فوضى الإِعْلَانَاتِ المُضَلِّلَة بين التشريع والتطبيق

بقلم الدكتور فرج الخلفاوي

تُعد الإعلانات المُضللة أو الخادعة أو التي تروج لسلع غير سليمة أو غير مطابقة للمواصفات والاشتراطات أبرز الأسباب التي أدت إلى تدهور الأسواق في مختلف المجالات ، كما أنها خلقت نوعًا من انعدام الثقة وغياب المصداقية من جانب المستهلك الذي أصبح يعاني من عدم اكتراث الدولة والجهات المعنية بحقوقه المشروعة.

ويقصد بالإعلان الكاذب : الإعلان الذي يتضمن بيانات غير حقيقية بشكل يُعَرِّضُ المخاطبين به إلى الخداع . وقد استحدث بعض الفقه مصطلح الإعلان المضلل والإعلان الخادع كمترادفين، وعرف هذا النوع من الإعلان : بأنه هو الذي يكون من شأنه خداع المستهلك، أو يمكن أن يؤدي إلى خداعه أو هو الإعلان المتضمن معلومات تدفع المستهلك إلى الوقوع في غلط أو خداع.

ويقصد بالإعلان المضلل أو الخداع : الإعلان الذي يتضمن عرضا أو ادعاء كاذبا حول طبيعة السلعة أو الخدمة المعلن عنها؛ مما يؤدي إلى تكوين انطباع غير حقيقي لدى المستهلك ووقوعه في خلط أو لغط ، وقد يلجأ المعلن إلى الإعلان عن السلعة أو الخدمة والترويج لها بنفسه أو بواسطة غيره باستخدام أية وسيلة من وسائل الإعلان المعتادة، مثل: التليفزيون والصحف والإذاعة أو وسائل التقنية الإلكترونيَّة الحديثة، ومن أساليب خداع المستهلك عن طريق الإعلانات المضللة ما يلي :

1- التسويق للمنتجات من خلال أرقام هواتف دون الإعلان عن مقار وعناوين الشركات.

2- الإعلانات عن السلع والمنتجات غير واضحة البيانات كمصدر السلعة أو شهادة الضمان.

3- استخدامات مبالغات غير واقعية في الإعلان عن طبيعة السلع والخدمات لجذب أكبر عدد من المستهلكين.

4- استخدام عروض ترويجية مغرية من حيث السعر والكمية على خلاف الحقيقة لمنتجات غير مطابقة للمواصفات.

5- الادعاء كذبًا على حصول المنتج على شهادات وعلامات جودة لكي تحوز على ثقة المستهلكين فيقبلوا على الشراء.

6- الترويج لمنتجات غير مصرح بها وتسبب أضرارًا خطيرة على الصحة، وبصفة خاصة في مجال الأعشاب والمنشطات ومستحضرات التجميل وعقاقير التخسيس.

7- الإعلان عن تقديم خدمة دون توضيح شروط التعاقد عليها ومكان تقديمها وفوائدها ومحاذير استخدامها.

ونظرا للدور الذي يلعبه الإعلان في توجيه المستهلكين أصبح الإعلان مطلبًا ملحًّا لكل المنتجين الذين ذهبوا إلى الإنفاق على الإعلان التِّجاري الترويجي من أجل الوصول للمستهلك وترغبيه في المنتج مستخدمين وسائل ووسائط عدة من أجل إقناعه أو السيطرة عليه أو الوصول له وإقناعه بمنتجاتهم؛ مما جعل السوق الإعلانية سوقا رائجة في العالم عامة ومنطقتنا العربية على وجه الخصوص.

وتعد الإعلانات المضللة والخادعة أو التي تروج لسلع غير سليمة أو غير مطابقة أبرز الأسباب التي أدت إلى تدهور الأسواق في مختلف المجالات، وخلقت نوعا من عدم الثقة وغياب المصداقية من جانب المستهلك الذي أصبح في حيرة من تجاهل الدولة والجهات المعنية بحقوقه المشروعة وكيفية الحصول عليها، وتعتبر الإعلانات المضللة حلقة من مسلسل انتهاك حقوق المستهلكين وإلحاق الأذى والضرر بهم وليس آخرها حيث توجد أشكال متعددة من الانتهاكات اليومية بل اللحظية لحقوق المستهلكين داخل البلاد وفي مختلف المجالات.

والإعلانات المُضللة مجرد حلقة من مسلسل انتهاك حقوق المستهلكين وإلحاق الأذى والضرر بهم وليس آخرها؛ حيث توجد أشكال متعددة من الانتهاكات اليومية بل اللحظية لحقوق المستهلكين داخل البلاد العربية، وفي مختلف المجالات سواء الأغذية أو المشروبات أو الملابس وحتى الأجهزة المنزلية والكهربائية، بل والأخطر من ذلك امتداد ذلك ليشمل الدواء ؛ حيث كان من الغرائب والعجائب أن يتجاسر مركز للعلاج أسماه أصحابه (العلاج بالشوربة) فيعلن عن نفسه على شاشة القنوات الفضائية الصغيرة التي أذاعت الإعلان ما دام المعلن قد دفع قيمة الإعلان، وهكذا أصبح سوق الإعلان مليئا بالفوضى، ومن السهل أن تجد ذلك في معظم الصحف الإعلانية المجانية التي تعلن عن أي شيء، بل إن بعض الصحف المصرية القومية والخاصة والمستقلة على حد سواء تورطت في هذا الجرم بنشرها إعلانات لمراكز صيانة أو مركز للتخسيس أو للعلاج بالطب البديل بدون التأكد من جدية المعلن ومصداقية فحوى الإعلان؛ مما استلزم تدخل المشرع وإصداره تشريعا وتحديثا في قانون حماية المستهلك رقم 181الصادر عام 2018بشأن ضوابط الإعلان وتضمينه حماية المستهلك العقاري عن طريق العقد الموحد؛ مما قد يسهم في الحد من ظاهرة الإعلانات المضللة.

