مبدأ التقادم الجنائي وتبريـره.. قراءة قانونية في ضوء الفقه والتشريع
بقلم : علاء العيلى المحامى
يُرتب القانون على مضي مدة معينة على إرتكاب الجريمة دون اتخاذ إجراءات فيها سقوط الدعوى الجنائية بالتقادم لأن مُضي مدة معينة على ارتكاب الجريمة يؤدى إلى نسيانها.
أولاً : مُدة التقادم
تنقضي الدعوى الجنائية بالتقادم في مواد الجنايات بمضي عشر سنين وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنين وفي مواد المخالفات بمضي سنة
ثانياً : نطاق التقادم
استثنى المشرع الجرائم الآتية :
١_ جريمة تعذيب المتهم لحملهِ على الإعتراف
٢_ جريمة معاقبة المحكوم عليه بعقوبة لم يحكم عليها بها
٣_ جريمة القبض بغير وجه حق من شخص تزيـّا بدون وجه حق بزي مُستخدمي الحكومة
٤_ جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطن
ثالثاً: بدء سريان مدة التقادم:
الأصل أن تبدأ مدة التقادم من اليوم التالي لوقوع الجريمة ويُستثنى جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر ولا تستكمل المدة إلا بانقضاء اليوم الأخير ويختلف ميعاد بدء سريان التقادم باختلاف نوع الجريمة وطبيعتها على التفصيل الآتي :_
١_ الجرائم الوقتية : تبدأ مدة التقادم من اليوم التالي لتاريخ وقوعها.
٢_ الجرائم المستمرة : تبدأ مدة التقادم من اليوم الذي ينتهي فيه النشاط الإجرامي المكون لحالة الاستمرار.
٣_ الجرائم متتابعة الأفعال : كجريمة سرقة التيار الكهربائي فإن مدة التقادم تبدأ من اليوم التالي لتاريخ ارتكاب أخر فعل من أفعال التتابع.
٤_ جرائم العادة : وهى الجرائم التي لا تقوم إلا بتكرار فعل واحد أكثر من مرة كجريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش فإن مدة التقادم تبدأ من يوم تمام تكوين الجريمة.
رابعاً : وقف مدة التقادم:
يُـقصد بوقف التقادم قيام مانع يؤدى على وقف سريان مدة التقادم حتى زوال هذا المانع ثم استئناف سريان التقادم استكمالاً للمُدة التي انقضت قبل قيام مانع وقد حسم المشرع الأمر بنصه لا يوقف سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية لأي سبب كان باستثناء جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر.
خامساً : انقطاع مدة التقادم:
انقطاع مدة التقادم يعني سقوط المدة التي إنقضت منه وبدء سريان مدة جديدة وذلك نتيجة إجراء من إجراءات الدعوى الجنائية التي حددها القانون على سبيل الحصر.
سادساً: مالا يقطع مدة التقادم:
لا يقطع مدة التقادم أي إجراء من الإجراءات التي عن نطاق الدعوى الجنائية كالإبلاغ عن الجريمة.
سابعاً: شروط الإجراء القاطع لمدة التقادم:
يُشترط في الإجراء القاطع للتقادم أن يكون صحيحاً مُستوفياً لكافة الشرائط الشكلية والموضوعية التي اشترطها القانون حتى يرتب أثره بقطع مدة التقادم وعلى ذلك فلا ينقطع التقادم بالتحقيق الذي يجاوز حدود الاختصاص لمن باشره.
ثامنا ً : أثر انقطاع مدة التقادم:
يترتب على انقطاع مدة التقادم سقوط المدة التي تكون قد مضت من يوم وقوع الجريمة إلي يوم الانقطاع ووجوب احتساب مدة جديدة كاملة من اليوم التالي لهذا الإجراء وإذا تعدد المُتهمون فإن إنقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين.
تاسعاً : آثار تقادم الدعوى الجنائية:
يترتب علي مضي مدة التقادم سقوط حق الدولة في العقاب وبالتالي انقضاء الدعوى الجنائية ومن ثم عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءاتها ولكن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم لا يحول دون الحكم بالمصادرة ولا يؤثر على سير الدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة وانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم ليس مقررا لمصلحة المتهم وإنما هو مقرر للمصلحة العامة ولذلك فهو من النظام العام.
الحكم البات:
الحكم البات هو السبب الطبيعي لانقضاء الدعوى الجنائية فتنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المُسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو الإدانة حتى ولو بناء على ظهور أدلة جديدة تغيير الوصف القانوني للجريمة.
شروط الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه؛
الأول : صدور حكم جنائي بات فاصل في موضوع:
الدعوى فينبغي أن نكون أولاً ببصدد حكم متمتع بوجود القانوني فالأحكام المُنعدمة لا تتمتع بأية قوة قانونية أما الأحكام الباطلة فإنها متي حازت قوة الأمر المقضي أضحت عنوناً للحقيقة ونعت الحكم بأنه جنائي فليس مرجعه نوع المحكمة التي أصدرته وإنما سنده سبب الدعوى التي صدر بشأنها فقد يصدر الحكم الجنائي من إحدى المحاكم المدنية كما هو شأن في جرائم الجلسات وأما وصف الحكم بأنه بات فيكون متي أصبح غير قابل للطعن فيه بأي طريق كما يجب أن يكون الحكم البات فاصلا في الموضوع.
الثاني : وحدة الواقعة الإجرامية:
يُشترط أن تكون الواقعة الإجرامية المُسندة إلي المتهم في الدعويين المحكوم فيها والجاري المحاكمة عنها واحدة والعبرة في وحدة الواقعة الإجرامية بالعناصر المادية للجريمة فقط دون ركنها المعنوي ولا يُـغيِّر من وحدة الواقعة ظهور أدلة جديدة كظهور دليل قاطع على توافر نية إرهاق الروح لدي الجاني بعد سبق الحكم عليه في تهمة ضرب أفضي إلى موت ومن ثم فلا يجوز إعادة محاكمته بناء على الدليل الجديد وبالنسبة للجرائم المرتبطة أي في حالة وقوع عدة جرائم لغرض واحد مع توافر الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينها فإنه يجب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها حينئذ فلا تجوز إعادة محاكمة المتهم عن الجريمة التي عقوبتها أخف والعكس صحيح .وبالنسبة للجرائم المستمرة فإن قوة الحكم البات تنصرف إلى حالة الاستمرار السابقة عليه فحسب فتحول دون إعادة المحاكمة عنها أما الوقائع اللاحقة عليه فتقوم بها جريمة مستقلة ومن ثم فلا تنصرف إليها قوة الحكم البات وتصح المحاكمة من أجلها مرة أخرى.
الثالث: وحدة الخصوم:
تستلزم وحدة الخصوم وحدة الطرفين الأساسين في الدعوى الجنائية وهما الإدعاء والمتهم ووحدة الادعاء متحققة دائما ( النيابة العامة ) أما المتهم فهو الطرف الوحيد الذي يمكن تصور تغيره أما في حالة تعدد المتهمين فإن سبق الحكم بإدانة أحدهم لا تحول دون محكمة بقية المساهمين أما إذا كان قد سبق الحُكم لصالح أحدهم بالبراءة فإنه ينبغي التميز بين حالتين.
الحالة الأولي : تأسيس حكم البراءة على أسباب موضوعية
إذا استند الحكم بالبراءة على أسباب موضوعية تتصل بماديات الجريمة وتكيفيها القانوني كعدم صحة الواقعة فإن للحكم البات ببراءة المتهم قوة تحول دون محاكمة بقية المساهمين.
الحالة الثانية : تأسيس الحكم بالبراءة على أسباب شخصية
إذا استند حكم البراءة على أسباب شخصية كانعدام التمييز فلا يكون الحكم البات ببراءة أحد المتهمين حائلا دون محاكمة بقية المساهمين معه في ارتكاب الجريمة.