محكمة النقض توضح ما يصح اتخاذه سنداً أساسياً للحكم
كتب: عبد العال فتحي
أوضحت محكمة النقض، خلال نظرها الطعن رقم 4385 لسنة 83 قضائية، أن التحقيق الذي يصح اتخاذه سنداً أساسياً للحكم هو الذي تقوم به المحكمة ذاتها أو بمعرفة قاضٍ يندب لذلك ويجرى وفقاً للأحكام التي رسمها القانون لشهادة الشهود في المادة 68 وما بعدها من قانون الإثبات أما ما يجرى سماعه من شهود بمحضر الشرطة فلا يعد تحقيقاً بالمعنى المقصود ولا يصلح أن ينبني حكم عليه وحده .
الوقائــــــــــــع
فى يوم 14/3/2013 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 15/1/2013 فى الاستئنافين رقمى 4460 ، 4501 لسنة 16 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة وفى نفس اليوم أودع الطاعنون مذكرة شارحة وحافظة بمستندات .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها نقض الحكم .
وبجلسه 15/2/2022عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة 21/6/2022 لنظره وبها نظر الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
الـــمــحـــكــمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/……… نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 394 لسنة ۲۰١٠ مدنى شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليهم خمسمائة ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً ، فضلاً عن التعويض الموروث ، وقالوا بياناً لذلك إنه أثناء عبور مورثهم مزلقان السكة الحديد صدمه أحد القطارات فحدثت إصابته التي أودت بحياته ، وحُرر عن الحادث المحضر رقم 7461 لسنة ٢٠٠٨ إداري بنها ، وإذ لحقهم ضرر من جراء ذلك ومن ثم كانت الدعوى.
حكمت محكمة أول درجة بالتعويض الذي قدرته . استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 4460 لسنة 16 ق القاهرة ، كما استأنفه المطعون ضده بصفته بالاستئناف رقم 4501 لسنة 16 ق أمام ذات المحكمة ، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول قضت بتاريخ 15/ 1 /۲۰۱۳ بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى .
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بسببي الطعن على الحكم المطعون فيـه الخطــــــأ فـــي تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ نفي عن الهيئة المطعون ضدها المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدنى تأسيساً على أن الحادث وقع بسبب خطأ مورثهم لعبوره خط السكة الحديد رغم غلق المزلقان وعمل أجراس الإنذار التى تنبئ بقدوم القطار ، وفقاً لأقوال عامل المزلقان بالمحضر المحرر عن الواقعة ، والتي لا ترقى إلى مرتبة الشهادة لعدم حلفه اليمين أمام المحكمة ، ولم يفطن إلى أن أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة أظهرت أن المزلقان كان مفتوحاً ، فضلاً عن عدم وجود أجراس الإنذار أو حائل يمنع المرور، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان النص في المادة 178 من القانون المدني على أن كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه … يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن المسئولية المقررة بهذه المادة تقوم على أساس خطأ مفترض من حارس الشيء ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه فأنشأ المشرع بذلك التزاماً قانونياً على عاتق من يتولى حراسة الآلات الميكانيكية أو أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة ألا يحدث الشييء الذي في حراسته ضرراً بالغير وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية.
فإذا وقع الضرر فإنه يكفي المضرور أن يثبت حدوثه بفعل الشيء لتقوم قرينة قانونية قاطعة على خطئه وإخلاله بالالتزام الذي فرضه القانون وتتحقق مسئوليته عن هذا الضرر ولا ترتفع هذه المسئولية عن حارس الشيء إلا إذا أقام هو الدليل على أن الضرر الذي حاق بالمضرور نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه ، كما أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التحقيق الذي يصح اتخاذه سنداً أساسياً للحكم هو الذي تقوم به المحكمة ذاتها أو بمعرفة قاضٍ يندب لذلك ويجرى وفقاً للأحكام التي رسمها القانون لشهادة الشهود في المادة 68 وما بعدها من قانون الإثبات أما ما يجرى سماعه من شهود بمحضر الشرطة فلا يعد تحقيقاً بالمعنى المقصود ولا يصلح أن ينبني حكم عليه وحده.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على خطأ مورث الطاعنين بعبوره خط السكة الحديد رغم غلق المزلقان وعمل أجراس الإنذار الذي ينبيء بقدوم القطار مما أدى إلى وقوع الحادث واعتبر ذلك سبباً أجنبياً يدرأ مسئولية الهيئة المطعون ضدها ، وكانت هذه الدعامة الوحيدة لقضائه قد استمدها من أقوال عامل المزلقان التي لا تعدو أن تكون قرينة لا تكفى وحدها لحمل قضاء الحكم دون أن يورد أية دلائل أو قرائن أخرى على انتفاء مسئولية الهيئة المطعون ضدها رغم تحققها بمجرد ثبوت وقوع الضرر بفعل القطار الذي تتولى حراسته وعدم إقامتها الدليل على وقوعه بسبب أجنبي ، وهو ما حجبه عن بحث الأضرار التي لحقت بالطاعنين وتقدير التعويض الجابر لها ، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لــــــــذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أميـــــــــن الســــــــــر نائب رئيس المحكمة