في رحاب لغة القانون.. العفــــــو
بقلم/ الدكتور أحمد عبد الظاهر – أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة – المستشار القانوني بدائرة القضاء – أبو ظبي
مقدمة
العفو خلق إنساني قويم، حثت عليه الأديان السماوية وغير السماوية، وتدعو إليه مكارم الأخلاق، وأقرته النظم القانونية الوضعية. ولذلك، يقولون: «العفو عند المقدرة من شيم الكرام». وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ». وفي شرح هذا الحديث، يقول القاضي عياض: «ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا”: فيه وجهان: أحدهما: ظاهره أن من عرف بالصفح والعفو، ساد وعظم في القلوب، وزاد عزه. الثاني: أن يكون أجره على ذلك في الآخرة وعزته هناك. وقال العلامة ابن الجوزي إن العافي في مقام الواهب والمتصدق، فيعز بذلك. وقال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني: وفيه أن يجعل الله تعالى للعافي عزًّا وعظمة في القلوب؛ لأنه بالانتصاف يظن أنه يعظم ويصان جانبه ويهاب، ويظن أن الإغضاء والعفو لا يحصل به ذلك، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يزداد بالعفو عزًّا.
وقد شاع في اللغة الدارجة استخدام تعبير «العفو عن الشخص». يقال: اذهب فقد عفوت عنك. ومع ذلك، فإن بعض الآيات القرآنية قد استخدمت تعبير «العفو عن الذنب». كذلك، فإن النصوص الدستورية والقانونية تستخدم تعبيرات «العفو عن العقوبة» و«العفو عن الجريمة». وقد تستخدم بعض النصوص القانونية تعبير «العفو عن المتهم» أو «العفو عن الجاني».
ومن هنا، يثور التساؤل عن محل أو موضوع العفو، وما إذا كان عن الجريمة أو العقوبة أو عن الشخص نفسه مرتكب السلوك الإجرامي والمستحق للعقوبة المقررة لها.
خطة الدراسة
في الإجابة عن التساؤل عما إذا كان العفو يكون عن السلوك الخاطئ أم عن المخطئ، نرى من المناسب الإشارة إلى الاستخدامات اللغوية للفظ «العفو»، ثم نشير بعد ذلك إلى الاستخدامات الاصطلاحية القانونية لهذا اللفظ، وذلك على النحو التالي:
المطلب الأول: العفو في الآيات القرآنية.
المطلب الثاني: العفو في المعاجم اللغوية.
المطلب الثالث: العفو عن القصاص في التشريع الجنائي الإسلامي.
المطلب الرابع: العفو في الاصطلاح القانوني.
للاطلاع على الدراسة كاملة من هـــــــنـــــا