في ذكرى وفاته الخامسة والعشرين.. من هو النقيب أحمد الخواجة الذي عاصر 3 رؤساء لمصر؟
كتب: عبدالعال فتحي ـ محمد علاء
تحل علينا اليوم ذكرى وفاة النقيب الأستاذ أحمد الخواجة، الذي توفى في 22/12/1996، ويعتبر النقيب الـ 22 للمحامين، وهو المحامي والسياسي القدير؛ أكثر من تولى منصب نقيب المحامين منذ إنشاء النقابة عام 1912، فعاصر رؤساء مصر الراحلين، جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسنى مبارك.
كانت أولى فترات تولي الأستاذ الراحل منصب نقيب المحامين في 25/10/1966 إلى 5/6/1971، إضافة لفترته من 18/11/1978 إلى 23/7/1981، وكذلك من عام 1985 إلى وفاته في 22/12/1996، وتخلل الفترة الأخيرة سحب الثقة من مجلس النقابة نقيبا وأعضاء في 19 يناير 1989، ولكنه انتخب مجددا نقيبا للمحامين في الانتخابات التي تلتها مباشرة.
ولـ “الخواجة” العديد من المواقف المهمة، فرغم كونه عضوا في التنظيم الطليعي التابع للاتحاد الاشتراكي العربي بمصر في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، إلا أنه عارض “مذبحة القضاء” التي وقعت في 31 أغسطس 1969، والتي نتج عنها إلغاء مجلس القضاء الأعلى وحل مجلس إدارة نادي القضاة.
وفي عهد “السادات”، طالب “الخواجة” بإنشاء المحكمة الدستورية العليا، وإعادة مجلس القضاء الأعلى إلى الحياة من جديد، كما رفض اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني، والعديد من المواقف الأخرى التي أدت في النهاية إلى اتخاذ قرار بحل مجلس النقابة المنتخب، وتعيين مجلس مؤقت، في يوليو من عام 1981 – مقال المحامون والسياسة في مصر للكاتب عمار علي حسن بجريدة البيان الإماراتية بتاريخ 21 /12/2007-.
كيف خدع أحمد الخواجة السادات مرتين؟
هذا هو عنوان مقال للكاتب ناجح إبراهيم منشور بجريدة اليوم السابع بتاريخ 29/5/2014، ويتناول شهادة الدكتور محمود جامع صديق الرئيس الراحل أنور السادات على بعض الأمور في عهده.
وذكر في المقال الآتي: “قال د. جامع: عندما نجح الخواجة أراد السادات أن يذيع التليفزيون لقاءً معه حتى يظهر للناس علاقتهما الجيدة، وفى هذا اللقاء تعمد الخواجة أن يتلكأ في مسيره نحو السادات، وكأن السادات هو الذى ذهب إليه، ولما رأى السادات هذا الأمر في التليفزيون غضب قائلاً: شوف ابن «…» عمل إيه معايا؟، لا يتحرك نحوى، وأنا رئيس الجمهورية الذى أذهب إليه، والله لأردها له، فدعاه في حديقة استراحة القناطر، وجلس على منضدة ليس فيها إلا الكرسي الذي يجلس عليه، ودعا الخواجة في حضور المصورين ليظهر الخواجة واقفًا يتحدث مع السادات وهو جالس، وإذا بالخواجة يفسد عليه ترتيبه فيسلم عليه ويجلس على الأرض مباشرة وسط ذهول الجميع، فلما سئل عن ذلك، قال: لم أجد كرسيًا لأجلس عليه، وبذلك غلب السادات مرتين، رحم الله الجميع”.
القبض على 5 محامين عام 1987 وموقف “الخواجة”
الأستاذ منتصر الزيات كان أحد المحامين الخمسة المقبوض عليهم في تلك الواقعة، وذكر في مقال له بعنوان “أحمد الخواجة” نشر بجريدة “المصري اليوم” بتاريخ 11/10/2008، الآتي:
“اعتقلت ومعي أربعة من الزملاء المحامين كنا التقينا النائب العام آنذاك، وقدمنا له بلاغاً عن حملة اعتقالات جماعية عشوائية، وبدأت نقابة المحامين التحرك للمطالبة بالإفراج عن المحامين الخمسة، وأعلن زكي بدر أنه سيطلق أربعة منهم عدا منتصر الزيات، غير أن الأستاذ الخواجة أعلن في مؤتمر صحفي عالمي عقده بدار النقابة وحوله الزملاء المحامون في مجلسه وغيرهم من الرموز النقابية المناضلة، أعلنوا الإضراب العام في جميع محاكم مصر ما لم يتم الإفراج عن الزيات في غضون ٤٨ ساعة ولم أشعر إلا وضابط أمن الدولة يوقظني من نومي في سجن أبو زعبل مبكرا قبل انتهاء المهلة، ليسلمني لأحمد الخواجة وسط تكبيرات زملائي المحامين”.
