قانون الدكتوراة الفخرية
بحث للدكتور أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة – المستشار القانوني بدائرة القضاء – أبو ظبي
يوم الأربعاء الموافق التاسع من شهر يناير 2002م، يشكل علامة فارقة في حياتي. فقد شهد هذا اليوم حصولي على درجة الدكتوراة في القانون الجنائي من جامعة باريس 2 (بانتيون أساس) في الجمهورية الفرنسية، بعد مناقشة استمرت لعدة ساعات، شارك فيها أستاذي الجليل الأستاذ الدكتور المغفور له بإذن الله محمود نجيب حسني، أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية الحقوق الأسبق ورئيس جامعة القاهرة الأسبق. وكم كنت حريصاً على مشاركة أستاذي الجليل في مناقشة رسالة الدكتوراة. كيف لا وقد كان بالنسبة لي ولغيري من الباحثين في القانون الجنائي مثلاً أعلى في الحياة العلمية والأكاديمية، وعميد فقه القانون الجنائي العربي بلا منازع، وأحد العلامات البارزة في الحياة القانونية المصرية. وأثناء فترة وجوده في العاصمة الفرنسية للمشاركة في مناقشة رسالتي للدكتوراة، كنت مرافقاً له أثناء تنقلاته، حيث اعتدنا على التنقل بالتاكسي في عاصمة النور. وأثناء إحدى المرات التي حظيت فيها بهذه الصحبة العزيزة على قلبي، سألت أستاذي عن إحدى الوقائع التي قد تخفى على العديد من شباب أعضاء التدريس في كلية الحقوق جامعة القاهرة، ويجهلها الرأي العام المصري والعربي، وأعني بها اقتراح منح الرئيس الراحل محمد أنور السادات الدكتوراة الفخرية في القانون. ففي أثناء فترة عمادة أستاذنا الجليل لكلية الحقوق جامعة القاهرة (1977- 1982)، اقترح بعض أعضاء مجلس الكلية منح الدكتوراة الفخرية لرئيس جمهورية مصر العربية آنذاك، الرئيس الراحل محمد أنور السادات. ويبدو أن هذا المقترح قد جاء بمناسبة حصول جيهان السادات على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب بجامعة القاهرة في العام 1977م، ثم حصولها في العام 1980م على درجة الماجستير في الأدب المقارن من الكلية ذاتها، قبل أن تنال درجة الدكتوراه في النقد، في العام 1986م، أي بعد وفاة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بحوالي خمس سنوات.
ولكن الأستاذ الدكتور محمود نجيب حسني، عميد كلية الحقوق آنذاك، رفض المقترح، مبرراً رفضه بأن الدكتوراة الفخرية في مجال القانون يتم منحها فقط للشخصيات القانونية التي أدت خدمات جليلة في مجال القانون، دون أن تتاح لهم الفرصة للحصول على درجة الدكتوراة الأكاديمية في هذا المجال. ولما كان هذا الشرط غير منطبق على الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لذا فقد رفض الأستاذ الدكتور محمود نجيب حسني منحه الدكتوراة الفخرية.
ومن ناحية أخرى، وبعد العودة من باريس والحصول من جامعة باريس 2 على درجة الدكتوراة، وبمناسبة نية هذه الجامعة منح درجة الدكتوراة الفخرية لأستاذي الجليل المغفور له بإذن الله تعالي، الأستاذ الدكتور محمود نجيب حسني، طلب مني أستاذي كتابة نبذة عنه مبيناً فيها أسباب الترشيح، مبرراً ذلك بأنه لا يجيد الكتابة عن نفسه. وقد اعتمدت في كتابة أسباب الترشيح على عبارة منقوشة على مقبرة العظماء، وهي أن «الوطن يشعر بالامتنان للعظماء»( ). فقد كانت هذه العبارة حاضرة في ذهني عند كتابة أسباب ترشيح أستاذي الجليل للدكتوراة الفخرية من جامعة باريس 2، بحيث ارتأيت أن أقوم أولاً بكتابة إسهامات أستاذنا الجليل في ميدان الفقه والإدارة والأعمال المجتمعية الأخرى( ). وبعد الانتهاء من ذكر هذه الاسهامات المتميزة، وتقديراً وعرفاناً لهذه الإنجازات، بدأت في كتابة أوجه التكريم التي حصل عليها من الوطن، متمثلاً في الجوائز العلمية التي حصل عليها، حيث قمت بالربط بين الجزء الأول من مبررات الترشيح والجزء الثاني من هذه المبررات بعبارة:
A une telle personalité, il est normale que la patrie soit reconnaissante.
والواقع أن ما دفعني لكتابة هذا البحث هو إبراز تراثنا الذي نفخر به جميعاً، وإبراز النماذج الإيجابية في تاريخنا المعاصر، وإلقاء الضوء في الوقت ذاته على المشكلات المجتمعية التي نعاني منها في الوقت الحاضر، وصولاً إلى بيان الآليات القانونية اللازمة للتعامل معها.
ويمكن الاطلاع على البحث كاملاً، من هــــنـــا