مجانية القضاء
بقلم: يوسف أمين حمدان
مع زيادة الرسوم على جميع المستخرجات القضائية وتحديد نسبة الرسوم بنوع الدعوى وقيمتها،فهل هذا يخالف مبدأ مجانية القضاء.
مجانية القضاء تعني عدم حصول القاضي على أجره من المتخاصمين مقابل الفصل فى منازعاتهم.
فهل هذا يعني عدم استحقاق القاضى اجرََا؟ أو حرمة أخذا أجرََا؟
فبما أن القاضي يؤدى عملا فى الدولة يحتسب لأجله غالب وقته، فإنه يستحق أجرََا مقابل عمله بالقضاء، ولا يكون ذلك الأجر من المتخاصمين، إنما اجر القاضي من خزينة الدولة لعدم وجود شبه او حيادية لخصم وخصوصا ان عمل القاضي يحقق المنفعة ويتعدي نفعه إلى الناس جميعََا، وهو عمل يحتاج إلى بحث واطلاع وجهد ومشقة وخصوصاً نظرا لزيادة عدد المتخاصمين.
إنما الرسوم التي يتم تحصيلها إنما هي لحسن سير وتنظيم مرفق القضاء وشراء ما يحتاجه من للأوراق والدفاتر وجميع ما يلزم للعمل القضائى، ولصيانه هذا المرفق الهام.
وهو حق للدولة أن تفرض رسوم قضائية على المتقاضين بحسب حاجة الدولة، وما تقتضية سير وتنظيم مرفق القضاء، وهذا لاينافي مبدأ مجانية القضاء.
ويقول في هذا الشأن الدكتور نصر فريد محمد “أن هذه الرسوم لاتؤخذ على القضاء، وإنما تؤخذ لتغطية بعض النفقات التي تتكلفها الدولة في تنظيم مرفق القضاء، كصيانة أماكن التقاضي، وشراء السجلات وما تحفظ فيه هذه السجلات، إلى غير ذلك”.
فنظم المشرع المصري رسوم القضاء وبيان احكامها في القوانين الآتية:
الرسوم في المواد المدنية والتجارية والرسوم المستحقة على مسائل الأحوال الشخصية ينظمها القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ المعدل بالقوانين أرقام ٦٦ لسنة ١٩٦٤ و ٩٦ لسنة ١٩٨٠ و ٨ لسنة ١٩٨٥ و ٦ لسنة ١٩٩١ و ٢٣ لسنة ١٩٩٢ و ١٨ لسنة ١٩٩٩.
فبالنسبة لتحديد نسبة الرسوم بنوع الدعوى وقيمتها، فقد راعي ذلك المشرع بالا تكون رسوم التقاضي زهيدة على نحو يشجع أصحاب الدعاوى الكيدية، ويفتح الباب أمام هواة اللداد فى الخصومة، لذلك يفرض المشرع رسما نسبياََ على الدعاوى معلومة القيمة مقداره ٢٪ حتى مائتان وخمسون جنيهاََ، و٣٪ فيما زاد علي مائتان وخمسون جنيهاََ حتى الفان جنيه و ٤٪ فيما زاد علي الفان جنيهاََ حتى أربعة الف جنيه و ٥٪ فيما ذاد على أربعة الف جنيه.
فماذا عن الفقرا الذين ليس لديهم القدرة على أعباء رسوم القضاء؟
فلم يتركهم الدستور المصري العظيم الذي نص على أن “يكفل القانون لغير القادرين مالياََ وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم”
وهذا ما قام به المشرع عن طريق المساعدات القضائية والإعفاء من الرسوم حيث نص على الإعفاء من الرسوم في المادة ٢٣ إلى المادة ٢٩ من قانون الرسوم في المواد المدنية.
حيث نص في المادة ٢٣ على أنه “يعفى من الرسوم القضائية كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها. ويشترط في حالة الإعفاء السابق على رفع الدعوى احتمال كسبها. ويشمل الإعفاء رسوم الصور والشهادات والملخصات وغير ذلك من رسوم الأوراق القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وأجر نشر الإعلانات القضائية والمصاريف الأخرى التي يتحملها الخصوم”.
ونص فى المادة ٢٤ على أنه “تقدم طلبات الإعفاء من الرسوم حسب الأحوال إلى لجنة مؤلفة من اثنين من المستشارين بمحاكم النقض أو الاستئناف وقاضيين بالمحاكم الكلية وقاض بالمحكمة الجزئية ومن عضو نيابة. ويجب على كاتب المحكمة عند تقديم طلب الإعفاء أن يشعر الخصم الآخر باليوم المعين للنظر في الطلب قبل حلوله”.
ونص في المادة ٢٥ على أنه “تفصل اللجنة المشار إليها في المادة السابقة في طلب الإعفاء بعد الاطلاع على الأوراق وسماع من يكون قد حضر من الخصوم بعد إشعارهم ومن يمثل قلم كتاب المحكمة”.
ونص في المادة ٢٦ على أنه “الإعفاء من الرسوم شخصي لا يتعدى أثره إلى ورثة المعفى أو من يحل محله بل يجب على هؤلاء الحصول على قرار جديد بالإعفاء إلا إذا رأت المحكمة استمرار الإعفاء بالنسبة للورثة”.
ونص في المادة ٢٧ على أنه “إذا زالت حالة عجز المعفى من الرسوم في أثناء نظر الدعوى أو التنفيذ جاز لخصمه أو لقلم كتاب المحكمة أن يطلب من اللجنة المشار إليها في المادة ٢٤ إبطال الإعفاء”.
ونص أيضا في المادة ٢٨ على أنه “إذا حكم على خصم المعفى وجبت مطالبته بها أولا فإن تعذر تحصيلها منه جاز الرجوع بها على المعفى إذا زالت حالة عجزه”.
وتنص المادة ٢٩ على أنه “لا تسلم صورة حكم بيع العقار للراسي عليه المزاد الذي سبق إعفاؤه من الرسوم إلا بعد قيامه بأداء مصاريف البيع مع الرسوم المستحقة على حكم رسو المزاد”.
واخيرا ننوه إلى نص المادة ١٨٥ من قانون المرافعات التي تنص على أنه “للمحكمة أن تحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه، أو إذا كان المحكوم له قد تسبب فى إنفاق مصاريف لا فائدة فيها أو كان قد ترك خصمه على جهل بما كان فى يده من المستندات القاطعة فى الدعوى أو بمضمون تلك المستندات”.
ومن خلال ما تقدم نرى أن المادة ١٨٥ من قانون المرافعات وضعت شروطا للمحكمة حتى تحكم بإلزام الخصم الذى كسب الدعوى بالمصاريف أو جزء منها وهى :
1-إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه .
2-إذا تسبب المحكوم له بمصاريف لا فائدة منها .
3-أو إذا ترك المحكوم له خصمه على جهل بما فى يده من مستندات .