كن منصفا سيدي المحامي
دكتور أشرف الدبش
يقول ابن رشد: “من العدل أن يأتي الرجل من الحجج على خصومه بمثل ما يأتي به على نفسه”.. مما لا شك فيه أن ما يشغل جموع المحامين، هذه الأيام، هو القانون رقم 147لسنه 2019، الخاص بتعديل بعض نصوص قانون المحاماة رقم 17لسنه1983. وقبل عرض وجهة نظري الشخصية، بصفتي أحد أعضاء النقابة العريقة، وأحد المشتغلين بالمهنة، أحب أن أؤكد شيئين أساسيين، أولهما أن كل عمل بشري هو محل للنقد والتقييم. ولكن عند نقد وتقييم هذا العمل، لا بد أن يتحلي الناقد بالإنصاف، ويزن هذا العمل بميزان عدل، ويتعرض له جملة دون تجزئته، أو إفراغه من محتواه. فعدم الدراسة الشاملة والمتعمقة ليس دربا من دروب الإنصاف. ثانيهما: عند التقييم، لا بد من التجرد. فالقول إن كل عمل أو إنجاز نقابي دافعه الانتخابات، هذا اتهام غير عادل لإرادة المحامين الحرة، التي تقرر وحدها وتختار. ولا أظن أن هناك إرادة حرة تعلو على إرادة حصون العدالة ومنصفيها. وما دفعني لاختيار هذا العنوان لمقالي، وهو طلب الإنصاف من السادة المحامين عند تقييم ونقد التعديلات، هي الحملة غير المنصفة على التعديلات. فالمراقب لشبكة التواصل الاجتماعي يستطيع أن يرصدها، حيث تصدر النص القانوني الخاص بأتعاب المحاماة معظم الصفحات الناقدة، وكأن التعديل شمله منفردا، وتم غض الطرف عن باقي النصوص التي شملها التعديل، والتي تعد إنجازا غير مسبوق، وانتصارا تاريخيا لإرادة المحامين. فتحصين صرح العدالة، والحفاظ على رونقها بمنع خريجي التعليم المفتوح من الحاصلين على الدبلومات المهنية من الالتحاق بالمهنة بإضافة شرط حصول المتقدم للقيد بالنقابة على الثانوية العامة، انتصار للمهنة منح مجلس النقابة وحده دون غيره ضبط جداولها، وذلك بوضع الضوابط التي تضمن الاشتغال الفعلي بالمحاماة، وهو كذلك انتصار للمهنة، وحصانة للمحامي، وامتدادها لتشمله أمام جهات الاستدلال والتحقيق. انتصار آخر للمهنة، يتمثل في أكاديمية المحاماة والدراسات القانونية، ذلك الصرح العلمي الذي سبقت النقابة فيه جميع الهيئات القضائية، وبات للمحامين مؤسسة علمية أكاديمية. سريان قانون السلطة القضائية على من يعتلي منصب نقيب المحامين بخصوص إجراءات التحقيق، ورفع الدعوى العمومية انتصار للمهنة. إن من الإنصاف والعدل تقييم جميع النصوص في مجملها، ووزنها بميزان عدل حساس، إحدى كفتيه الدستور، والأخرى مصلحة جموع المحامين. فالمطالع للقانون ونصوصه بتعمق يجده يصب في مصلحة المهنة، بل هو انتصار تاريخي. ومن المؤكد أنه لن تقف طموحاتنا ومطالبنا عند هذه التعديلات، ولكنها بصدق وضعتنا في الطريق الصحيح نحو غد أفضل.. حفظ الله النقابة، ودامت وحدة المحامين من أجل رفعتها.