فراسة المحامي
بقلم: أشرف مصطفى الزهوي
يقولون، العيون تنطق بكل لسان ولاتحتاج إلى ترجمان، وعين المرء عنوان قلبه، وماأضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه ، والفراسة صفة يجب أن يتمتع بها المحامي ؛ والهدف منها؛ الدراسة العاجلة للشخصيات التي يتعامل معها المحامي في المحكمة لاستنتاج صفات الناس واحوالهم وأمزجتهم، علي المحامي أن يتحسس بذكاءه وناظريه وإحساسه ووجدانه الظروف التي تنظر فيها القضية وطبائع القضاة، لأن فهم المحامي لنفسية المتعاملين معه يعد مقياس للنجاح،
أن فراسة المحامي تقتضي منه أن يعطي للمحكمة التي يترافع أمامها قدرها من التوقير والاحترام، وعندما يترافع يركز حديثه في لب وجوهر موضوع القضية، فلا يطيل الحديث عن المبادئ التي تحكم عمل القضاء ولايذكر أمام المحكمة ماهو معلوم بالضرورة لدي القاضي، وأن يركز في مرافعته على مايتفق ومقتضيات العقل والمنطق وان يدرك أن القاضي يريد أن يصل للحقائق فيساعده على ذلك، وألا يغفل عن المدة الزمنية التي يستغرقها في المرافعة وطبيعة القاضي وقدرته على الاستماع حتى لايشرد منه ويفقد تركيزه، وأن يدرب نفسه على المرافعة أمام القضاة الذين لاينظرون أثناء المرافعة للمحامي الذي يترافع بل تظل أعينهم على أوراق القضية التي أمامهم. لأنه من الصعب أن تتحدث لمن لايبادلك الاهتمام بالنظر تجاهك. وان يدرك المحامي متى يعلو بصوته ومتى يخفضه والا يسرع في كلامه حتى يستوعبه المستمع والا يبطئ به إلى حد الملل.
وفي مدة الانتظار قبل بدء الجلسة يجب الانتباه إلى عدم التأثر بانطباعات الزملاء تجاه الدائرة التي ستترافع أمامها، لأن المحامي الذي حصل على حكم لصالحة أمام هذه الدائرة سيعبر لك عن إعجابه بالمحكمة وتوجهها الذكي، أما من خسر قضيته أمامها فسيصب جام غضبه عليها وهو مايمكن أن يصيبك بالتردد والبلبلة.
وعندما يتعامل المحامي مع الموظفين داخل المحكمة، يجب أن ينظر إلى الجانب الإنساني في علاقته معهم، وأنهم بشر فلا تكون علاقته بهم جافة وقاصرة على المصلحة التي يبتغي منهم تنفيذها فقط إنما عليه أن يشعرهم بدورهم في تحقيق العدالة وان يثني على جهدهم المستمر ولكن كل ذلك دون تبسط ورفع الكلفة بينهم. ومن التجارب الشخصية عندما كنت اتعامل مع سكرتير إحدى الجلسات، وكان خطه ردئ جدا يصعب عليك قراءته، فأردت أن أحصل منه على تقرير سيقوم هو بكتابته، وأردت أن أحصل منه على أفضل مستوى للخط ، فبدأت في تنبيهه إلى إحدى المرات التي اطلعت فيها على تقرير بخطه كان واضحا ومنمقا وأتمنى أن يصل مستوى التقرير الذي سيسطره اليوم لمستوى سابقه، فابتسم السكرتير وراح يتفنن في تحسين الخط وتنميقه لأنني لم اسخر من رداءة الخط كما يفعل الآخرين.
أن الفراسة موهبة ودراسة فعلينا أن ننميها ونحن نتعامل يوميا مع مئات البشر على اختلاف عاداتهم وطباعهم وأخلاقهم دون أن ينال ذلك من قدرنا أو يحط من كرامتنا، فالعلاقات الطيبة والمودة من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحامي.