبشر وهي الاستغلال والوسائل والمظاهر ولقد جاء الدستور المصري أيضاً يؤكد حماية حقوق الإنسان وفيها مكافحة مظاهر الاتجار بالبشر بالإضافة إلى النصوص القانونية الواردة بقانون العقوبات وقانون الطفل وقوانين الأحوال الشخصية وقانون الدعارة …. إلخ.

 

وحيث إنه لما كان ما سلف وكانت المحكمة تطمئن لشهادة المجني عليها من أن المتهمة وقد استغلت ضعفها وصغر سنها وقامت باصطحابها لأماكن اللهو لكي تجالس الرجال وتقوم بإرسالها للشقق والفنادق ولكي ترتكب الفحشاء مع الرجال بغير تمييز مما يشكل جريمة الدعارة والحصول على مبالغ مالية نظير ذلك وما تأيد بتحريات رجل البحث الجنائي من صحة ما جاء برواية المجني عليها وإقرار المتهمة بالتحقيقات أيضاً، ولا ينال من ذلك ما جاء الدفاع من عدم الاطمئنان للتقرير الطبي الشرعي في هذا المجال أو أن المحكمة لا تعرض لجريمة هتك عرض أو اغتصاب تجرمه الاتجار بالبشر تقوم وإن انتفت جريمة الاغتصاب إذ إن الجريمة الأخيرة في القانون المصري يفترض أن تكون بدون رضاء المجني عليه ولكن جريمة الاتجار بالبشر لا تعتد بالرضا إطلاقاً ).

 

وكان ما رد به الحكم على الدفع سائغاً وكافياً في بيان أركان جريمة الاتجار بالبشر بركنيها المادي والمعنوي، ويضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس .

لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن قصد الاستغلال في جناية الاتجار بالبشر التي دان الطاعنة بها، بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .

 

لما كان ذلك، وكان مما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس .

 

لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنة، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما تذهب إليه الطاعنة، فإن ما تًثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

 

لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوي المطروحة.

 

– وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك، يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدتها.

 

وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشهود التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها، ولا يقبل النعي على الحكم إسقاطها بعض أقوال الشاهد ؛ لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه لما للمحكمة من حرية في تجزئه الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا تري الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها – كما هو الحال في الدعوي المطروحة -، وكان تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة أو في إسناد الاتهام للطاعنة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها.

 

وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوي قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات – بتحقيقات النيابة العامة – وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعنة للجريمة التي دينت بها، وقد استخلص الحكم منها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دانت الطاعنة بها، ومن ثم فإن ما تثيره لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

 

هذا فضلا عن أن المحكمة قد عرضت لكل ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ .

 

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على دليل من التقرير الطبي الشرعي ولم يشر إليه في مدوناته، فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله .

 

لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حال تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده لمؤدى أقوال شاهدة الإثبات الأولى -المجني عليها- أن الطاعنة أوهمتها أنها قامت بتصويرها حال ممارستها الرذيلة بفيديو وهددتها بإرساله لأهلها ولم يتساند في قضائه بالإدانة إلى وجود تلك المقاطع المصورة بالفعل بحوزة الطاعنة ولم يورد لها ذكراً فيما سطره، فان ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله .

 

لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعنة ما تثيره من عدم توصل التحريات لشخص باقي المتهمين في الجريمة طالما أن اتهام هؤلاء الأشخاص فيها لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعنة عن الجريمة التي دينت بها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لثبوت جريمة الاتجار بالبشر ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي على مرتكب الفعل المستوجب للعقوبة دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون على غير أساس .

 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خطأ الحكم في الإسناد لا يعيبه ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أورد على لسان المجني عليها أنها عقب وصولها مدينة …. استقبلتها الطاعنة في حين أنه قررت أنه حال وصولها للمدينة سالفة الذكر ظلت تعمل بمناطق مختلفة قبل التعرف على الطاعنة، ولما كان هذا الخطأ على فرض وجوده لم يظهر له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد غير سديد .

 

لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الطاعنة بتحقيقات النيابة أنها كانت تصطحب المجني عليها للملاهي الليلية للترفيه على مرتاديها وتحصلت من ورائها على منفعة مالية له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل .

 

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها .

 

لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تكشف عن أوجه الدفوع والدفاع التي تنعى على المحكمة قعودها عن الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى، وهل تحوى دفاعًا جوهريًا مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه، أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت رداً عليه، بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلًا مجهلًا، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .

 

فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تقدم ثمة حوافظ مستندات – خلافاً لما تدعيه بأسباب طعنها -، فإن منعاها في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك، وكانت حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم، ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 6 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن الاتجار بالبشر بفقراتها الثانية والثالثة والسادسة بدلاً من الفقرتين الثانية والسادسة فقط لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه، وذلك بحذف الفقرة الثالثة من المادة 6 المذكورة عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

 

 

 

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى