في قضية «إيصال أمانة».. «النقض» تأخذ بنعي الطاعن على الحكم «الإخلال بحق الدفاع».. وتوضح الأسباب.. وتحيل القضية إلى محكمة الاستئناف
كتب: علي عبدالجواد
قالت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٤٥٠٠ لسنة ٩٠ قضائية، الصادر بجلسة 25 يناير ٢٠٢١، إن: «تمسك الطاعن بأنه غير مدين بالمبلغ محل إيصال الأمانة لانتفاء ركن التسليم وتحريره على بياض ضمانًا لاستقرار الحياة الزوجية وطلبه إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك يعد دفاعًا جوهريًا».
أقيم الطعن على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ قضى بإلزامه بقيمة إيصال الأمانة سند الدعوى رغم أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بصوريته لانتفاء ركن التسليم والمديونية لوجود علاقة نسب بينهما وحرره لضمان استمرار الحياة الزوجية وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه وقضى بإلزامه بالمبلغ المطالب وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
الوقائع
تشير وقائع القضية إلى أن المطعون ضده – بعد أن رفض طلبه استصدار أمر أداء – أقام الدعوى رقم ٦٧٠ لسنة ٢٠١٩ مدني محكمة بنى سويف الإبتدائية ” مأمورية ببا ” ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ خمسمائة ألف جنيه وفوائده القانونية بواقع ٤% من تاريخ الامتناع عن السداد ، على سند من أنه يداينه به بموجب إيصال أمانة ورفض سداد قيمته دون مبرر رغم إنذاره.
وتمسك الطاعن بأنه وقع على الإيصال وأنه صوري ووجه دعوى فرعية طالبًا إلزام المطعون ضده بالتعويض الذي تُقدره المحكمة جراء إساءة إستعمال حق التقاضي .
وأجابت المحكمة المطعون ضده إلى طلباته ورفضت الدعوى الفرعية .
واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ١٢٩٦ لسنة ٥٧ ق لدى محكمة استئناف بنى سويف ، وبتاريخ ٦/١/٢٠٢٠ قضت برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه محكمة النقض في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
محكمة النقض
قالت محكمة النقض إن النعي في محله ، ذلك أن المقرر – في قضاء المحكمة – أنه وإن كان التوقيع على بياض هو توقيع صحيح من شأنه أن يُكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية ، إلا أن إدعاء تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها نوع من خيانة الأمانة متى كان من وقعها قد سلمها اختيارًا.
وأشارت إلى أن إنشاء محرر كاذب فوق توقيع صحيح أو تغيير البيانات التي انصب عليها يتساوى في أثره مع عدم صحة التوقيع ذاته ففي الحالتين يُعد تزويرًا يترتب على ثبوته نفي صدور المحرر المصطنع أو البيانات الكاذبة المدونة فيه ممن نُسب إليه بما يمتنع معه الحكم بصحة توقيعه على هذا المحرر لأن التوقيع على الورقة في هذه الحالة لا ينفصل عن صلبها وبياناتها المطعون عليها بالتزوير ولا يحتملان غير حل واحد إذ إن المحرر يستمد حجيته في الإثبات من إرتباط التوقيع بما ورد بصلب المحرر ومن بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانوني موضوع المحرر وهو ما يقتضي من المحكمة تحقيقه وتمحيصه وصولاً إلى غاية الأمر منه والوقوف على حقيقة التوقيع بما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاعٌ كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا . لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الإبتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه غير مدين بالمبلغ المدون بإيصال الأمانة محل التداعي وبانتفاء ركن التسليم وأنه حرره على بياض كضمان لاستقرار الحياة الزوجية وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك.
وتابعت: «وإذ التفت الحكم المطعون فيه المؤيد لأسباب الحكم الإبتدائي عن تناول هذا الدفاع بما يقتضيه من البحث مُجتزءًا القول بالتزام الطاعن بما دُون بسند التداعي طالما أنه موقع منه وبما يُعد موافقة ضمنية منه على ما سوف يُدون في صلب الإيصال مادام لم يدّعِ الحصول على توقيعه بغير التسليم الاختياري ، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن المشار إليه والذي من شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، وهو ما يعيبه بالإخلال بحق الدفاع والقصور المبطل بما يوجب نقضه».
الحكم:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بنى سويف وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .