مبَادئ المسؤولية الجنَائيـة للصيـادله عن أخطَائهم المهنيَّه
بقلم: محمد النجــار المحـامي
تقوم المسؤوليه الجنائيه للصيدلي على أساس إلتزام قانوني لتحمله الجزاء أو العقاب نتيجة اتيانه فعل او الامتناع عن فعل يشكل خروجاً على القواعد التى قررتها التشريعات الجنائيه والقانون الصيادلي.
ويتمثل خطأ الصيدلي في إخلاله عند تصرفه بواجبات الحيطه والحظر التي يفرضها القانون و الأصول العلميه المتعارف عليها في علم الصيدله نظرياً وعلمياً متى ترتب على فعله حدوث النتيجه الإجراميه في حين كان في استطاعته تلافي النتيجه وكان واجباً عليه ان يتخذ في تصرفه اليقظه والتبصير التي تحول دون حدوث النتيجه الإجراميه.
ومصدر الواجبات التي يجب اتخاذ الحيطه والحذر بشانها قد يكون القانون أو العرف أو الخبره الإنسانيه ويعني بالقانون كل ما يقرره القانون بفروعه المختلفه و كذلك ما تفرضه اللوائح من واجبات على أصحاب المهن ومثال ذلك قانون مزاوله مهنه الصيدله ولائحته التنفيذيه.
اما كيفيه الإخلال بهذه الواجبات في نطاق العمل الصيدلي فتعني خروج الصيدلي كلية عما هو مفروض عليه من واجبات قانونيه ولائحيه، أي واجب الحذر والحيطه العامه التي تفرضه عليه الخبره الإنسانيه والخاصه وهو ما تعارف عليه أصحاب هذه المهنه.
كما يجب توافر العنصر المعنوي وتعني خروج الجاني فيما ارتكبه بخطئه عن دائره التبصر بالعواقب العاديه لسلوك والتصون من أن يلحق عمله ضرر بالغير، أي أن تكون هناك علاقه ذهنيه بين الجاني والنتيجه الواقعه من شانها إسباغ وصف الخطأ على كيفيه إحداث النتيجه بمعنى إخلاله بموجبات الحيطه واليقظه المفروضه عليه.
وقد أخذ القضاء بنظرية تعادل الأسباب في شأن تقدير المسؤوليه الجنائيه في الجرائم غير العمديه فقد إعتد بالأسباب السابقه واللاحقه على ارتكاب الفعل ولم يتطلب سوى ان يكون فعل الجاني هو العامل الأول في تحريك العوامل الأخرى، وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية: ” أنه متى قامت علاقه السببيه بين خطأ الجاني وبين الضرر الذي وقع فهي تظل قائمه ولو تعاونت مع خطئه في احداث الضرر أسباب أخرى سابقة أو لاحقه كالضعف الشيوخي او إهمال العلاج او خطأ المجنى عليه او خطأ الغير متى ثبت ان فعله كان السبب الأول والمحرك للعوامل الاخرى”.
ويمكن ان تنقطع رابطة السببيه بين الخطأ الصيدلي والنتيجه الضاره التي تحققت وبالتالي لا يُسأل الصيدلي جنائيا عنها. ومن هذه الصور حاله استغراق خطأ المجني عليه لخطأ الجاني والحادث الفجائي وخطأ الطبيب
ويندرج تحت الحاله الأولى استغراق حاله المجني عليه (المستهلك للدواء) لخطأ الصيدلي او (المنتج) كتجاوز المستهلك الجرعه المحدده أو استخدام الدواء بطريقه خاطئه برغم قيام الصيدلي بكتابه الجرعات وطريقه التناول على العبوه وإفهامه للمريض شفاهة وتحذيره له من أخطار الجرعات الزائده وتوضيح ذلك أيضا من جانب منتج الدواء بتدوين هذا التحذير على العبوات في النشره الداخليه للدواء.
ومن اهم صور خطا الصيدلي البائع التي تنشا عنها مسؤوليته الجنائيه ما يتمثل في إهماله لواجب الرقابه على التذكره الطبيه وتنبيه الطبيب الى خطئه في وصف العلاج في حاله الشك في صحه ما هو مدون بالتذكره قبل تنفيذ ما هو مدون بها حتى ينفي عن نفسه المسؤوليه الناشئه عن الإشتراك في الخطأ اضافه الى ذلك ان واجب الحيطه يفرض على الصيدلي ذلك.
ومن المقرر أن الصيادله يكونون مسئولين بصفه اساسيه عن الأدويه التي يقومون بتسلمها بديلاً عن الأدويه المطلوبه، ولا تقتصر مسؤوليه الصيدلي على مراقبه تنفيذ التذكره الطبيه او تحضير دواء ولكن تمتد مسؤوليته الجنائيه الى بيع مستحضرات صيدلية غير صالحه للإستعمال فإذا كانت صلاحيتة قد انتهت فهنا يُسال عن خطأ غير عمدي إذا كان هناك إهمال في التأكد من تاريخ الصلاحيه، أما إذا كان يعلم فهنا تكون مسؤوليته عمديه.
وتقتضي الأصول العلميه والقواعد الفنيه في حفظ الادويه في أماكن خاصه حسب تركيبة كل مستحضر إذ هناك مستحضرات يقتضي حفظها في مكان بارد وهناك ما يقتضي حفظه بعيدا عن الشمس او الضوء او في مكان خاص، وإخلال الصيدلي بمراعاة هذه القواعد يتسبب في تلف هذه المستحضرات أو فقد فاعليتها ويترتب على ذلك مسؤوليته الجنائيه إذ نشأ عن استخدام المستحضر ضرراً بالمستهلك لعدم مراعاة قواعد الحيطه واليقظه في حفظ وتخزين المستحضرات الصيدليه وتخضع مسؤوليته للقواعد العامه في المسؤوليه الجنائيه عن الخطا غير العمدي.