مكانة المحامي في الجلسة
بقلم: أ. محمود أحمد راغب
نظرا لدور المحامي بالجلسة في مساعدة العدالة فقد أفرد له المشرع تنظيماً خاصاً ينظم معاملته، والجزاءات التي توقع عليه، وكيفية توقيعها، خرج به عن التنظيم العادي الوارد بالمادتين ٢٤٣،٢٤٤ من قانون الاجراءات الجنائية، فنصت المادة ٢٤٥ من قانون الاجراءات الجنائية على أنه استثناء من الأحكام المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا وقع من المحامي أثناء قيامه بواجبه في الجلسة وبسببه ما يجوز اعتباره تشويشاً مخلا بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته جنائيا يحرر رئيس الجلسة محضرا بما حدث.
وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامي إلي النيابة العامة لإجراء التحقيق إذا كان ما وقع منه ما يستدعي مؤاخذته جنائيا، وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعى مؤاخذته تأديبيا.
وفي الحالتين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التي وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوا في الهيئة التي تنظر الدعوى وهذه الضمانة (الحصانة)لا تعد ميزة للمحامي، ولقد استقر الأمر على حصانة المحامي بالجلسة في قوانين المحاماة المتعاقبة بدءاً من القانون ٣٥ لسنة ١٩٣٩ انتهاء بالقانون الحالي رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ وتعديلات، حيث نصت المادة ٤٩ منه على أن للمحامي الحق في أن يعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة.
واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات و الجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانوني المرافعات و الاجراءات الجنائية إذا وقع المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيا او جنائيا يأمر رئيس الجلسة بتحديد مذكرة بما حدث و يحيلها إلى النيابة العامة و يخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك كما نصت المادة ٥٠ من ذات القانون على أنه لا يجوز القبض على محام أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه في الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة و جرائم القذف و السب و الإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أي من أعمال المهنة المشار إليها في هذا القانون، و يحرر في هذه الحالة مذكرة بما حدث و تحال إلى النيابة العامة و تبلغ صورتها إلي مجلس النقابة وللنائب العام أن يتخذ الاجراءات إذا كان ما وقع من المحامي يشكل جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات، أو أن يحيله إلى مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالنظام أو الواجب المهني وفي هذه الحالة تجري المحاكمة في جلسة سرية.
ولا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى القاضي أو أحد اعضاء الهيئة التي وقع امامها الفعل المؤثم ويعلق البعض على المادة ٥٠ بعد استبدالها بالقانون ١٩٧ لسنة ٢٠٠٨ بأن المشرع بهذه الخطوة يكون قد استكمل منظومة الحصانة التي أضفاها على المحامي اعترافا منه بالدور الخطير الذي يؤديه في خدمة العدالة فالمحامي هو المدافع الأول عن المتهم في مواجهة تغول السلطة وإصرار بعض أجهزتها على قهره وسوء معاملته وقد يدفعه تحمسه لأداء واجبه وانحيازه لمناسك العدالة و فرائضها الصارمة إلى التمسك بطلب يحتمل القبول والرفض و قد يصل الأمر به إلي حد المشادة بينه و بين عضو المحكمة المعتدي عليه، و ليس من المصلحة في هذه الحالة الحكم عليه في الحال حفاظاً علي كرامته، بل و كرامة مهنة المحاماة نفسها وكرامه العدالة وبما يكون في إرجاء الحكم عليه فرصة لعودة الوئام بينه و بين ذلك العضو.