لا أصل للخلافة في الإسلام ! (5)

من تراب الطريق (947)

لا أصل للخلافة في الإسلام ! (5)

نشر بجريدة المال الخميس 1/10/2020

بقلم : الأستاذ/ رجائي عطية نقيب المحامين

وليس فى الإسلام ما ينكر أو يصادر مذهبًا من المذاهب، أو يصادر حرية الناس في التفكير الذي هو فريضة إسلامية، ولم ينكر الإسلام من هذه المذاهب إلاَّ المذهب الذي يدعي للحاكم سلطة إلهية، وكان النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ينكر على الوالي أن ينتحل لنفسه ذمة الله ويقول لمن يوليه أمرًا : « إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله , وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك، فأنت لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا » .

وكان الفاروق رضى الله عنه يأبى أن يقال عن رأيه إنه مشيئة الله , وانتهر بعض جلسائه لأنه زعم ذلك فقال : « بئس ما قلت ! هذا ما رأى عمر . إن كان صوابًا فمن الله , وإن يكن خطأ فمن عمر …. لا تجعلوا خطأ الرأى سنة للأمة » .

ويبدو أن أقرب الأقوال إلى سند السيادة فى الإسلام هو الرأى القائل بأنها عقد بين الله والخلق من جهة , وعقد بين الراعى والرعية من جهة أخرى , وأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق .

وقد حرص عليه الصلاة والسلام أن ينحى عن الأذهان سمعة المعجزة ، فنفى للناس يوم ظنوا أن الشمس كسفت لموت نجله إبراهيم ـ نفى لهم هذا الظن ، وأعلمهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته .
لم يدع عليه الصلاة والسلام أنه يعلم الغيب ، أو أنه عليه السلام ظَلّ الله فى الأرض ، فيقول لهم من قول ربه : « وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ » ( الأنعام 59 ) ، ويتلو عليهم من آياته عز وجل : « وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ » ( يونس 20 ) ، ويقول لهم من أَمْرِ ربه له : « قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ » ( الأنعام 50 ) .
حامل الرسالة بشر رسول ، لا يدعى لنفسه ألوهية ، وإنما هو عبد الله ورسوله ، أرسله ربه إلى الناس كافة ، هاديًا وبشيرًا ونذيرًا ..
« وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » ( النحل 44 )
« يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا » ( الأحزاب 45 ، 46 )
« يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ » ( المائدة 67 ) .

زر الذهاب إلى الأعلى