عبد الوهاب المسيري في ذكراه
بقلم: أحمد محمود سلام
في كل عام تحل ذكراه وتمر مرور الكرام رغم أنه ترك لمصر علما نافعا وروائع تضعه في مصاف كبار المفكرين وأجدني مطالباً كمواطن مصري بالكتابة عنه امتنانا لعبقرية مصرية لابد وأن تنل حقها من التخليد من خلال تدريس مؤلفاته وإن تعذر فمن خلال طبعات شعبية ميسرة لتكون في متناول الجميع.
في 3 يوليو 2008 رحل المفكر المصري الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الباحث المدقق الذي كشف كذب وخداع الصهيونية وقد أفنى عمره في رسالته النبيلة وقد كان في أواخر أيامه المنسق العام للحركة الشهيرة “كفاية” التي تأسست عام 2004 من مصريين شرفاء للوقوف ضد نظام حسني مبارك والتصدي لفكرة التوريث.
حديثي عن الدكتور عبد الوهاب المسيري في ذكراه ليس تأريخا لسيرة ومسيرة عالم فذ درس في الخارج ودرّس في عدة جامعات أستاذا نابغاً في تخصصه وأفنى عمره في أبحاث ومؤلفات كثيرة بقدر ما هو للتأمل والتدبر في حكمة الأيام وقد اضطرت أجهزة الأمن إلى حمل “الرجل” من حيث موضع “مظاهرة “وتركه في الصحراء في إحدى مظاهرات “كفاية” ضد “نظام” الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وقتها كان الدكتور المسيري مريضا يتحامل على نفسه ولكن لوجوده معنى وقيمة إلى أن أجهز عليه المرض اللعين في 3 يوليو 2008 “ليرحل” تاركا علما يُنتفع به وعملا لا شك أنه صالح لأنه أسدى كثيرا لوطنه والأجر والثواب من عند الله، وقد ثأر القدر لاحقا للمسيري مما فعله حسني مبارك معه كمفكر حمل على عاتقه هموم وطن يقع في أسر الظلم والفساد والطغيان.
تعرض الدكتور المسيري للتضيق من إسرائيل لأنه تصدي فكريا للمؤامرة الصهيونية وللتاريخ كم أود قراءة قصة كفاح هذا الرجل في مؤلفه الذي خطه قبل وفاته والذي يحمل عنوانا مثيرا هو رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر.
في ذكرى رحيل الدكتور عبد الوهاب المسيري المنسية إعلاميا، مصر تعاني من آثار ترهل العقول وغياب الفكر المؤثر الذي يلهم وقد “اُسقط” كل “مفكر صريعا جراء سديد رؤاه وقد لحق الدكتور المسيري بالدكتور يحي المشد والدكتور جمال حمدان في مشهد يؤكد كم أن العلماء ورثة الأنبياء والمفكرين “العظام” يلقون ربهم في كل عصر “كمداً” وغيلة، لأنهم بعيدين كل البعد عن “ميدان” التزلف والنفاق والعزاء في النهاية أن الرسالة قد وصلت لمن يعيها من أهل الأرض والجائزة من السماء !.