محكمة النقض: الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية

كتب: علي عبدالجواد

قالت محكمة النقض إن الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات ، وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له.

    وتابعت: « وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه ، فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره، وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية تقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف في القصد».

الحكم

باسم الشعب

محكمة النقض

دائرة الاثنين مدني أ

الطعن رقم ١٨٧٤٢ لسنة ٨٩ قضائية

جلسة الاثنين الموافق ٢٢ من مارس سنة ٢٠٢١

ــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضى / بليغ كمال” نائب رئيس المحكمة “

وعضوية السادة القضاة / رمضان عثمان،د. أحمد فاروق عوض، منير محمد أمين

” نواب رئيس المحكمة ” و أحمد سيد يوسف

ــــــــــــــــــــــــــ

( ١، ٢ ) قضاة ” دعوي المخاصمة ” . محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع فى دعوى المخاصمة : تقدير جسامة خطأ القاضي “.

(١) الأصل . عدم خضوع القاضى فى نطاق عمله للمساءلة القانونية . الاستثناء . وروده على سبيل الحصر . م ٤٩٤ مرافعات . مناطه .

(٢) أسباب المخاصمة . الغش والتدليس والغدر والخطأ المهني الجسيم . ماهيتهم وما يخرج عن دائرة الخطأ . تقدير جسامة الخطأ من مسائل الواقع . خضوعه لتقدير محكمة الموضوع .

(٣ ، ٤) قوة الأمر المقضي ” أثر اكتساب قوة الأمر المقضي ” ” قوة الأمر المقضي واعتبارات النظام العام ” .

(٣) القضاء النهائي . اكتسابه قوة الأمر المقضي فيما قضى فيه بين الخصوم سواء في المنطوق أو الأسباب المرتبطة به . أثره . امتناع الخصوم من العودة إلى مناقشة المسألة التى فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها .

(٤) قوة الأمر المقضى للأحكام النهائية . تعلو على النظام العام ولو أقيمت على قاعدة غير صحيحة قانوناً.

(٥) إثبات ” عبء الاثبات : عبء اثبات مخالفة الإجراءات”.

الأصل فى الاجراءات أنها روعيت صحيحة . عبء اثبات ما يخالف ذلك على مدعيه .

(٦) نيابة ” النيابة الاتفاقية : تمثيل الولى للقاصر بعد انتهاء الولاية ” .

تمثيل الولى أو الوصي للقاصر فى الخصومة بعد انتهاء ولايته عليه أو صايته له ودون اعتراض منه أو تنبيه المحكمة إلى زوال صفة ممثله . صحيح . علة ذلك .

(٧) إثبات ” عبء الاثبات : عبء اثبات مخالفة الإجراءات”.قضاة ” دعوي المخاصمة “. محكمة الموضوع ” سلطة محكمة الموضوع فى دعوى المخاصمة:تقدير جسامة خطأ القاضي”.

عدم تقديم المخاصم الدليل علي سبق تقديمة إعلام وراثة لمن توفي أثناء نظر الطعن . قضاء الحكم موضوع المخاصمة باستيفاء الطعن لأوضاعه الشكلية . مفاده . تحقق الدائرة مصدرة الحكم من صحة تمثيل الخصوم أمامها . مؤداه . سلامة الحكم . قضاء الدائرة المخاصم أعضائها بنقض الحكم المطعون فيه أمامها وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء الخصومة تأسيساً علي سبق صدور حكم بات من محكمة النقض ببطلان العقد موضوع التداعي . صحيح .

ــــــــــــــــــــــــــ

١-المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات ، وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له ، وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه ، فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره، وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية تقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف في القصد.(١)

٢-المقرر– فى قضاء محكمة النقض – أن عد الشارع من أسباب المخاصمة الغش والتدليس والغدر والخطأ المهني الجسيم ، والمقصود بالغش والتدليس والغدر هو انحراف القاضي في عمله عن العدالة وعما يقتضيه واجب القانون قاصداً هذا الانحراف وبسوء نية ، إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للقاضي ، والخطأ المهني الجسيم هو وقوع القاضي في خطأ فادح أو إهمال مفرط ما كان له أن يتردى فيهما لو اهتم بواجبات وظيفته الاهتمام العادى ولو بقدر يسير بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتى بحسن نية ، فتخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأى أو تطبيق قانونى يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية للمساءلة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو آراء الفقهاء ، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع . (٢)

