محكمة النقض: حظر تعدد الزوجات يعتبر من القواعد الأصلية في المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها
قالت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 898 لسنة 73 القضائية ” أحوال شخصية “، إن حظر تعدد الزوجات. من القواعد الأصلية في المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها المتعلقة بصميم العقيدة الدينية. مؤدى ذلك. بطلان الزواج الثاني المعقود حال قيام الزوجية الأولى ولو رضي به الزوجان. لأي منهما ولكل ذي شأن حق الطعن فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم ….. كلي أحوال شخصية ملي أبو تيج بطلب الحكم ببطلان عقد زواجها من شقيقه المتوفى المرحوم ….. مع ما يترتب على البطلان من آثار، وقال بيانا لدعواه إنه فوجئ بصدور الحكم رقم ….. أحوال شخصية ملي كلي شمال القاهرة بأن شقيقه متزوج بالمطعون ضدها وهو ما ادعته بزواجه منها بموجب وثيقة عقد زواج رسمي مؤرخ ….. في حين أنه كان متزوج بأخرى في عصمته وقد تحرر عن تلك الوثيقة جناية تزوير ضد محررها وشقيقه والمطعون ضدها، وإذ كانت الشريعة المسيحية لا تجيز الجمع بين زوجتين في آن واحد فقد أقام دعواه، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفته في رفعها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ….. ق أسيوط بتاريخ ….. قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وقبول الدعوى وندب خبيرًا فيها وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بجلسة….. برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن عقد زواج شقيقه بالمطعون ضدها قد وقع باطلاً بطلانًا مطلقًا لمخالفته نصوص المواد 15، 25، 41 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس إذ حرر حال زوجية قائمة والشريعة المسيحية لا تعرف تعدد الزوجات، ولم يتم طبقًا لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكانت تلك اللائحة لم تفرق في شأن تعدد الزوجات بين عقد زواج مدني وآخر ديني، وإذ جاء الحكم المطعون فيه وقضى برفض دعواه على سند من أن العقد المطلوب الحكم ببطلانه يعد عقدًا مدنيًا وليس عقدًا دينيًا ولا يشكل واقعة تعدد الزوجات وبالمخالفة لما نصت عليه اللائحة المذكورة فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في تحديد طلبات الخصم هي بما يطلب الحكم له به، وكانت الطلبات في الدعوى الحكم ببطلان عقد زواج المطعون ضدها بشقيق الطاعن باعتباره لا يشكل عقدًا دينيًا صحيحًا وفقًا للائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي ينتمي إليها الطرفان، بما يرتبه ذلك من عدم الاعتداد به والحكم ببطلانه حتى يتسنى ترتيب أثار هذا البطلان بموجب الحكم به، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه ولئن خلص إلى أن هذا العقد لا يشكل زواجًا دينيًا صحيحًا بما لازمه أن يقضى ببطلانه وإذ خالف الحكم هذا النظر وتناول العقد باعتباره عقدًا مدنيًا استوفى أركانه وشرائطه القانونية وانتهى إلى صحته فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن حظر تعدد الزوجات يعتبر من القواعد الأصلية في المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها المتعلقة بصميم العقيدة الدينية والواجبة الاحترام والخليقة بالانصياع فيما بين المسيحيين بحيث يعتبر الزواج الثاني المعقود حال قيام الزوجية الأولى باطلاً ولو رضي به الزوجان وللزوجين وكل ذي شأن حق الطعن فيه، وكان النص في المادة 15 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 على أن ” الزواج سر مقدس يثبت بعقد يرتبط به رجل وامرأة ارتباطًا علنيًا طبقًا لطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقصد تكوين أسرة جديدة للتعاون على شئون الحياة ” يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الزواج في شريعة الأقباط الأرثوذكس نظام ديني لا يكفى لانعقاده توافر الشروط الموضوعية من حيث الأهلية والرضا وانتفاء الموانع دائما، وإنما يلزم أن يتم الزواج علنا وفقًا للطقوس الدينية المرسومة وبعد صلاة الإكليل اعتبارًا بأن الصلاة هي التي تحل النساء للرجال والرجال للنساء وإلا كان الزواج باطلاً مما مؤداه أن عقد الزواج الصحيح يخضع لنظام الديانة المسيحية ويتم وفقًا لإجراءات طقوس الطائفة التي ينتمي الزوجان إليها، وكانت المادة 25 من اللائحة المذكورة قد نصت على إنه لا يجوز لأحد الزوجين أن يتخذ زوجًا ثانيًا ما دام الزواج قائمًا، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن زواج المطعون ضدها بالمرحوم ……. المؤرخ ……. قد تم أثناء قيام رابطة الزوجية بزوجته ……. بمنزل المطعون ضدها على يد القس ……. الذي تم عزله من رتبة الكهنوت اعتبارًا من …..، ولم تتم صلاة الإكليل بواسطة كاهن الكنيسة فإن العقد لا يكون قد استوفى الشكل الديني اللازم لانعقاده وفقًا للطقوس الكنيسية لطائفة الأقباط الأرثوذكس ومن ثم يضحى هذا العقد باطلاً الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا في موضوع الاستئناف رقم ……. ببطلان عقد الزواج المؤرخ ……..