محكمة النقض: المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقًا مكتسبًا في ظل قانون معين تخضع كأصل عام لأحكامه
علي عبدالجواد
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 10643 لسنة 83، أن أن المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل عام من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما ينطبق بأثر فوري مباشر على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين.
الوقائع: نزاع بين فرد وشركة حول ضم مدة الخدمة العسكرية إلى مدة الخدمة المدنية
تتحصل الوقائع في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم ٨٢٥ لسنة ٢٠١٢ عمال الفيوم الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته المدنية لديها مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال بيانا لدعواه: إنه من الحاصلين على مؤهل دراسي والتحق بالعمل عند الطاعنة بالتعيين الدائم وله مدة خدمة عسكرية بالقوات المسلحة، وإذ امتنعت الطاعنة عن ضمها إلى مدة خدمته المدنية لديها، فأقام الدعوى.
حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة يضم مدة الخدمة العسكرية للمطعون ضده إلى مدة خدمته المدنية بالشركة الطاعة، وما يترتب عليها من فروق مالية اعتبارا من 28/12/2009.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 لسنة 49 في بني سويف مأمورية الفيوم، وبتاريخ 14/4/2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
رد محكمة النقض بشأن نعي الطاعنة على الحكم الخطأ في تطبيق القانون
قالت محكمة النقض: «وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول: إن الحكم قضى بإلزامها بضم مدة الخدمة العسكرية للمطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار متخذاً من نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية بعد استبدالها بالقانون رقم ١٥٢ لسنة ٢٠٠٩ والمعمول به اعتباراً من 28/12/2009 سنداً له في حين أن المطعون ضده عين لديها في ظل العمل بحكم هذا النص قبل استبداله، والذي كان يشترط لضم مدة الخدمة العسكرية مراعاة قيد الزميل بمعنى ألا يسبق المجند زميله في التخرج الذي عين معه في جهة العمل ذاتها، وذلك لتجنب الإخلال بأقدميات العاملين والمراكز القانونية المكتسبة، وهو ما التزمته».
وتابعت: «إلا أن الحكم بقضائه المطعون فيه وضمه لمدة الخدمة العسكرية من دون أن يبين في أسبابه سنده في ذلك وشروط ضم مدة الخدمة العسكرية بما تتضمنه من مراعاة قيد الزميل يكون قد خالف القانون وأخل بالمراكز القانونية للعاملين بها، فضلاً عن إعماله التعديل المستحدث للقانون بأثر رجعي، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه».
محكمة النقض: المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل عام من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون
أشارت محكمة النقض إلى أن هذا النعي في محله؛ ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل عام من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما ينطبق بأثر فوري مباشر على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، وأن العبرة في هذا بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليست بوقت المطالبة.
وأضافت المحكمة أن من المقرر أيضاً أن العبرة في تحديد قانون الخدمة العسكرية الساري على الواقعة وما أجري عليه من تعديل هو بتاريخ تعيين العامل على درجة دائمة مدرجة بالهيكل الوظيفي للمنشأة وفي أدنى درجات السلم الوظيفي، على أن يكون ذلك لمرة واحدة عند بداية التعيين، ولا عبرة من بعد بحصول العامل في أثناء الخدمة على مؤهل دراسي أعلى أو انتقاله إلى جهة عمل أخرى؛ لأنه يكون قد استنفد حقه المقرر قانوناً، وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يتعين لسلامة الحكم أن يكون في ذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت إليها، وبذلت في سبيل ذلك كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى الواقع في الدعوى حتى تنزل عليه الحكم الصحيح.
وذكرت المحكمة أن مفاد نص المادة 44 من قانون الخدمة العسكرية قبل استبدالها بالقانون رقم ١٥٢ لسنة ٢٠٠٩ أن المشرع رعاية منه للمجند قرر الاعتداد بمدة خدمته العسكرية والوطنية الإلزامية الحسنة ومدة الاستبقاء بعدها وحسابها في أقدميته وكأنها قضيت بالخدمة المدنية عند تعيينه، بشرط ألا يسبق زميله في التخرج الذي عين معه في جهة العمل ذاتها. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده من ذوي المؤهلات وقد عمل بالشركة الطاعنة بتاريخ 18/2/1984.
واستكملت: «وكان ذلك في ظل العمل بحكم المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية قبل استبدالها بالقانون رقم ١٥٢ لسنة ٢٠٠٩، وكانت الطاعنة قد تمسكت بوجود قيد زميل يحول دون ضم مدة الخدمة العسكرية للمطعون ضده وفقاً لمفهوم المادة (44) المشار إليها قبل استبدالها، وأنه لا يعمل بهذا النص المستبدل إلا من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية والتي نشر بها في 27/12/2009، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من ضم مدة الخدمة العسكرية للمطعون ضده دون إعمال المادة (44) المشار إليها قبل استبدالها، وحجبه ذلك عن بحث مدي توافر قيد الزميل من عدمه، بحسب أن قانون الخدمة العسكرية من النظام العام، فإنه يكون معيباً بالقصور، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، وعلى أن يكون مع النقض الإحالة».
نقض الحكم وإحالة القضية إلى الاستئناف
نقضت المحكمة – الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بني سويف مأمورية الفيوم، وألزمت المطعون ضده بالمصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفته من الرسوم القضائية.