٣-المقرر– فى قضاء محكمة النقض – أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم سواء في المنطوق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذا المنطوق، ومتي حاز هذا الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوي التي صدر فيها من العودة إلي مناقشة المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها. (٣)

٤-المقرر– فى قضاء محكمة النقض – أن قوة الأمر المقضي التي تلحق بالأحكام النهائية- حتى ولو أقيمت علي قاعدة غير صحيحة في القانون-تقع في عليا مراتب النظام العام.(٤)

٥-المقرر– فى قضاء محكمة النقض – أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة وعلي من يدعي مخالفتها إقامة الدليل علي ذلك.(٥)

٦-المقرر– فى قضاء محكمة النقض – أن استمرار الولي أو الوصي في تمثيل القاصر في الخصومة بعد انتهاء ولايته عليه أو وصايته له ودون اعتراض منه أو تنبيه المحكمة إلي زوال صفة من يمثله يعتبر صحيحا ومنتجاً لأثاره القانونية لأن تمثيله في هذه الحالة يستند إلي نيابة اتفاقية بعد أن كانت قانونية. (٦)

٧-المقرر– فى قضاء محكمة النقض – إذ كان الثابت من الحكم موضوع دعوي المخاصمة أنه قضي بأن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية بما يعني أن الدائرة قد تحققت من صحة تمثيل الخصوم أمامها وهو ما يكفي لسلامة الحكم فضلاً عن أن المخاصم لم يقدم الدليل علي سبق تقديم إعلام وراثة لمن توفي أثناء نظر الطعن سيما وأنه قام باختصامه في دعوي المخاصمة، فإن النعي على الحكم بما جاء بوجه النعي فضلاً على أنه على غير أساس يكون عارياً عن الدليل. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن هناك نزاعاً نشب بين ورثة/ ……… (المدعي عليهم ثالثاً في دعوي المخاصمة) والمخاصم بشأن مركزهم القانوني وصفتهم في تمثيل شركة …. للإنشاءات بعد وفاة مورثهم من خلال الدعوي رقم …. لسنة ١٩٩٩ أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، وقضي فيها بحكم بات صادر من محكمة النقض في الطعن رقم ….. لسنة ٨٢ ق إلى بطلان عقد البيع المؤرخ …/…/١٩٩٨ – موضوع التداعي في الدعوي الراهنة- بعد أن تبين لها توافر الصفة والمصلحة لهؤلاء الورثة بعد وفاة مورثهم واستمرار الشركة وحلولهم محله، وقضت الدائرة المخاصم أعضائها – بناء علي أن الحكم المار ذكره قد حاز قوة الأمر المقضي به في شأن صفة الورثة-بنقض الحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء الخصومة بعد أن قضت المحكمة في الطعن رقم …. لسنة ٨٢ ق بإبطال عقد البيع المؤرخ …/…./١٩٩٨ وهو ذات العقد مدار النزاع في الدعوي رقم …. لسنة ٢٠٠٧ مدني كلي مطروح واستئنافها رقم ….. لسنة ٦٥ ق الإسكندرية موضوع النزاع الراهن لأن ابطال ذلك العقد يترتب عليه انتهاء الخصومة ، ومن ثم فإن الحكم يكون مبرأ من أي خطأ وبالتالي فإن ما ينعاه المخاصم بوجهي المخاصمة لا يعتبر خطاً مهنياً جسيماً مما يندرج ضمن أسباب المخاصمة المنصوص عليها في المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات ويكون النعي عليه بالوجهين علي غير أساس. (٧)

ــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر/ رمضان السيد عثمان ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من سائر الأوراق – تتحصل في أن المخاصم أقام دعوى المخاصمة الراهنة بتقرير في قلم كتاب محكمة النقض مخاصماً فيها رئيس وأعضاء الدائرة المدنية بمحكمة النقض – الاثنين (د) – التي أصدرت بتاريخ ٤/٢/٢٠١٩ حكماً في الطعن رقم ٦٧٢٥ لسنة ٨٦ ق بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف رقم ١٠٦ لسنة ٦٥ ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء الخصومة، وذلك بطلب الحكم بقبول الخصومة شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف التعامل مؤقتاً علي قطعة الأرض موضوع التداعي لحين الفصل في الدعوي، وفي الموضوع ببطلان وإلغاء الحكم الصادر من الدائرة المخاصمة وإلزام رئيسها وأعضائها بالتضامن مع السيد وزير العدل بأن يؤدوا له المبلغ الذي تقدره المحكمة تعويضاً عن الأضرار التي أصابته، وإعادة الفصل في الطعن بالنقض سالف الإشارة اليه، وأرفق محامي المخاصم بتقرير المخاصمة توكيلاً خاصاً من المخاصم يبيح له رفع دعوي المخاصمة وحافظة مستندات. وقال شرحاً لدعواه أنه وآخر غير مختصم في الدعوي أقاما علي الشركة ….. للاستثمار العقاري والصناعي والممثل القانوني لشركة ….. للإنشاءات – مورث المدعي عليهم ثالثا – الدعوى رقم ٣٥٠ لسنة ٢٠٠٧ مدني كلي مرسي مطروح بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ ٢٣/٦/١٩٩٨ المتضمن بيع الشركة الثانية إلي الشركة الأولي قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ ٢٦/٢/٢٠٠٣ المتضمن بيع الشركة الأخيرة لها ذات المساحة وإذ تقاعست الشركتان عن تسليمهما المستندات اللازمة لاتخاذ إجراءات التسجيل فقد أقاما الدعوي بطلبيهما سالفي البيان، حكمت المحكمة بإلحاق محضر الصلح المؤرخ ٨/١٠/٢٠٠٧ بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي بشأن عقد البيع المؤرخ ٢٦/٢/٢٠٠٣، أقام المخاصم والآخر علي الشركتين المذكورتين دعوي إغفال قيدت بذات الرقم السابق أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ ٢٣/٦/١٩٩٨ – عقد البائع للبائع لهما – سالف البيان لإغفال المحكمة الفصل فيه، وبتاريخ ٢٣/٢/٢٠٠٩ حكمت المحكمة بطلبهما . استأنف ورثة البائع للبائع هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٠٦ لسنة ٦٥ ق لدي محكمة استئناف الإسكندرية “مأمورية مطروح” وبتاريخ ٢٣/٢/٢٠١٠ قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ ٢٣/٦/١٩٩٨ وبرفض الدعوي بالنسبة لهذا الشق. طعن المخاصم والأخر في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ٧٦١١ لسنة ٨٠ ق وبتاريخ ١٩/٥/٢٠١٤ نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلي محكمة استئناف الإسكندرية – مأمورية مطروح – وبعد تعجيل الاستئناف قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوي بالنسبة للعقد المؤرخ ٢٣/٦/١٩٩٨. أقام المخاصم وآخر دعوي المخاصمة رقم ٢٣ لسنة ٧١ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية ضد السادة / قضاة الدائرة الأولي بمحكمة استئناف الإسكندرية -مأمورية مرسي مطروح – بطلب الحكم بقبول المخاصمة وبطلان الحكم الصادر في الاستئناف رقم ١٠٦ لسنة ٦٥ ق الإسكندرية وإلزام قضاة الدائرة مصدرة الحكم بالتضامن مع آخر بأن يؤدوا لهما تعويضاً نتيجة ما وقع منهم من خطأ جسيم حال نظرهم وفصلهم في الاستئناف سالف البيان، وبتاريخ ٥/١٠/٢٠١٥ حكمت المحكمة بقبول المخاصمة ، ثم بتاريخ ٥/٤/٢٠١٦ قضت ببطلان الحكم الصادر في الاستئناف رقم ١٠٦ لسنة ٦٥ ق الإسكندرية وبعدم جواز الاستئنافين الأصلي والفرعي وبعدم جواز التدخل الانضمامي فيه ، طعن المخاصم والآخر في ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ٦٧٢٥ لسنة ٨٦ ق ، وبتاريخ ٤/٢/٢٠١٩ أصدرت الدائرة المخاصم أعضائها الحكم موضوع المخاصمة، فأقام المخاصم دعواه الراهنة، وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمخاصم ضدهم من الخامس وحتي السابع وفي الموضوع برفضه وإذ عرضت الدعوي علي هذه المحكمة في غرفة مشورة وبتاريخ ٩/١١/٢٠٢٠ حضر المخاصم كما حضر وكيل المخاصم ضدهما ثالثاً ورابعاً وقدم مذكرة وحافظة مستندات ، كما حضر وكيل المخاصم ضده خامساً وقدم مذكرة وحافظة مستندات ، وبجلسة ٢٨/١٢/٢٠٢٠ حضر المخاصم وقدم مذكرتي دفاع وحافظتي مستندات ، كما حضر المخاصم ضده خامساً وقدم مذكرة بالدفاع والتزمت النيابة رأيها ، والمحكمة قررت حجز الدعوي للحكم فيها بجلسة اليوم.

