مبدأ سلطان الإرادة
بقلم: أ. موسى محمد حمدي
أشرت في المقال السابق عن الفضالة والفضولي وتكلمت عن النظرة الإيجابية له ونتكلم في مقالنا هذا عن مبدأ سلطان الإرادة ودورها في تكوين العقد، وقبل الخوض في شرح المبدأ نوضح تعريف المقصود بمصادر الالتزام وما هو العقد.
أولا المقصود بمصدر الالتزام: هو السبب القانوني الذي من أجله أنشا الالتزام، فالتزام المشتري بدفع الثمن مصدره عقد البيع والتزام المتسبب في ضرر بتعويضه مصدره العمل غير المشروع.
ثانيا تعريف العقد: هوا توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين بإنشاء التزام أو تعديله أو إنهائه.
عناصر العقد:
١- توافق إرادتين أو أكثر وذلك بخلاف الإرادة المنفردة التي تتم بإرادة واحده كالوصية والوعد.
٢- توافق بقصد إحداث أثر قانوني معين.
ثالثا: مبدأ سلطان الإرادة
الإرادة لها السلطان الأكبر في تكوين العقد وفي الأثار التي تترتب عليه ويقصد به إن الإرادة وحدها كافيه لإنشاء تصرف قانوني بشكل عام والعقد بشكل، وتتلخص هذه الفلسفة في أن الناس ولدوا أحرارا ومتساوين في الحقوق وهذه الحرية والمساواة تقتضي بـأن يسمح لهم أن يفعلوا ما شاءوا من التصرفات بشرط عدم الإضرار بالغير.
وليس سلطان الإرادة مقصورا على توليد الالتزامات وحدها بل أيضا يولد كل الحقوق الأخرى، وكما أن منشأ الالتزامات يرجع للإرادة الحرة كذلك الأثر الذي يترتب على الالتزام فهو خاضع للإرادة أيضا.
وتترتب على تطبيق مبدأ سلطان الإرادة نتيجتين هامتين:
١- حرية المتعاقدين: فالأفراد أحرار في أن ينشئوا ما شاءوا من أنواع العقود وأن يضمنوها الشروط التي يرتضونها فلا يجوز للقانون أن يفرض قيودا على حرية التعاقد إلا استثناء لحماية النظام العام والآداب العامة.
٢- احترام الإرادة التعاقدية: فيما أتفق عليه الطرفان يجب أن ينفذ كما هو وبالصورة التي أرادها فلا يجوز أن يستقل أحد من المتعاقدين بنقده أو تعديل أحكامه إلا باتفاق هاتين الإرادتين.
وهكذا فان مبدأ سلطان الارادة يسيطر على العقد منذ تكوينه حتى تنفيذه.
فالإرادة الحرة هي التي تهيمن على جميع مصادر الالتزام وهذه الإرادة تتجلى قوية في العقد، فالمتعاقدان لا يلتزمان إلا بإرادتيهما، ولا يلتزم أحد بعقد لم يكن طرفا فيه كما لا يكسب أحد حقا من عقد لم يشترك فيه.
القيود التي ترد على هذا المبدأ:
ومع ذلك لا نريد أن نبالغ في أهمية الإرادة فإنها إذا كانت من أهم المصادر لهذه الحقوق إلا أن ذلك لا يمنع من أن يوجد بجانبها مصادر أخرى حيث لا تقتصر الإرادة فقط على أن تكون مصدر الالتزامات ولا مبدأ مطلقا هذا بجانب القيود التي يفرضها القانون لحماية النظام العام فإذا تجاوز المتعاقدان هذه الحدود التي رسمها النظام العام والآداب العامة يكونا عرضا عقدهما للبطلان.
ومن التطبيقات التي توضح هذه القيود التي يفرضها المشرع على المتعاقدين ولا يكون فيها للمتعاقدين حرا في اختيار المتعاقد الـخر هي حكم الشفعة حيث يجبر مالك العقار المشفوع علي إبرام عقد مع الشفيع بقوة القانون، وأيضا البيع الذي يتم بناء على الحجز الذي يقوم به الدائن على المدين حيث تنتقل ملكية هذه الأموال لمن ترسي عليه المزايدة ويقوم بدفع الثمن.