مصر في 6 أكتوبر 1973
بقلم/ أحمد محمود سلام
من عاصروا تلك الأيام كمن عاشوا ألف عام؛ لأن الفرحة كما يقال في العامية المصرية تطيل العمر، وقتها كانت معركة الخلاص قيد الانتظار، وكانت مصر تصوم شهر رمضان، ولم يكن أبدًا في الخاطر أن تحارب مصر في شهر رمضان، وقد كان الشهر الفضيل من مسببات النصر، وتلك عبقرية السادات الذي استقر علي التوقيت، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشهد بداية حرب.
الساعة الثانية ظهرًا يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، قطعت الشك باليقين وكان العبور العظيم، وعند الغروب كان البيان رقم واحد من الإذاعة المصرية معلنا الخبر الذي انتظرته مصر ست سنوات، منذ الخامس من يونيو الحزين.
وقتها كانت الإذاعة هي الأثيرة على قلوب المصريين، وكانت مصر علي موعدها مع فرحة العمر حيث توالت البيانات تحمل أنباء المعركة التي أسفرت عن نصر مبين .
الإعلام المصري وقت المعركة تحت قيادة ابو الإعلام المصري، الدكتور محمد عبد القادر حاتم، القائم بأعمال رئيس وزراء مصر في وزارة الحرب، والتي ترأسها الرئيس السادات كان في أروع حالاته ،وماهي إلا ساعات من العبور وتبدأ الإذاعة في اذاعة أروع الأغاني التي استوحيت من فرحة النصر مثل باسم الله …الله اكبر باسم الله .. راجعين ..علي الربابة بغني، والتي ما إن تذاع في ذكري النصر إلا وتستبق الدموع فقد كان الصدق سيد الموقف .!
لم تسجل أقسام الشرطة خلال أيام المعركة حالات سرقة أو شجار وبالمجمل كانت مصر في بوتقة واحدة خلف الجيش في معركة الخلاص.
أيام معركة الخلاص لم تتكرر كثيرا بعد انتهاء المعركة لأن ايثار مصلحة الوطن جعل حديث المعركة واستقرار الجبهة الداخلية واجب الاستيعاب دون توجيه لأن المبتغى هو النصر ورد الاعتبار.
وهج تلك الأيام دائم الحضور في قلوب المصريين ومن لم يعاصرها يشعر بها ويتمني أن تظل أثرا في قلوب المصريين جيلا فجيلا، والجيش يحارب والشعب وراء الجيش قلبا وقالبا مشهد للتاريخ انتهى إلي نصر مبين وفرحة سوف تظل في قلوب المصريين.
لقد فقدت مصر خبرة أبناءها في معركة الخلاص ولن تنسي أبدا تضحيات خبر اجناد الأرض لأجل تحرير الأرض وتطهير ثري سيناء من الأعداء، فمصر التي عاشت أيام الانكسار ليست مصر التي استقبلت بشائر النصر وشتان ما بين الانكسار وفرحة محو العار.
في الذكري ال47 لنصر أكتوبر تحية إجلال إلي الشعب المصري العظيم الذي وقف خلف جيش عظيم والمحصلة نصر مبين سيظل علي طول السنين موضع فخار المصريين.