وحيث إن دعوي المخاصمة أقيمت علي وجهين حاصلهما أن الطاعنين الأول والثانية في الطعن محل المخاصمة لم يودعا سند وكالتهما للمحامي رافع طعنهما إعمالاً للمادة ٢٥٥ من قانون المرافعات ودفعت نيابة النقض في مذكرتها المودعة في ذلك الطعن بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفه ما لم يقدم الطاعنان سالفي الذكر سند وكالتهما حتي إقفال باب المرافعة ، وأن الطاعن الأول في ذات الطعن قد توفي بتاريخ ٢٤/٧/٢٠١٧ أثناء نظره بما كان يوجب القضاء بانقطاع سير الخصومة عملاً بالمادة ١٣٠ من قانون المرافعات خاصة وأن وفاته قد ثبتت وفقاً للإعلام الشرعي الذي تم تقديمه للمحكمة، وأثبت الحكم موضوع المخاصمة وجود قصر في الطعن بوصاية الطاعنة الثانية رغم أنهم بلغوا جميعاً سن الرشد ، فضلاً عن انعدام صفه الطاعنين في الطعن محل دعوي المخاصمة كممثلين لشركة سبيك للإنشاءات لثبوت تخارجهم منها نهائياً واستلامهم كافة مستحقاتهم فيها ، وتم التأشير بذلك التخارج في السجل التجاري قبل أكثر من عام علي صدور الحكم المطعون فيه في الطعن محل المخاصمة ، وأن وكيله قدم في الجلسة المحددة لنظر طلب وقف التنفيذ حافظة مستندات طويت علي مستخرج من السجل التجاري للشركة بما يفيد زوال الصفة والمصلحة للطاعنين ” ورثة ………..” في تمثيل الشركة بشأن قطعة الأرض محل التداعي إلا أن الدائرة المخاصمة أغفلت الدفع الذي أبدته نيابة النقض إيراداً ورداً رغم جوهريته، كما أغفلت الرد علي دفع المخاصم بانعدام صفة هؤلاء الورثة علي النحو سالف البيان، وأغفلت كذلك الإشارة إلي حافظة المستندات التي قدمها ، وهو ما يكون معه الدائرة المخاصمة قد وقعت في خطأ مهني جسيم إذ أنها لو قامت بواجبها في الرد علي هذه الدفوع والدفاع الذي أبداه وطرحته علي بساط البحث لتغير به وجه الرأي في الطعن ، بما يستوجب اتخاذ إجراءات المخاصمة قبل رئيسها وأعضائها .

وحيث إن النعي بوجهيه غير سديد ، ذلك أن الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات ، وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له ، وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه ، فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره ، وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية تقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف في القصد ، وقد عد الشارع من أسباب المخاصمة الغش والتدليس والغدر والخطأ المهني الجسيم ، والمقصود بالغش والتدليس والغدر هو انحراف القاضي في عمله عن العدالة وعما يقتضيه واجب القانون قاصداً هذا الانحراف وبسوء نية ، إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للقاضي ، والخطأ المهني الجسيم هو وقوع القاضي في خطأ فادح أو إهمال مفرط ما كان له أن يتردى فيهما لو اهتم بواجبات وظيفته الاهتمام العادى ولو بقدر يسير بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتى بحسن نية ، فتخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأى أو تطبيق قانونى يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية للمساءلة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو آراء الفقهاء ، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، وأن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم سواء في المنطوق أو في أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذا المنطوق، ومتي حاز هذا الحكم هذه القوة فإنه يمنع الخصوم في الدعوي التي صدر فيها من العودة إلي مناقشة المسألة التي فصل فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها ، وكانت قوة الأمر المقضي التي تلحق بالأحكام النهائية – حتي ولو أقيمت علي قاعدة غير صحيحة في القانون-تقع في عليا مراتب النظام العام ، ولما كان من المقرر أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت صحيحة وعلي من يدعي مخالفتها إقامة الدليل علي ذلك، وأن استمرار الولي أو الوصي في تمثيل القاصر في الخصومة بعد انتهاء ولايته عليه أو وصايته له ودون اعتراض منه أو تنبيه المحكمة إلي زوال صفة من يمثله يعتبر صحيحا ومنتجاً لأثاره القانونية لان تمثيله في هذه الحالة يستند إلي نيابة اتفاقية بعد أن كانت قانونية. ولما كان الثابت من الحكم موضوع دعوي المخاصمة أنه قضي بأن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية بما يعني أن الدائرة قد تحققت من صحة تمثيل الخصوم أمامها وهو ما يكفي لسلامة الحكم فضلاً عن أن المخاصم لم يقدم الدليل علي سبق تقديم إعلام وراثة لمن توفي أثناء نظر الطعن سيما وأنه قام باختصامه في دعوي المخاصمة، فإن النعي على الحكم بما جاء بوجه النعي فضلاً علي أنه علي غير أساس يكون عارياً عن الدليل. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن هناك نزاعاً نشب بين ورثة/ ………… (المدعي عليهم ثالثاً في دعوي المخاصمة) والمخاصم بشأن مركزهم القانوني وصفتهم في تمثيل شركة ….. للإنشاءات بعد وفاة مورثهم من خلال الدعوي رقم ٦٣١٦ لسنة ١٩٩٩ أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ، وقضي فيها بحكم بات صادر من محكمة النقض في الطعن رقم ١٢٩٧٨ لسنة ٨٢ ق إلي بطلان عقد البيع المؤرخ ٢٣/٦/١٩٩٨ – موضوع التداعي في الدعوي الراهنة- بعد أن تبين لها توافر الصفة والمصلحة لهؤلاء الورثة بعد وفاة مورثهم واستمرار الشركة وحلولهم محله، وقضت الدائرة المخاصم أعضائها – بناء علي أن الحكم المار ذكره قد حاز قوة الأمر المقضي به في شأن صفة الورثة-بنقض الحكم المطعون فيه، وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبانتهاء الخصومة بعد أن قضت المحكمة في الطعن رقم ١٢٩٧٨ لسنة ٨٢ ق بإبطال عقد البيع المؤرخ ٢٣/٦/١٩٩٨ وهو ذات العقد مدار النزاع في الدعوي رقم ٣٥٠ لسنة ٢٠٠٧ مدني كلي مطروح واستئنافها رقم ١٠٦ لسنة ٦٥ ق الإسكندرية موضوع النزاع الراهن لإن ابطال ذلك العقد يترتب عليه انتهاء الخصومة ، ومن ثم فإن الحكم يكون مبرأ من أي خطأ وبالتالي فإن ما ينعاه المخاصم بوجهي المخاصمة لا يعتبر خطاً مهنياً جسيماً مما يندرج ضمن أسباب المخاصمة المنصوص عليها في المادة ٤٩٤ من قانون المرافعات ويكون النعي عليه بالوجهين علي غير أساس.

ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بعدم جواز المخاصمة وبتغريم المخاصم ومصادرة الكفالة عملاً بنص المادة ٤٩٩ من ذات القانون وهو ما يستتبع عدم التعرض لطلب التعويض.

لـذلــــــــــــــــــك

حكمــــــــــــت المحكمـــــــــــة بعدم جواز المخاصمة وبتغريم المخاصم مبلغ أربعة آلاف جنيه، ومصادرة الكفالة.

زر الذهاب إلى الأعلى