محكمة النقض توضح رد حجية الشيء المحكوم فيه

كتب: عبد العال فتحي

أوضحت محكمة النقض خلال نظرها الطعن  رقم 18717 لسنة 89 قضائية، أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى أسبابه إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ، فإن ما تحدث به الحكم المطعون فيه في أسبابه عن مصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين يكون مكملاً لمنطوقه في هذا الصدد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

الوقائـــــــــــــــــــــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 57113 لسنة 2018 مركز بلبيس (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 3202 لسنة 2018 ) بأنهم في يوم 15 من أكتوبر سنة 2018 بدائرة مركز بلبيس – محافظة الشرقية .

1- سرقوا المبلغ النقدى المبين وصفاً ومقداراً بالأوراق والمملوك لشركة الدقهلية للدواجن وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع علي المجني عليهم كلاً من/ ………………………………………… والتارك لآثار جروح بالأخير منهم بأن دلفوا إلى محل تواجدهم بمقر الشركة آنفة البيان وأشهروا في وجوههم أسلحة نارية بنادق آلية مطلقين منها أعيرة نارية إحداها أحدثت إصابة المجني عليه سالف الذكر وبثوا الرعب في أنفسهم وشلوا مقاومتهم وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من الاستيلاء على المبلغ المالي والفرار به على النحو المبين بالتحقيقات .

2- حازوا وأحرزوا سلاح ناري مششخن (بندقية آلية) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .

3- حازوا وأحرزوا ذخائر (سبع طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان حال كونه من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بها .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وقد إدعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنية وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 18 من يونية سنة 2019 عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات ، والمواد 1 /2 ، 6، 26/3، 4، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 29 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 والمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 ، والبند (ب) من القسم الثانى من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الداخلية 13354 لسنة 1995 وقرار رئيس مجلس الوزراء 2124 لسنة 2018 ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات . بمعاقبتهم بالسجن المؤبد عما أُسند إليهم وإلزامهم بالمصاريف الجنائية وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .

فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض الأول في 21 من يوليو سنة 2019، والثاني في 27 من الشهر ذاته ، والثالث في 24 من ذات الشهر ، والرابع في 5 من أغسطس سنة 2019 ، وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن الأولى في 29 من يوليو سنة 2019 عن المحكوم عليه الرابع موقعاً عليها من الأستاذ/ ………… ، والثانية في 15 من أغسطس سنة 2019 عن المحكوم عليهم جميعاً موقعاً عليها من الأستاذ / ………….. .

 

وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة .

 

المحكمـــــة

 

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقــــرر والمرافعة وبعد المداولة قانونــاً.

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي السرقة بطريق الإكراه الذي ترك أثر جروح ، وإحراز وحيازة سلاح ناري مششخن بندقية آلية وذخائره حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته وإحرازه ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به الأركان القانونية للجرائم التي دانهم بها ، وعول على أقوال المجني عليهم رغم عدم تعرفهم على المتهمين كونهم ملثمين وقت ارتكاب الواقعة ، واتخذ من تحريات الشرطة دليلاً على الإدانة رغم أنها لا تعدو أن تكون رأياً لمجريها ، ولم تقم المحكمة بإجراء معاينة لمكان الواقعة.

وقضت في الدعوى بناء على علمها الشخصي ، واستمرت في نظر الدعوى رغم طلب الرد المقدم من الطاعن الثاني للدائرة ، بما أسلس إلى تولد رغبة الإدانة في نفس قضاة المحكمة ، ويضيف الطاعن الرابع ذلك بأن المحكمة عولت في قضائها بإدانته على أقوال الضابط القائم بضبطه رغم عدم معقولية أقواله والمنازعة في مكان الضبط.

كما تساندت إلى تحريات الشرطة وأقوال الضابط مجريها رغم عدم جديتها بدلالة عدم توصلها لأسماء المتهمين المجهولين وعدم إفصاح مجريها عن مصدرها ، فضلاً عن أنها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليهم ، ودانته على الرغم من خلو الأوراق من ثمة دليل يقيني على الإدانة قبله استناداً منها إلى أدلة ظنية ، والتفتت عن طلبه بتأجيل نظر الدعوى لحضور محاميه الموكل عنه، وندبت دون رغبة منه محام آخر للدفاع عنه لم يتسن له الإلمام بوقائع الدعوى وجاء دفاعه شكلياً ، وأخيراً فإن المحكمة قد تعجلت الفصل في الدعوى – مما يعيبه بما يستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وساق على صحة إسنادها إليهم وثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال المجني عليهم وشهود الإثبات ، وتقرير الأدلة الجنائية ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعی الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.

وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا يُنظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يُقبل التمسك به أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ؛ لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد .

وكان من المقرر في القانون أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى أسبابه إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ، فإن ما تحدث به الحكم المطعون فيه في أسبابه عن مصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين يكون مكملاً لمنطوقه في هذا الصدد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

 

فلهــذه الأسبــاب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .

أميــن الســر نائب رئيس المحكمــة

زر الذهاب إلى الأعلى