العصر الذهبي لاتحاد المحامين العرب بقيادة “الخواجة” و”أبو عيسى”
يذكر الكاتب مجدي حلمي في مقال له تحت عنوان “وداعا المناضل الحقيقي فاروق أبو عيسى” نشر في جريدة الوفد بتاريخ 12/4/2020، دور الراحلين أحمد الخواجة وفاروق أبو عيسى في قضايا أمتهم فيقول: “عرفته أمينا عاما لاتحاد المحامين العرب وعضوا ومؤسس لحركة حقوق الإنسان العربية، عرفته رجل قومي يعمل لأجل الأمة العربية، رأيته كيف ساهم مع النقيب الجليل أحمد الخواجة في عودة العلاقات بين مصر وسوريا والعراق في نهاية الثمانينات من القرن الماضي”.
وأضاف: “اتحاد المحامين العرب كان أول مؤسسة عربيه تستضيف نيلسون منديلا في اجتماع للمكتب الدائم له، وكان بوابه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لمخاطبة العالم، فكان الاتحاد عندما يحل في بلد يحرص قادة الدول العربية على لقاء قاداته والحديث معهم بكل صراحة وكان يسمع منهم أوجاع وألام الشعوب العربية ثقة في قيادة الاتحاد التي تمثلت في فقيدنا والنقيب أحمد الخواجة”.
فيما قال الدكتور وحيد عبد الوجيد في مقال له تحت عنوان “يساري وأزهري” نشر في جريدة الأهرام بتاريخ 18/4/2020: “بدأت علاقتي مع أبو عيسى حين كان أميناً عاماً لاتحاد المحامين العرب في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، أي في العصر الذهبي لهذا الاتحاد، فقد جعله بالتعاون مع رئيسه النقيب الراحل أحمد الخواجة، في قلب التفاعلات السياسية الرسمية والشعبية العربية، وكان المؤتمر العام للاتحاد حدثا كبيراً ينتهي في الأغلب الأعم بجديد يؤثر في أوضاع المنطقة، وكنتُ موجوداً في المؤتمر الذي عُقد في بنغازي عام 1991، وانتهى إلى إقناع العقيد معمر القذافي بإعادة نقابة المحامين الليبية التي كان قد قرر حلها”.
تأثير كبير للسينما في حياة “الخواجة”
ذكر المحامي ثروت الخرباوي في مقال له بعنوان ” في السينما والدراما.. المحاماة في الدراما بين العبقرية والهزل” نشر بجريدة الدستور بتاريخ 26/4/2020، ما رواه له الراحل أحمد الخواجة عن السبب وراء التحاقه بكلية الحقوق، والذي جاء كالآتي بمقاله سالف الذكر:
“أما عن دور المحامي «عادل بك» الذى أدى دوره باقتدار الفنان العبقري زكى رستم، عليه رحمة الله، وكان مما عرفته في بداية حياتي المهنية أن عددًا من كبار المحامين في مصر شاهد هذا الفيلم في حفل الافتتاح، وكان منهم «محمود بك فهمى جندية» نقيب المحامين وقتئذ، ومكرم عبيد باشا، وكلاهما تمت دعوته من الفنان زكى رستم بسبب أنه استشار مكرم عبيد في أداء شخصية المحامي، كما أن صلات قوية كانت تربطه ونقيب المحامين «فهمى جندية بك» وقد كان أحد تلاميذ المدارس الثانوية يحضر أيضًا ذات الحفل ويجلس في مقعده يشاهد المحامي «زكى رستم» ويراقب كبار المحامين الجالسين في البنوار في صالة السينما، ووصل بهذا التلميذ الانفعال حد البكاء وهو يشاهد المرافعة الختامية للمحامي، وقد كان هذا الفيلم، مع شخصية زكى رستم الذي أدى دور المحامي، السبب الرئيسي الذى غيّر فيه هذا التلميذ طموحاته، فالتحق بكلية الحقوق، ثم أصبح في مستقبل الأيام أحمد الخواجة، نقيب المحامين، وأحد أكبر المحامين في مصر والعالم العربي، وقد روى لي النقيب أحمد الخواجة تلك القصة وأنا في بداية حياتي المهنية، ناصحًا إياي بأن أشاهد زكى رستم وهو يترافع كي أتعلم أصول المرافعة على حق”.
من أقواله المأثورة:
– إرادة المحامين من إرادة الشعب، يشاركونه نضاله من أجل تحرير الأرض لتتحرر كل إرادة فوقها.
– إن المحامين قلب المجتمع النابض وصوته الناطق وستظل نقابة المحامين أقوى قلاع الحرية لأنها تقوم على اكتساب المحامين ولا تعمل إلا وفق مشيئتهم وإرادتهم.
– بغير الإنسان الحر وقضاء مستقل وبغير محاماة تنتصر للمظلوم أمام ذلك القاضي المستقل لن يسلم حالنا أبدا.
صور نادرة لـ “الخواجة”