ماهية الفائدة التي ينالها المرتشي نظير عمله
مقالات: محمد أحمد الفقي
في سياق التعرف على جريمة الرشوة كانت البداية بعرض صور الرشوة، ثم تعرضنا إلى أثر تحريض الشرطي للموظف على قبول الرشوة، ولكن يثور التساؤل عما إذا كان مدلول الرشوة يقتصر على الفائدة المادية فقط؟ أم يجوز أن تكون الرشوة المقدمة من قبيل الفوائد المعنوية؟ وأجاب القانون على هذا السؤال إجابة قاطعة بأن أي فائدة يحصل عليها المرتشي سواء كانت مادية او معنوية، فهي من قبيل الرشوة المعاقب عليها، بل أن القانون لم يقصر وصف الرشوة على معنى “الهبة أو الهدية” بل شمل وصفها أي ميزة اخرى قد يحصل عليها الموظف مثل حصوله على ترقية أو توفير وظيفة لأحد أقاربه، وقد قضت محكمة النقض بجلسة 29/5/1961 في الطعن رقم 360لسنة31ق بأن القانون لا يفرق بين الفائدة التى يحصل عليها الموظف لنفسه و الفائدة التى يطلبها أو يقبلها لغيره.
وكذلك إعتد القانون بالرشوة الجنسية بكافة صورها سواء كانت عن طريق إقامة علاقة آثمة أو حتى الدعوة لأحد الملاهي الليلية، ومن صور الفائدة التي إعتد بها القانون أيضاً حصول المرتشي على مسكن دون دفع أجرته أو حتى إنتفاعه بهذا المسكن بأجرة مخفضة، وكذلك يعتبر أداء الراشي عملاً للمرتشي دون أجر من قبيل الرشوة، وذلك كأن يقوم الراشي بتصنيع أثاث وإرساله لمنزل المرتشي، فإذا ما إنتفت أي من صور الفائدة السابقة ولم يثبت قبول أو طلب أو أخذ الموظف لأي منها فإنه يمكن الدفع بإنتفاء القصد الجنائي في الجريمة لإنتفاء الفائدة موضوع الرشوة، كما يشترط أن يثبت أن الإخلال بواجبات الوظيفة كان ثمنه هذه الفائدة التي حصل عليها الموظف، وقد قضت محكمة النقض بجلسة 20/7/1989 في الطعن رقم 1907لسنة59ق بأنه من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أيا كان إسمها أو نوعها وسواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية، عرض مادة مخدرة كرشوة تتحق به الجريمة.كما قضت بجلسة 13/12/1999 في الطعن رقم 18833لسنة68 بأن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي يدخل فيها المتع الجنسية أياً كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية. وللحديث بقية.
مع الأخذ في الإعتبار أن الدفع بالتحريض هو دفع بالطعن في سلامة الإجراءات، وأن ثبوت الجريمة في حق الجاني بدليل آخر خلاف الدليل المتولد عن التحريض يجيز إثبات التهمة في حق المرتشي، كما أن إعداد الشرطة لكمين لضبط المتهم لا يعتبر تحريضاً على إرتكاب جريمة الرشوة، طالما ثبت نية الموظف العبث بمقتضيات وظيفته، وللحديث بقية.