عدم جواز الالتماس على الالتماس
بقلم: الدكتورة/ سهام شندي
طريق الطعن بالتماس إعادة النظر، هو طريق غير عادي من طرق الطعن على الأحكام القضائية النهائية، ولا يتم إلا بالأحوال المنصوص عليها في القانون، حيث أنها واردة على سبيل الحصر ولا يجوز مخالفتها .
إن نص المادة (٢٤٧) من قانون المرافعات: “الحكم الذي يصدر برفض الالتماس أو الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعد قبوله لا يجوز الطعن في أيهما بالالتماس”، وعلى ذلك لا يجوز الالتماس سواء على الأحكام التي تصدر برفض طلب الإعادة شكلا أو الأحكام التي تصدر في موضوع الدعوى بعد قبول طلب الإعادة، حتى لو كان الطعن الثاني مبني على أسباب جديدة غير الأسباب التي بني طلب الإعادة الأول عليها .
وفى ذلك تقول الدكتورة/ سهام شندي إنه قد اتفق غالبية الفقه علي إن عدم جواز الطعن بإعادة المحاكمة مرة أخرى مبني على قاعدة مضمونها (لا يرد التماس أخر على التماس ).
وقد اختلف الفقه حول نطاق منع الطعن بالتماس إعادة النظر مرة أخرى، فاتجه جانب من الفقه إلى أنه يجوز للمطلوب إعادة النظر ضده إذا ما وجد أن الحكم الصادر ضده نتيجة التماس إعادة النظر فيه سبب من الأسباب التي نص عليها القانون أن يقدم طلب التماس إعادة النظر على ذلك الحكم، على أساس أن التشريعات القانونية التي منعت الطعن بالتماس إعادة النظر مرة أخرى، أرادت أن تمنع طالب إعادة النظر من الطعن مرة ثانيه في الحكم، أما المطلوب إعادة النظر ضده فله أن يرفع دعوي الطعن بالإعادة على الحكم الصادر نتيجة التماس إعادة النظر لأنه يعد أول طعن بالإعادة قدمه إلى المحكمة المختصة.
وهناك من يرد على هذا الرأي فيذهب إلى أن المشرع نص صراحة على عدم السماح للخصوم في الطعن مرة أخرى في الحكم الصادر في دعوى التماس إعادة النظر، وهذا المنع يسري على كل من طالب إعادة النظر وعلى المطلوب إعادة النظر ضده، وذلك لوضع نهاية للمنازعات المرفوعة إلى القضاء وتحاشي الإستمرار بها مما يؤدي إلى إبقاء باب الخصومات مفتوحا، ويقودنا إلى سلسلة من طلبات الإعادة لا نهاية لها وبالرغم من ذلك نجد أن بعض التشريعات القانونية قد خالفت هذا الرأي ومنها القانون الفرنسي، حيث أجاز الطعن بالتماس إعادة النظر على الحكم الصادر نتيجة دعوي التماس إعادة النظر ولكن بشرط أن يكون طلب الإعادة الثاني قد بني على سبب آخر لم يكتشف إلا بعد صدور الحكم في دعوى التماس إعادة النظر الأولى.
وقد استقر الفقه الفرنسي علي أن طلب التماس إعادة النظر الثاني يسري علي كل من طالب إعادة النظر والمطلوب إعادة النظر ضده علي السواء لأن نص المادة (٦٠٣) من قانون المرافعات الفرنسي النافذ جاء عاما ولم يخصص بأحد الأطراف دون الآخر .
وعليه فإن طريق الطعن بالتماس إعادة النظر هو طريق غير عادي من طرق الطعن على الأحكام القضائية النهائية ولا يجوز فتح باب الطعن فيه إلا في الحدود التي أقرها القانون ومحكمة النقض.
وهذا ما أكده قضاء محكمة النقض المصرية(حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن قواعد الطعن في الأحكام التى تسرى على الحكم المطعون فيه بالتماس إعادة النظر تسرى أيضاً على الحكم الذي يصدر في الإلتماس المرفوع عنه، ومن ثم يكون هذا الحكم الأخير قابلا للطعن فيه بذات الطرق التي يجوز الطعن بها على الحكم محل الإلتماس، و لا يستثنى من ذلك إلا ما نصت عليه المادة ٢٤٧ من قانون المرافعات من أن الحكم الذى يصدر برفض الإلتماس والحكم الذى يصدر في موضوع الدعوى بعد قبول الإلتماس لا يجوز الطعن في أيهما بطريق الإلتماس)
(لطعن رقم ٢٣٣ لسنة ٥٠ قضائية،الصادر بجلسة31/1/1985م،
مكتب فنى ( سنة ٣٦ – قاعدة ٤٦ – صفحة ١)
وهو ما يؤكد أن الطعن في الحكم الصادر برفض الالتماس أو قبوله جائز بالطرق الآخرى المقررة قانونا ولكن الطعن بالالتماس هو الذى لا يجوز.
وقد قضت محكمة النقض بأنه (ما تقضى به المادة ٢٤٧ من قانون المرافعات من أن الحكم الذي يصدر برفض الالتماس و كذلك الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعدم قبول الالتماس لا يجوز الطعن عليهما بطريق التماس إعادة النظر مرة ثانية حتى لو كان الطعن الثانى مبنياً على أسباب جديدة، يفيد أن ما حظره المشرع في هذه الحالة هو الطعن بالإلتماس للمرة الثانية – هو رفع التماس بعد التماس – وفيما عدا ذلك يترك أمر الطعن في الأحكام الصادرة في الإلتماس للقواعد العامة)
(الطعن رقم ٩٢ لسنة ٥١ قضائية،الصادر بجلسة 29/5/1984م
مكتب فنى ( سنة ٣٥ – قاعدة ٢٨١ – صفحة ١٤٦٧ .
كما ننوه بأنه وان كان الالتماس يتم نظره على مرحلتين حيث تفصل المحكمة فى قبوله من حيث توافر أحد حالاته أم لا لكن لا يوجد ما يمنع من أن يتم الفصل فيهما معا وقد قضت محكمة النقض فى ذلك بأنه(مؤدى نصوص المواد ٢٤١ إلى ٢٤٧ من قانون المرافعات والتى تحكم الطعن بالتماس إعادة النظر أن الأصل في نظر الطعن أن يمر على مرحلتين تقتصر أولاهما على الفصل في جواز قبوله وتتناول الثانية الفصل في موضوع النزاع ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تحكم في قبول الالتماس وفى الموضوع بحكم واحد إذا كان الخصوم قد قدموا أمامها طلباتهم في الموضوع)
(الطعن رقم ٧٣٦٧ لسنة ٦٣ قضائية،الصادر بجلسة 8/2/2004م)