قانون الإيجارات الجديد [٢]

كتب: أشرف الزهوي – المحامي بالنقض

اختلفت الآراء حول مواد قانون الإيجارات المطروح حاليًا على مجلس النواب بين مؤيد ومعارض، وكانت الأصوات المعارضة أشد تأثيرًا مراعاة للبعد الاجتماعي بالنسبة للمستأجرين من محدودي الدخل.

الحقيقة أن أصحاب الأملاك منهم من هم أشد احتياجًا وأقل دخلًا، وهم بحسرتهم على أملاكهم التي لا يستفيدون منها لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع. ومن أهم المؤشرات التي يجب الاعتماد عليها في قياس أحوال البعد الاجتماعي للمستأجرين، بحث مستوى استهلاك الكهرباء والغاز والإنترنت، فلا يجوز أن نمنح المستأجر الذي ينفق الآلاف على استهلاك المرافق الحق في الاستمرار في استغلال العقارات ببضع جنيهات.

كما يجب مراجعة الشقق التي قام المستأجرون بغلقها دون الاستفادة منها أو ردها لملاكها، ويمكن تحديد ذلك من خلال مراجعة استهلاك المرافق في السنوات السابقة. مئات الآلاف من الشقق المخصصة للسكني والتجارية، من مكاتب وعيادات، مغلقة منذ سنوات دون استخدام، وتتعرض للإتلاف من إهمالها، ومع ذلك يرفض المستأجرون ردها إلى أصحابها.

إن القانون المطروح حاليًا يجب أن يخرج بنصوص ذكية تراعي بنظرة الخبراء كل الظروف والأحوال المأساوية التي خلفها قانون الإيجارات القديم.

لا يجب أن يظل أصحاب الأملاك هم الذين يدفعون الفاتورة في شأن أحوال محدودي الدخل، لأن أغلب أصحاب الأملاك باتوا أكثر احتياجًا من المستأجرين. وفي ظل الارتفاع الباهظ للأسعار والانخفاض الشديد للقوة الشرائية للجنيه، كان من الأولى رفع القيم الإيجارية لتكون عشرين ضعف القيمة الإيجارية الحالية في المباني المنشأة حتى الخمسينات، وعشرة أضعاف للمباني المنشأة في الستينات وحتى انتهاء العمل بالقانون غير المحدد لمدة العقد. ويتساوى في ذلك الوحدات السكنية والمحال التجارية، وأن تكون الزيادات السنوية عشرة في المائة حتى تصل القيمة الإيجارية إلى التقارب من مستوى القيم الإيجارية حاليًا، ويكون المستأجر خلال تلك السنوات قد أوجد لنفسه البدائل التي تناسبه، وقد أعدنا لأصحاب الأملاك القيمة المناسبة لعقاراتهم.

إن الاختلاف الحالي حول نصوص القانون المعروض لا يجب أن يخرج عن حدود القاعدة بأن ما لا يُدرك كله، لا يُترك كله، وأن تقوم الدولة بالمساهمة في حل الأزمة بالنسبة للمستأجرين من محدودي الدخل دون إغفال وضع الملاك ممن أصبحوا أكثر احتياجًا!!!

لا يجب أن يغفل القانون الحالي تنظيم قوي لفكرة اتحاد الملاك والمستأجرين لصيانة العقار وحفظ مرافقه، باعتبار أن العقارات ثروة قومية عانت من الإهمال لعقود طويلة. من الأمثلة التي نشاهدها اليوم في العقار الواحد، نجد أن المستأجرين القدامى لا يبالون بصيانة العقار، ولا يتفاعلون مع أصحاب الشقق التمليك في ذات العقار أو مع أصحاب العقار الذين لا يملكون القدرة على صيانته الدورية، في ظل غياب النصوص الحاسمة في شأن الصيانة وتجديد المرافق.

أغلب سكان العقارات القديمة لا يشغلون أنفسهم بالصيانة الدورية للعقار، فنجد أغلب المرافق متهالكة، والملاك الذين يتحسرون، والمستأجرين الذين لا يبالون، “ودن من طين وودن من عجين” كما يقول المثل.

إن القانون القادم يجب أن يتدارك الثروة القومية للعقارات بفرض صيانتها من القاطنين فيها أياً كانت صفاتهم، وأن يتم فرض مبالغ شهرية يتم تخصيصها لصيانة العقارات تحت إشراف الجهات الإدارية ذات الصلة، ومن خلال اتحاد القاطنين في العقار ليشمل كل المنتفعين من العقار.

وأخيرًا يجب ألا يتم ترك العقارات مغلقة من جانب المستأجرين لمدد طويلة، مع وضع آلية لتحصيل مصاريف الصيانة السنوية المستحقة، بالإضافة إلى وضع ضوابط قانونية لتحديد محل الإقامة في الرقم القومي لكل مواطن، والإبلاغ لدى مصلحة الأحوال المدنية عن أي تغيير في شأن مكان الإقامة، حرصًا على حماية الأمن القومي ومنظومة الإعلانات القضائية والإدارية، ليكون هناك ربط بين التحديث في قانون الإجراءات الجنائية وقانون الإيجارات القادم

زر الذهاب إلى الأعلى