لخلو حكم «الاقتصادية» من الضوابط والإجراءات.. «النقض» تقضي بالبراءة من تهمة حمل نقد أجنبي جاوز الحد المسموح به حال السفر

كتب: عبدالعال فتحي

أصدرت محكمة النقض – دائرة السبت (أ) الجنائية – برئاسة المستشار وجيه أديب – وعضوية المستشارين – بدر خليفة ، الأسمر نظير وهاني صبحي حكما قضائياً بالبراءة بشأن حمل النقد الأجنبي حال السفر للخارج وذلك لخلو حكم محكمة الجنح الاقتصادية من الضوابط والإجراءات المتعلقة بكيفية وطريقة الإفصاح التي أوجبها ذلك القرار، وهو ما لم تطمئن معه المحكمة إلى توافر القصد الجنائي في حق المتهم  واتجاه نيته إلى عدم الإفصاح عما كان يحمله من نقد أجنبي عند خروجه من البلاد.

كما خلت الأوراق من ثمة دليل أو قرينة يبين منها اتجاه نية المتهم إلى ذلك، ولا ينال من ذلك ضبط المتهم وبحوزته المبلغ المضبوط بقائمة الرحيل لما هو مقرر بقضاء محكمة النقض من أن مجرد الدخول بمبلغ يزيد علي العشرة آلاف دولار إلى الدائرة الجمركية علي خلاف ما ينص عليه القانون رقم 88 لسنة 2003 لا يكفي وحده لقيام أركان تلك الجريمة التي دين بها الطاعن، إذ يتعين فضلاً عن ذلك أن يستظهر الحكم اتجاه نية المتهم إلى عدم الإفصاح عما بحوزته من نقد أجنبي لتكتمل أركان تلك الجريمة في حقه، وهو ما خلا الحكم المطعون فيه منه ، فانه يتعين نقض  الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما نسب إليه عملاً بنص الفقرة الأولي من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .

وقائع الحكم

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حمل حال سفره للخارج نقداً أجنبياً بما يجاوز الحد المسموح به قانوناً قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال؛ ذلك أنه دانه رغم خلو الأوراق مما يفيد توزيع نموذج الإقرار الجمركي المشار إليه بقرار وزير المالية رقم 449 لسنة 2010 بشأن تنظيم إجراءات الإقرار الجمركي للقادمين إلي البلاد والمسافرين فيها للإفصاح عن مقدار النقد الأجنبي الذي يجاوز الحد المسموح به قانوناً ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

ومن حيث تخلص واقعة الدعوي في أن النيابة العامة أسندت إلي المتهم …………………. أنه بتاريخ …/11/2016 بدائرة قسم النزهة – محافظة القاهرة، وحمل حال سفرة من البلاد أوراق النقد الأجنبي التي جاوزت قيمتها العشرة آلاف دولار أمريكي علي النحو المبين بالأوراق .

وقدمته للمحاكمة الجنائية، وطلبت عقابه بالمواد أرقام ۱۱6/2 ، ۱۱۸ ، 126/ 3 – 4 ، ۱۲۹ ، 131 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2007 المعدل بالقانونين رقمي 160 لسنة ۲۰۱۲ ، 8 لسنة ۲۰۱۳ علي سند مما سطره الضابط …………… ضابط التفتيش بميناء القاهرة الجوي بالمذكرة المؤرخة في …/11/2016 من أنه وحال تواجده للإشراف علي قائمة الرحيل بمبني الركاب 2 وأثناء تفتيش رحلة الخطوط المغربية والمتجه إلي كازابلانكا تم إخطاره من قبل أمين الشرطة المعين بخدمة التفتيش بوجود الراكب – المتهم – وبتفتيشه عثر علي مبلغ مالي قدره سبعة عشر ألف وتسعمائة وعشرون يورو ومبلغ ستة آلاف ومائة وخمسة دولار أمريكي ، وبمواجهته أقر بملكيته للمبلغ، كما تضمنت الأوراق طلب محافظ البنك المركزي برفع الدعوي الجنائية ضد المتهم لمخالفته حكم المادة 116 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 .

ومن حيث إن النيابة العامة قدمت المتهم إلي محكمة جنح القاهرة الاقتصادية لمحاكمته وفقاً للقيد والوصف آنفي البيان وبتاريخ …/3/2017 قضت حضورياً بتغريم المتهم بما يعادل العملة المصرية مثل المبلغ المضبوط محل الجريمة وهو – ثمانية آلاف وتسعمائة وعشرون يورو وستة آلاف ومائة وخمسة دولار أمريكي – وذلك بالسعر السائد بالبنك المركزي وقت الواقعة …/11/2016 ومصادرة المضبوطات وألزمته بالمصاريف الجنائية – فاستأنف – ومحكمة القاهرة الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف ، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .

ومن حيث إنه يبين من نص المادة 116 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003 أنها وإن أوجبت علي جميع المسافرين عند الدخول إلي البلاد أو الخروج منها الإفصاح عما يحملونه من نقد أجنبي جاوز مبلغ عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالنقد الأجنبي إلا أن القانون سالف البيان خلا من بيان كيفية وطريقة الإفصاح عن ذلك، وكان قد صدر قرار وزير المالية رقم 499 لسنة 2010 بشأن تنظيم إجراء إفصاح القادمين إلي البلاد والمغادرين لها عما يحملونه من النقد الأجنبي والأوراق المالية والتجارية القابلة للتداول لحاملها وتتضمن في مواده الأولي والرابعة والخامسة كيفية وطريقة الإفصاح عن النقد الأجنبي الذي يجاوز الحد المبين بالقانون سالف البيان الذي يحمله المسافر عند الدخول إلي البلاد أو الخروج منها بأن أعد لذلك الغرض نموذجاً تعده الجهة المختصة المنوط بها تنفيذ القرار يتم استيفاء بياناته بمعرفة المسافر بخط واضح ويوقع عليه بشخصه ويعتمد موظف الجمرك المختص أي تعديل أو شطب يرد به وإلزامه تلك الجهة.

كذلك بتوفير هذا النموذج في أماكن محددة وظاهرة في صالات السفر والوصول في المنافذ المختلفة، وكذا ضرورة وضع لافتات واضحة باللغتين العربية والإنجليزية في مداخل المنافذ الجمركية لتنبيه القادمين والمغادرين إلي ضرورة الالتزام بأحكام الإفصاح عليها في هذا القرار، وبيان أماكن وجود نماذج الإفصاح ، وكان ما نص عليه قرار وزير المالية سالف البيان من ضوابط وإجراءات وإن كانت تنظيمية لعملية الإفصاح التي تطلبها القانون ولكنها وجوبية قصد بها في المقام الأول لفت نظر الأشخاص المخاطبين بالقانون وذلك القرار إلي أهمية ذلك الإجراء للحفاظ علي ما يحملونه عند الدخول إلي البلاد أو الخروج منها من نقد أجنبي جاوز الحد سالف البيان وتعريفاً لهم بالجزاء المترتب علي مخالفة هذا الإجراء ، كما أنها تعد وسيلة من الوسائل التي أوجدها المشرع يمكن من خلالها التحقق من توافر نية عدم الإفصاح أو عدم توافرها في حق المسافر .

لما كان ذلك ، وكان يبين حسب الثابت بمحضر الضبط وما سطره ضابط الواقعة بمذكرته قد خلا مما يفيد التزام القائمين علي تنفيذ القرار الوزاري سالف البيان ومنهم ضابط الواقعة بتلك الضوابط والإجراءات المتعلقة بكيفية وطريقة الإفصاح التي أوجبها ذلك القرار الأمر الذي لا تطمئن معه المحكمة والحال كذلك إلي توافر القصد الجنائي في حق المتهم واتجاه نيته إلي عدم الإفصاح عما كان يحمله من نقد أجنبي عند خروجه من البلاد ، كما خلت الأوراق من ثمة دليل أو قرينة يمكن الركون إليها في التدليل علي اتجاه نية المتهم إلي ذلك ، ولا ينال من ذلك ضبط المتهم وبحوزته المبلغ المضبوط بقائمة الرحيل ، لما هو مقرر بقصاء هذه المحكمة – محكمة النقض – من أن مجرد الدخول بمبلغ يزيد علي العشرة آلاف دولار إلي الدائرة الجمركية علي خلاف ما يقتضي به القانون رقم 88 لسنة 2003 لا يكفي وحده لقيام أركان تلك الجريمة التي دين بها الطاعن، إذ يتعين فضلاً عن ذلك أن يستظهر الحكم اتجاه نية المتهم إلي عدم الإفصاح عما بحوزته من نقد أجنبي لتكتمل أركان تلك الجريمة في حقه وهو ما خلا الحكم المطعون فيه منه.

فلهذه الأسباب

فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم مما نسب إليه عملاً بالفقرة الأولي من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .

زر الذهاب إلى الأعلى