وقد حظيت ظاهرة الإعلانات المضللة بأهمية خاصة بقانون حماية المستهلك المصري رقم 181لسنة 2018 وهي نفس الأهمية التي يعطيها جهاز حماية المستهلك ، حيث قام الجهاز بتاريخ 25 مارس 2014 بإنشاء (المرصد الإعلامي) لرصد ومراقبة الإعلانات المضللة أو الخادعة للمستهلك على كافَّة القنوات الفضائية، خاصة فيما يتعلق بالمسابقات ومراكز الخدمة والصيانة العشوائية والأدوية غير المسجلة بوزارة الصحة واتخاذ الإجراءات القانونيَّة كمحاولة للقضاء على ظاهرة الإعلانات المضللة التي تضر بالمستهلك ومصالحه وسلامته، كما تضر بالاقتصاد الوطني؛ حيث تسهم هذه الإعلانات في الترويج لسلع وخدمات رديئة على حساب تلك السلع التي تلتزم بالمواصفات.

وقد بلغت عدد الإعلانات المضللة من خلال متابعة البث المباشر لعدد (96) قناة فضائية في الفترة من 25مارس 2014 إلى 31 ديسمبر 2014 عدد(1992) إعلانا متنوعا قد تكون به شبهة تضليل، وقد جاءت الإعلانات في المنتجات الطبية والخدمات الصحيَّة في المرتبة الأولى بعدد(1729) إعلانا بنسبة ( 87,30%)، وجاءت في المرتبة الثانية الإعلانات عن مراكز إبادة الحشرات بعدد (137) إعلانا بنسبة(6,88%) وجاءت الإعلانات عن منتجات وخدمات صيانة منتجات تحمل علامات تجاريَّة كبرى بعدد (116) إعلانا بنسبة (5,82%)مما يؤكد خطورة هذه الظاهرة وأهمية مكافحتها.

وبلغت عدد الإعلانات المضللة عام 2017 من متابعة خلال البث المباشر لعدد(241) فضائية عدد(6069) إعلانا متنوعا قد تكون به شبهة تضليل، وقد جاءت الإعلانات عن منتجات المقويات والمثيرات الجنسية في المرتبة الأولى بنسبة(58%)، وجاءت في المرتبة الثانية الإعلانات عن المستحضرات الدوائيَّة بنسبة (25%) ، وجاءت الإعلانات عن منتجات التخسيس بنسبة (25%) ، وجاءت الإعلانات عن منتجات مستحضرات التجميل بنسبة (4%) ، وجاءت الإعلانات عن منتجات متنوعة بنسبة(1%) ؛ مما يؤكد تزايد هذه الظاهرة وانتشارها وتزايد عدد هذه الإعلانات من عدد(1992) إعلانا في عام 2014 إلى عدد(6069) إعلانا في عام 2017 مما يؤثر على توجهات وآراء المواطنين وميولهم، بل وقيمهم الاستهلاكيَّة.

– الوضع التشريعى بمصر:

شدد المشرع المصري على الإعلان الخادع والمضلل في قانون حماية المستهلك رقم 181لسنة 2018 في المادة 9 ، حيث نصت على إلزام  المورد أو المعلن بتجنب أي سلوك خادع ، وذلك متى انصب هذا السلوك على أي عنصر من العناصر الآتية : طبيعة السلعة أو صفاتها الجوهرية، أو مصدر السلعة، أو وزنها، أو حجمها، أو طريقة صنعها، أو تاريخ إنتاجها، أو تاريخ صلاحيتها، أو شروط استعمالها، ومحاذيره، وخصائص المنتج ، أو السعر أو كيفية أدائه ، أو جهة إنتاج السلعة، أو نوع الخدمة ، أو شروط التعاقد، أو الجوائز والشهادات أو علامات الجودة التي حصل عليها المنتج أو السلعة أو الخدمة، أو العلامات التجاريَّة أو البيانات أو الشعارات، أو وجود تخفيضات على السعر على خلاف الحقيقة، أو الكميات المتاحة من المنتجات ، كما أجاز للائحة التنفيذية لهذا القانون إضافة عناصر أخرى.

وفي الباب الخامس عقوبات من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 نصت المادة 66  على وضع المشرع عقابا على مخالفة المادة 9 من قانون حماية المستهلك على كل مورد خالف أحكام أي من المواد(9،13،15 فقرة أولى،32،34،56 فقرة ثانية) .

ونصت المادة 66من قانون حماية المستهلك على معاقبة مخالف المواد ( 9،13،15فقرة اولى،32،34،56 فقرة ثانية) كالآتي : يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو مثلي قيمة المنتج محل المخالفة أيهما أكبر.

وأعطى القانون لجهاز حماية المستهلك حق وقف الإعلان لحين تعديله أو إزالته نص المادة ( 57) من ذات القانون مع احتفاظ المستهلك بحقه في رفع الدعوى القضائيَّة والحصول على التعويض وفقًا للمادة الثانية بند 6،7من قانون حماية المستهلك.

#ونحنمنجانبنا_نرى : أنه من الضروري تدخل المشرع المصري لتجريم الإعلانات المضللة والخادعة للمستهلك وإصدار تشريع خاص لوضع الضوابط والقواعد الفعالة لتنظيم عملية الإعلانات في كافَّة المجالات.

زر الذهاب إلى الأعلى