متى يبطل عقد الهبة؟
يعتبر عقد الهبة عقدا من عقود التبرع التي أباحتها الشريعة الإسلامية ورغبت فيها، وسنت لها التشريعات الوضعية قواعد وقوانين تحكمها، فالهبة تعني تمليك ذي منفعة لوجه المعطى له بغير عوض، ومن ثم قد ينشأ عنها الكثير من النزاعات خاصة وإن كانت الهبة تتعلق بالميراث، وعليه تنشأ أزمة الرجوع في الهبة وبطلانها وفي هذا كان لمحكمة استئناف المنصورة نظر مغاير لمحكمة أول فقضت في الاستئناف المقيد برقم 1250 لسنة 62 ق، ببطلان عقد الهبة على النحو التالي:
وقائع الدعوى
قالت المدعية شارحة لدعواها، إنه بموجب عقد القسمة والتجنيب المؤرخ في 9 يناير عام 2009 تم تقسيم المنزل الموضح بيانه بصحيفة الدعوى على ورثة المرحومين جاب الله وصلاح مصطفى جاب الله، وبموجب البند التاسع من هذا العقد وهبت المستأنفة لحفيدها القاصر محمد نصيبها الشرعي في تركة والده المرحوم صلاح مصطفى جاب الله، تبرعا منها ودون مقابل، ولما كان عقد الهبة قد تم بموجب عقد عرفي فإنه يكون باطلا بطلانا مطلقا، وفقا لنص المادة 488 من القانون المدني وهو الأمر الذي حدا بها إلى إقامة الدعوى بغية الحكم لها بطلبها.
محكمة أول درجة تقضي بالرفض
حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأسست المحكمة قضاءها على التكييف القانوني الذي أصبغته على طلبات المستأنفة في الدعوى بأنها طلب بالترخيص لها في الرجوع في الهبة لا تتوفر فيه الشروط التي تطلبتها المادة 500 من القانون المدني.
استئناف حكم أول درجة
لم ترض المستأنفة هذا القضاء فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة استئناف المنصورة بتاريخ 4 مارس 2010 وطلبت في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بإبطال العقد المؤرخ 9 يناير 2009 في بنده التاسع مع إلزامها المصروفات، ومقابل اتعاب المحاماة.
المحكمة
لما كان المقرر وفقا لنص المادة 488 من القانون المدني في فقرتها الأولى أن الهبة تكون بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر، وكان هذا البطلان هو بطلان مطلق يلحق بعقد الهبة إذ لم يتم إتخاذ صفة الرسمية عليها، وكانت المستأنفة قد أقامت دعواها بطلب البطلان استناداً لذلك السبب، وكانت المحكمة لم يثبت لديها من واقع مستندات الدعوى إصباغ صفة الرسمية على عقد الهبة الوارد في البند التاسع من عقد القسمة موضوع الدعوى ولم يثبت لها تنفيذه، وكانت الهبة التي تضمنها هذا العقد جاءت في عبارات صريحة ولم ترد تحت ستار عقد آخر، فإنه وبالترتيب على ما تقدم يكون طلب الواهب بإبطال عقد الهبة قد صادف صحيح القانون ولا يستقيم في ضوء ذلك القول كما أسست محكمة أول درجة حكمها الطعين بأن المستأنفة قد أقامت دعواها بغرض الترخيص لها في الرجوع في الهبة وفقا لنص المادتين 500، و501 من القانون المدني، إذ أن الرجوع في الهبة يفترض في الأصل أنها قد انعقدت صحيحة قانونا بإتخاذها الشكل الرسمي المنصوص عليه في الماده 488 من القانون المدني، أو أن يكون الواهب أو ورثته قد قاموا بتنفيذ الهبة الباطلة لعيب في الشكل مختارين وفقا لنص المادة 489 من القانون المدني، أما وأن الهبة موضوع الدعوى المستأنف حكمها لم تتم في ورقة رسمية، ولم تقم الواهبة بتنفيذها بالحالة التي هي عليها فإنه لايسوغ تكييف طلبات المستأنفة في الدعوى بأنها طلب بالترخيص في الرجوع في الهبة ويكون الحكم المستأنف قد خالف القانون موجبا إلغاءه، والقضاء مجددا ببطلان عقد الهبة على نحو ما سيرد بالمنطوق لهذا القضاء.
طالع الحكم كاملا..