مسئولية الطبيب عن إصابة المريض بالإعاقة
بقلم / زكريا فام رياض
بادئ ذى بدء يجب الأشارة إلى أنه لكي تنعقد مسئولية الطبيب يجب أن يتوافر الخطأ من جانب الطبيب، والضرر الذى أصاب المريض، وأن تتوافر علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
إن المسئولية المدنية للأطباء أثارت جدلآ فى القضاء ما بين حماية المرضى من أخطاء الأطباء وضرورة توفير الحماية لهم ، وبين توفير الحرية للأطباء فى علاج مرضاهم وعدم إرهابهم بقواعد المسئولية.
ومن حيث أننا نتحدث عن خطأ الطبيب فإنه يجب أن نعرف ماهية الخطأ المهنى باعتبار أن الطبيب يمارس مهنة الطب
ويقصد بالخطأ المهنى الخطأ الفنى وهو ما يصدر عمن يمارسون مهنة معينة كالطبيب أو المحامى ،أو المهندس
من أخطاء متعلقة بعملهم ، ويحدد هذا الخطأ بالرجوع إلى القواعد الفنية التى تحدد أصول مباشرة هذه المهن أى أنه عندما نقيس سلوك طبيب معين فإننا نقيسه بالنظر إلى سلوك طبيب معتاد أى فى نفس ظروف مهنته
وبناء على ما تقدم يمكننا تعريف الخطأ الطبى بإنه إهمال ، أو تقصير أو عدم حيطة وخطأ من الطبيب لا يمكن أن يقع من طبيب آخر يعمل فى نفس ظروفه
وبالتالى فسلوك الطبيب الأخصائى بالنساء والتوليد يقاس وفقآ لمعيار طبيب أخصائى معتاد يمارس نفس الاختصاص ولا يمكن أن يقاس سلوك الطبيب الأخصائى بسلوك طبيب ممارس عام.
( أستاذنا دكتور / شحاته غريب شلقامى ، المسئولية المدنية للأطباء ، دراسة مقدمة لقسم الطب الشرعى والسموم بكلية الطب – جامعة أسيوط ، ص 10 وما بعدها )
وجدير بالذكر أن صور خطأ الطبيب التى تسبب الاصابة بالإعاقة متنوعة إلى خطأ فى التشخيص أو خطأ فى العلاج أو الإخلال بالالتزام بإعلام المريض عن المخاطر التى يمكن أن تصيبه فى حالة عدم إجراء فحوصات ، أو تحاليل معينة
ومما لا شك فيه أن الخطأ فى التشخيص قد يترتب عليه أيضا خطأ فى العلاج ومن ثم عدم اتخاذ القرار المناسب تجاه المريض.
وقد قضت محكمة النقض المصرية فى أحد أحكامها بأنه
” إذا كانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة فى تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا ومدنيا – قد قررات أن الطاعن قد أخطأ بقيامه بإجراء الجراحة فى العينين معآ فى وقت واحد مع عدم الحاجة فى الإسراع فى إجراء الجراحة
وفى ظل الظروف والملابسات المشار إليها فى التقارير الفنية – وهو أخصائى – ودون اتخاذ كافة الاحتياطات التامة لتأمين نتيجتها والتزام الحيطة الواجبة التى تتناسب ، وطبيعة الأسلوب الذى اختاره ، يعرض المريض بذلك لحدوث المضاعفات السيئة فى العينين معا فى وقت واحد الأمر الذى أنتهى إلى فقد إبصارهما بصفة كلية ،
فإن هذا القدر الثابت من الخطأ يكفى وحده لحمل مسئولية الطاعن جنائيآ ومدنيآ ”
( نقض جنائى ، طعن رقم 1566، جلسة 11 فبرير 1973، لسنة 42ق، مجموعة المكتب الفنى ، السنة الرابعة والعشرين ، ص 180 وما بعدها )
ومن حيث أنه وقد بان مما تقدم أن رعونة الطبيب وعدم يقظته وعدم مراعاته الأصول الفنية والعلمية الثابتة فى مهنة الطب ، أدى إلى إصابة المريض بأحد صور الإعاقة ، وهى الإعاقة الحسية ، أى فقد الإبصار فى العينين معآ.
ويجب أن نلفت الانتباه إلى أن من الصور الهامة للخطأ فى المجال الطبى هو التزام الطبيب بالإعلام ، أى الإدلاء بكافة البيانات الهامة المتعلقة بالمريض حتى يتثنى له اتخاذ القرار المناسب.
ومما لا شك فيه أن مسئولية الطبيب لا تقوم إلا إذا ترتب على الخطأ الذى أرتكبه ضرر. فلا مجال للتعويض لمجرد ارتكاب الخطأ ، بل يجب حدوث الضرر
وأن يكون وقع بالفعل،أو أن يكون محقق الوقوع فى المستقبل.
أى أنه لو لم يحدث فى الحال فأنه سيحدث محالة فى المستقبل.
وبالتالي لا يمكن التعويض عن الضرر الاحتمالى الذى يكون فى علم الغيب قد يحدث ، وقد لا يحدث
كما يجب أن يكون الضرر مباشرآ ويكون الضرر مباشرا كنتيجة طبيبعة للخطأ إذا لم يكن فى استطاعة المضرور توقيه ببذل جهد معقول.
ولقيام المسئولية يجب أن يكون هناك علاقة سببية بين خطأ الطبيب والضرر الذى اصاب المريض فإذا كان الضرر الذى اصاب المريض ليس بسبب الخطأ الذى ارتكبه الطبيب فإن مسئولية الطبيب لا تقوم فى هذه الحالة
ذلك أن من حق الطبيب أن يثبت أن الضرر الذى حدث ليس بسبب خطئه هو ، ولكنه نتيجة سبب آخر .
المادة (165) مدني فقد تكون الإصابة بالإعاقة ترجع إلى خطأ الطبيب المسئول ، أو خطأ مساعد الطبيب ، أو خطأ معمل التحاليل أو الأشعة
فإذا كانت جميع هذه الأخطاء منتجة لإحداث الضرر ،
فإن المسئولية تقع على الجميع بالتضامن ، ويلتزمون بدفع مبلغ التعويض بالتساوى ، إلا إذا حدد القاضى نصيب كل واحد منهم فى التعويض عملا بنص المادة (169) من القانون المدنى
ومن تطبيقات القضاء الفرنسى فى هذا الشأن هو رفض المحكمة دفاع الطبيب بأن فقد عين الطفل الذى كان يعالج من بعض الآلام فى أسنانه لا يرجع إلى خطئه هو ، إنما يرجع إلى الحادث المفاجئ المتمثل فى حركة الطفل غير المتوقعة أثناء ممارسة العمل ، واستندت المحكمة إلى أن الطفل يبلغ من العمر الثامنة ، وبالتالى لا يمكن اعتبار حركته فجائية ، وكان يتعين على الطبيب توقعها.