قوانين عفا عليها الزمن
بقلم: أشرف مصطفى الزهوي المحامي
أصبح من الواجب على المشرع المصري أن يراجع سلسلة القوانين التي صدرت في القرن الماضي مثل القانون ٤٩ لسنة ١٩٣٣ الخاص بالتسول والقانون ٥ لسنة ١٩٦٦ الخاص بالجبانات والقانون ٥٣ لسنة ١٩٦٦ الخاص بالزراعة، وغيرها من القوانين القديمة؛ وبقراءة سريعة لنصوص قانون الزراعة يتبين لنا الأتي، أن المادتين ١٢٧ و١٢٨ يضعان أسس التعامل مع الحيوانات المريضة من جانب أصحابها أو حائزيها، بإبلاغ المشرف الزراعي المختص أو أقرب وحدة بيطرية، مع منح مكافأة تعادل ثمن الحيوان ولاتزيد عن عشرة جنيهات لأول مبلغ لمركز الشرطة التي حدثت بدائرته الإصابة بمرض وبائي أو معد، فإذا كان التبليغ من مالك الحيوان فيمنح مكافأة تعادل ثمن الحيوان النافق أو المصاب الذي يتقرر علاجه أو ذبحه، وهذه النصوص تعكس اهتماما تشريعيا بتشجيع المربين على الإبلاغ عن الأمراض الوبائية التي تصيب الحيوان للتنبيه وسرعة التعامل وفرض الإجراءات الاحترازية وطرق الوقاية.. فهل يصلح مثل هذا النص القانوني للتطبيق حاليا؟
ولم يغفل هذا القانون معاقبة كل من يستعمل القسوة مع الحيوان بما يتوافق مع ماتطالب به جمعيات الرفق بالحيوان.. ولكن المفاجأة أن العقوبة هي الغرامة التي لاتزيد عن عشرة جنيهات!!!
ويعالج هذا القانون ظاهرة إلقاء جثث الحيوانات النافقة في النيل أو الترع والمصارف أو البرك أو في الطرق دون دفنها على عمق كاف بعيدا عن مصادر المياة، وذلك بفرض عقوبة على المخالف بالحبس مدة لاتزيد عن شهر أو وبالغرامة التي لاتزيد عن ثلاثين جنيها أو بإحدى هاتين العقوبتين. وهو مايعني إمكانية تطبيق الغرامة فقط، وقد مر علي إصدار هذا القانون أكثر من نصف قرن بما يستوجب التغيير بما يواكب العصر الذي نعيشة.
وإذا تعرضنا لنصوص قانون الجبانات ٥ لسنة ١٩٦٦ سنتبين مدى الضعف والترهل الذي أصاب هذا القانون حتى بات عاجزا عن معالجة التعديات المتكررة على المقابر العامة التي تدخل ضمن أموال الدولة، وقد زادت صور التعدي مع زيادة أسعار المقابر حتى تجرأ البعض على بيع قطع أرض زراعية وتبويرها وتحويلها إلى مقابر في اداخل القرى، وإذا كان هذا القانون صالحا للتطبيق وقت اصدارة في الستينات من القرن الماضي، الا أنه لم يعد صالحا للتطبيق الآن. ومن الطريف في هذا القانون انه يجيز في المادة ١٩ إحراق جثة المتوفى إذا كان قد أبدى رغبته في ذلك كتابة وكانت ديانتة تجيزه ونظم القانون كيفية حرق الجثث في أفران معدة لذلك لها تراخيصها ثم كيفية التخلص من الرفات بعد حرقها. وجاء في المذكرة الايضاحية لهذا القانون انه لايسمح بمدفن خاص الا لمن يكون قد أدى لبلاده خدمات جليلة أو قام بعمل خيري كبير أو أي عمل آخر يستحق صاحبة التكريم، بعد أن أكد القانون أن الجبانات هي أراضي الدولة، وليست ملكية خاصة، ولم يتصور المشرع بعد أكثر من نصف قرن أن ثمن المقبرة المتميزة حاليا يقترب من نصف مليون جنيه!!