محكمة النقض توضح أسباب بطلان الحكم لإغفال الدفوع الجوهرية والمؤثرة في النتيجة

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 10717 لسنة 90، أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة؛ إذ يعد ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. 

تتحصل الوقائع في أنه يوم 23/4/2020 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم الصادر بتاريخ 10/3/2020 في الاستئناف رقم 924 لسنة 52 ق، وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة ـــــــــ بصفة مستعجلة ـــــــــ وقـــف تنفيـذ الحكــم المطعــون فيــه مؤقتًا إلــى حيــن الفصل في الموضوع، والحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.

وفي اليوم ذاته أودعت الطاعنة مذكرة شارحة. وفي 23/8/2020 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن. ثم أودعت النيابة مذكرتها، وطلبت فيها: رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع برفضه.

وبجلسة 17/5/2022 عُرِضَ الطعــــن على المحكمــة ـــــــ في غرفة مشورة ـــــــ فرأت أنه جدير بالنظر؛ فحددت لنظره جلسة للمرافعة، وبجلسة 5/7/2022 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ـــــ حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها ـــــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.

ومن حيث إن الواقعات ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن ــ تتحصل في أن المطعون ضده تقدم بطلب إلى الجهة الإدارية المختصة جاء به أن الطاعنة قد أنهت عقد عمله من دون وجه حق، ولتعذر التسوية الودية أحيلت الأوراق إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية وقيدت برقم 1575 لسنة ٢٠١٨ وحدد المطعون ضده طلباته بطلب الحكم بإلغاء قرار فصله وإعادتـه إلـى عمـلـه مـع التعويض على أن يشمل ذلك صرف أجره عن شهر سبتمبر ۲۰۱۸ ومقابل رصيد إجازاته. واجهت الطاعنة الدعوى بدفاع مؤداه أنها لم تقم بفصل المطعون ضده وإنما هو الذي انقطع عن أداء عمله من دون إبداء مسوغ لذلك كما أنه لم يبد سببًا مقبولًا يسوغ غيابه، ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الطاعنة أن تؤدي إلى المطعون ضده المبالغ التي قدرتها عن إنهاء عقد عمله ومقابل رصيد إجازاتـه وأجـره عـن شهر سبتمبر ۲۰۱۸.

استأنفت الطاعنـة هـذا الحكم بالاستئناف رقم ٩٢٤ لسنة ٥٢ ق طنطا مأمورية شبين الكوم، وبتاريخ ۱۰/۳/۲۰۲۰ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض فيما قضى به من تعويض عن إنهاء عقد عمل المطعون ضده، وقدمت النيابة مذكرة ارتأت فيها رفض الطعن. عُرِضَ الطعـــــن على المحكمة ــــــ في غرفـــة مشــــورة ــــــ فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول: إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنها لم تقم بإنهاء خدمة المطعون ضده من جانبها ومن دون مسوغ وإنما المطعون ضده هو الذي انقطع عن أداء عمله بدءًا من ٢٥/٩/٢٠١٨ ولأكثر من عشرة أيام متتالية فاستخدمت حقها الممنوح لها بنص المادة 69 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، وأنذرته لشخصه في 9/۱۰/۲۰۱۸ و١٦/۱۰/۲٠۱۸ لتبصيره بما قد يتخذ ضده من إجراءات قانونية فـي حـال اكتمال مدة الغياب الموجبة لإنهاء الخدمة إلا أنه لم يستجب وقدمت إثباتًا لذلك إنذاري الغياب وإخطار هيئة التأمين الاجتماعي بهجر المطعون ضده لعمله من تلقاء نفسه إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن بحث دفاعها المؤيد مستنديًا واكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه فيما قضى به من تعويض عن إنهاء عقد العمل، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك بأن من المقـــــرر ـــــــ في قضاء هذه المحكمة ــــــ أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة؛ إذ يعد ذلك الإغفال قصورًا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنها لم تقم بإنهاء علاقة العمل مع المطعون ضده بمحض إرادتها ومشيئتها المنفردة وإنما أقدمت على ذلك إثر انقطاع المطعون ضده عن أداء عمله بدءًا من ٢٥/٩/٢٠١٨ وقدمت إثباتًا لذلك إنذاري الغياب وما يفيد أن المطعون ضده قد هجر العمل من تلقاء نفسه إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع على الرغم من جوهريته، وهو دفاع إن صح قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه فيما قضى به من تعويض عن إنهاء عقد العمل على أن يكون مع النقض الإحالة، أما عما قضى به الحكم من مقابل رصيد الإجازات وأجر المطعون ضده فإنه ليس محل نعي من الطاعنة فلا تملك المحكمة التعرض له.

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض عن إنهاء عقد العمل، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم، وألزمت المطعون ضده مصروفات الطعن ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفته من الرسوم القضائية.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى