مجرد مداخلة

بقلم: مصطفي كامل صادق

هذه مداخلة نسلط فيها الضوء علي بعض ما جاء بمشروع تعديل قانون الاجراءات الجنائيه والمقدم من جانب رئيس اللجنه التشريعيه بمجلس النواب المستشار بهاء الدين أبو شقه لمناقشته بالبرلمان.

ونود بالبدايه أن نثمن تلك المحاوله لتحريك المياه الراكده من نصوص دستوريه معطله ( ٩٦- ٢٤٠ ) وما جاء بهما بأن ينظم القانون إستئناف الاحكام الصادره في الجنايات ، وأن تكفل الدوله توفير الإمكانيات الماديه والبشريه المتعلقه بإستئناف الأحكام الصادره في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بأحكام دستور ٢٠١٤ . وها قد مضي منهم الستة أعوام دون أن يسبق سيادته أحد في تناول تلك المسألة التشريعيه ؛ والتي قد تعد بمثابة ثوره بالتشريع الجنائي لإستحداثه نظام التقاضي علي درجتين أمام محاكم الجنايات.

 

لذلك كان حريآ علي جميع المهتمين بالشأن القانوني أن يدلي كل بدلوه لأتمام مشروع سيادته وتحصينه ضد جميع المثالب الدستوريه التي قد تعتريه علي هيئته.

ومما لا شك فيه أن مبدأ التقاضي علي درجتين هو أحد المبادئ الهامه التي يقوم عليها النظم القضائيه المعاصره أيا كان نوعه مدنيآ ، جنائيآ ، إداريآ …. لما يكفله من حسن سير العداله وإيصال الحقوق لأصحابها مع كفالة حقوق الدفاع كامله.

إذ يحث قضاة محاكم الدرجه الأولي علي العنايه بأحكامهم والتأني في إصدارها خشية إلغائها أو تعديلها أمام محاكم الدرجه الثانيه ، كما يسمح للخصوم بتصحيح ما قد يقع فيه القاضي من أخطاء ويمكنهم من تدارك ما فاتهم من أوجه دفاع أمام محكمة الدرجه الأولي ، فضلآ عن أنه يشبع غريزة العداله في نفس المحكوم عليه بإتاحة الفرصه أمامه بعرض النزاع من جديد أمام محكمه أعلى درجه قضاتها أكثر عددآ وأكثر خبره، واستئناف الحكم برفعه إلي قاضي أعلي درجه فكره لها أصولها في القضاء الاسلامي .

لذلك كان واجبآ إعادة النظر في نصوص مشروع قانون الإجراءات الجنائيه وما يتفق والتطبيق السليم لمبدأ التقاضي علي درجتين عند إعماله علي محاكم الجنايات .

في الحقيقه لم نجد المشروع يمايز بين محكمة جنايات أول درجه ومحكمة جنايات الدرجه الثانيه سوى في إشتراط أن تكون محكمة جنايات أول درجه برئاسة أحد نواب محكمة الاستئناف أما محكمة جنايات الدرجه الثانيه إثنان من قضاتها علي الأقل بدرجة رئيس محكمة إستئناف وتكون رئاسة المحكمه لأقدمهم .

في حين ظلت محكمة الجنايات بدرجتيها الأولى والمستأنفه في مصاف محكمة الأستئناف الأمر الذي يتعارض مع التطبيق السليم لمبدأ التقاضي علي درجتين ، فالأمر يجب ألا يقتصر علي مجرد إختلاف عضوي في التشكيل يحتم توافر خبره معينه بل لابد أيضآ من مراعاة الترتيب الدرجي للمحكمه داخل سلم تشكيل المحاكم من وجود محاكم جزئيه و إبتدائيه واستئنافيه يعلوها جميعا محكمة النقض ولا يتصور قانونا أن يكون داخل المحكمه الواحده درجتين من التقاضى كما هو الحال في المشروع من أن محكمة الجنايات بدرجتيها لازالت ضمن محكمة الأستئناف .
فلقد جاء بنصوص المشروع في مادته ( ٣٦٦ ) ما يلي ” تشكل في كل محكمه إستئناف محكمه أو أكثر لنظر قضايا الجنايات وتؤلف كل منها من ثلاثه من قضاتها برئاسة أحد نواب رئيس محكمة الأستئناف علي الأقل ”
كما جاء بنص الماده ( ٣٦٦ ) مكرر أ من المشروع المقدم والمتعلقة بالمبدأ محل المداخله بأنه ” تشكل في كل محكمه إستئناف محكمه أو أكثر تستأنف أمامها الأحكام الصادره من دوائر جنايات أول درجه المشار إليها بالماده ( ٣٦٦ ) من هذا القانون وتؤلف كل منها من ثلاثه من قضاتها إثنان علي الأقل بدرجة رئيس محكمه إستئناف وتكون رئاسة المحكمه لأقدمهم ”
ولما كانت تلك المادتان هما النواه التي يدور في فلكها باقي نصوص المشروع لذلك نعنى هنا بإحباك صياغة تلك المادتان فقط بما يتفق مع أحكام مبدأ التقاضي علي درجتين علي النحو الآتي :

نص الماده ( ٣٦٦ ) المقترح من جانبنا ” تنشأ بدائرة إختصاص كل محكمه إبتدائيه محكمه أو أكثر للجنايات تؤلف كل منها من ثلاثه من قضاتها بدرجه رؤساء بالمحكمة الإبتدائية وتكون رئاسة المحكمه لأقدمهم ”
أما نص الماده ( ٣٦٦ ) مكرر أ فنقترح نص الصياغه كالآتي ” تشكل محكمه أو أكثر لنظر الأحكام الصادره من محاكم جنايات أول درجه المشار أليها بالماده السابقه من هذا القانون في مقر كل محكمه من محاكم الإستئناف تؤلف كل منها من ثلاثه من قضاتها أحدهم علي الأقل بدرجة رئيس محكمة إستئناف ”
وبالتالي نكون قد جعلنا الأختصاص للمحكمه الإبتدائيه بنظر الجنايات إبتدائآ ولمحكمه الإستئناف الأختصاص بنظر جنايات الدرجه الثانيه فضلآ عن الإختلاف في التشكيل العضوي لكلتا المحكمتين .
ونكون أيضآ جنبنا الدوله مشقة توفير الإمكانيات الماديه والبشريه لأجل تفعيل نصوص الدستور المتعلقه بإجراء مثل تلك التعديلات القانونيه .
لذلك عملنا علي وضع تعديل للمشروع المقدم في باقي مواده في ظل المادتان السابق تناولهما وربما نتناوله بالكامل في كتابات أخري .

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نشد علي أيديكم فيما تبذلونه لأجل رفعة مهنة المحاماة .

ولكم منا خالص الأحترام والتقدير ،،،

زر الذهاب إلى الأعلى