عبر بثٍ مباشر.. نقيب المحامين يشرح جرائم خيانة الأمانة وطرق إثباتها (فيديو)
كتب: محمد علاء
تصوير: إبراهيم الدالي
مونتاج: سعد البحيري
شرح نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، خلال حديثه اليومي الموجة للأساتذة المحامين والمحاميات، جرائم خيانة الأمانة وطرق إثباتها وغيرها من الأمور المهمة، وذلك اليوم الأحد، عبر بثٍ مباشر من مكتبه بالنقابة العامة.
واستهل نقيب المحامين كلمته قائلًا: «اخترت أن أتحدث إليكم اليوم عن جريمة شائعة وهي خيانة الأمانة لاسيما الجنح المباشرة وما قد ينشأ بين الأزواج بالنسبة لمنقولات الزوجية وبين الوكيل وموكله، وخيانة الأمانة تفترض أن الشيء في حوزة الجاني فلا يوجد انتزاع للشيء كما هو الحال في السرقة، ولكن تتغير نية الحائز من حيازة عارضة على سبيل الأمانة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك، لذا هي مسألة متصلة بما يدور في نفسية المؤتمن أو الأمين على شيء».
وذكر نقيب المحامين، أن جرائم خيانة الأمانة لا تنصرف إلى كل أمانة إنما على عقود أمانة محددة في المادة 341 من قانون العقوبات وهي الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجره أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره، شارحًا إياها تفصيلًا.
وأضاف: «جريمة خيانة الأمانة من ناحية التوصيف هي جريمة استيلاء ولكنه على مال هو بالفعل موجد في حيازة الجاني ولكن تغيرت نيته في حيازة هذا المال أو المنقول من حيازة عارضة على سبيل الأمانة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك، فحينما تتغير هذه النية تكون حدثت واقعة خيانة الأمانة، ويشترط في المال أن يكون مسلمًا طبقًا لعقد من عقود الأمانة التي تحدث عنها».
وأفاد نقيب المحامين: «لا يتصور في جريمة خيانة الأمانة أن تكون اعتداء على الحيازة لأنها نقلت إلى المتهم بالفعل بمقتضى عقد الأمانة والتسليم، ولكن صورة خيانة الأمانة هي اعتداء على حق الملكية، ولا بد من إثبات تغير نية الحائز من حيازة عارضة على سبيل الأمانة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك».
وأكد نقيب المحامين، أن جريمة خيانة الأمانة ليست مجرد إخلالًا بعقد الأمانة أو إهمال في عقد الأمانة ضاربًا مثالًا بالآتي: «استأجر شخص دراجة وصارت في حيازته على سبيل الإيجار من صاحبها، فتقع جريمة خيانة الأمانة حينما تتغير النية إلى تملك هذه الدراجة وحرمان مالكها منها، إنما الإهمال في صيانتها أو استعمالها بطريقة ترتب عليها تلفيات أو حال سرقتها وتلك الحالات تظهر أكثر في عارية الاستعمال أو الوديعة، فلا تقع بهذا جريمة خيانة الأمانة».
وأشار إلى أن المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على: «تتبع المحاكم الجنائية في المسائل الغير جنائية التي تفصل فيها تبعا للدعوى الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل»، متابعًا: «جريمة خيانة الأمانة لا تقع إلا على المال المسلم بمقتضى عقد من عقود الأمانة، وهذه العقود تسري عليها قاعدة الكتابة، ولا يجوز إثبات ما يجاوز نصاب البينة إلا بالكتابة، فعلى سبيل المثال إذا كان نصاب البينة 100 جنيه وكان عقد الوكالة أو الوديعة بـ 1000 جنيه فلا يجوز إثباته طبقًا للمادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية إلا بالكتابة، كذلك هناك قاعدة في قانون الإثبات أن الثابت بالكتابة لا يجوز إثبات عكسه إلا بالكتابة».
وأردف: «واقعة التسليم، وهي ادعاء تسليم شخص مليون جنيه يسرى عليها ذات القاعدة، إنما واقعة التبديد فتثبت بأي طريقة من طرق الإثبات، منوهًا إلى أن التبديد تغيير نية وليس فعل مادي يثبته، هو ما ينطبق على سبيل المثال في جرائم القتل لأن القصد الجنائي راقد في نفسية الجاني وغالبًا ما لا تنطق به شفتيه، وإنما يستدل عليه بالمظاهر الخارجية وليست بأوراق، فعند إثبات نية القتل وإزهاق الروح لا تثبت بأوراق وإنما تستخلص من الظروف أن نية الجاني اتجهت إلى إزهاق روح المجني عليه، وكذا في جرائم خيانة الأمانة نتعامل مع نية الجاني، وعلينا أن نثبت أنها تغيرت من حيازة عارضة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك.
وعن كيفية إثبات جريمة خيانة الأمانة، قال نقيب المحامين، إن ذلك من خلال طريقتين الأولى؛ الامتناع عن رد الأمانة فهو دليل على أن الحائز قد غير نيته على هذه الوديعة من حيازة عارضة على سبيل الأمانة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك، والثانية؛ عجز المؤتمن على رد الوديعة لأن ذلك يعني أنه قد بدد الوديعة وإلا كان ردها إلى صاحبها
وعن التقادم، صرح: «هي جنحة تتقادم بالثلاث سنوات طبقًا للقاعدة القانونية ولكن متى يبدأ التقادم؟»، مجيبًا: «سريان التقادم لا يبدأ سوى عند الامتناع عن الرد أو العجز عن الرد، لأن تغيير النية من حيازة عارضة إلى حيازة دائمة على سبيل التملك هي مسألة بين الجاني ونفسه، وتلك مبادئ مهمة للغاية»، ساردًا موقف واجهه في قضية منذ 35 عامًا ليوضح الأمر.
وذكر نقيب المحامين، أن قضاء محكمة النقض قال إن العبرة في إثبات جرائم خيانة الأمانة هي بحقيقة الواقع حتى وإن خالف اعتراف المتهم بلسانه أو بكتابته، أي أنه حال إقرار شخص في إيصال أمانة وهذا الإقرار يخالف الواقع واجب على المحكمة ألا تأخذ بهذا الإقرار مادام ثبت لديها أنه يخالف الواقع، كاشفًا معايير اعتبار الشيك على سبيل الأمانة بصفة وديعة، شارحًا إياها تفصيليًا.
وفي سياق أخر، شرح نقيب المحامين شكل الأحكام والمبادئ القانونية المنشورة بمجموعة المكتب الفني لمحكمة النقض إضافة لمجموعة عمر، مختتمًا كلمته قائلًا: «المحاماة رسالة رائعة للغاية تلزم علمًا وفيرًا وتلزم إخلاصًا وأداءً، والإنسان يتعلم طيلة حياته، وأنا أنفقت في حياتي سنوات للاطلاع وقرأت كثيرًا، وكتبت كثيرًا، ولكن اليوم الذي يمر دون قراءة جديد أعتبره يوم معدوم، وأرجو منكم ألا ينقطع أحدكم عن الاطلاع وأن يسأل نفسه في نهاية كل يوم ماذا قرأت؟، فلو أجرى هذا الحساب سيجد نفسه في يوم من الأيام هرمًا شامخًا في عالم المحاماة، وأطيب تمنياتي لكم بالتوفيق».