طلب مُعافاة

بقلم الأستاذ/ محمود حسن

تتجلى أهمية التقاضى في مواجهة الاعتداء على حقوق الإنسان وحماية مصالحه سعيًا للحفاظ عليها وتحقيقًا للعدالة؛ لما لها من أثر في استقرار المجتمع، والعمل على المساواة بين المتقاضين في المراكز القانونية، وتسهيل إجراءات التقاضى لهم في إقامة الدعاوى، ووضع ضمانة لغير القادرين ماليًا من خلال الالتجاء إلى القضاء بمنح المساعدة القضائية كحق لهم لاقتضاء حقوقهم.

وقد نظم الدستور في إطار سيادة القانون ضمانة الدفاع محددًا بعض جوانبها، كافلًا إنفاذها بإعتبارها مفترضًا أوليًا لصون حقوق الأفراد وحرياتهم، بل إن الدستور يؤمن بذلك حق المعوزين فيما يعينهم على صون حقوقهم وحرياتهم، حيث أن حق التقاضى قد أجازه القانون لكل مواطن ونصت المادة 97 من الدستور المصرى التقاضي حق مصون ومكفول للكافة.

ونصت أيضًا المادة 98 حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، وإستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع ، ويضمن القانون لغير القادرين ماليًا وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم.

ومدلول الرسوم القضائية لا يختلف عن مدلول المصروفات القضائية ، فى اشتمال كل منهما على رسم الدعوى، ورسوم الصور والشهادات والملصقات والأوراق القضائية والإدارية، وأجر نشر الإعلانات والمصاريف الأخرى ، وأمانة الخبراء، مما كان لازمًا لتحقيق الدعوى، أو اتخاذ إجراءات تحفظية أثناء سيرها، وأتعاب المحاماة إلا أنه حيث يكون هناك نص قانونى يقضى بالإعفاء من الرسوم القضائية ، لاعتبارات قدرها المشرع تقديرًا من الدولة لرفع العبء عن غير القادرين ماليًا.

فقد نظم المشرع سبل إعفاءهم من أداء الرسوم القضائية على نحو ما جاء فى الفصل السابع – الإعفاء من الرسوم – من قانون رقم 90 لسنة 1944بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية.

المادة (23)
يعفى من الرسوم القضائية كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها.
ويشترط فى حالة الإعفاء السابق على رفع الدعوى احتمال كسبها.
ويشمل الإعفاء رسوم الصور والشهادات والملخصات وغير ذلك من رسوم الأوراق القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وأجر نشر الإعلانات القضائية والمصاريف الأخرى التى يتحملها الخصوم.

المادة (24)
تقدم طلبات الإعفاء من الرسوم حسب الأحوال إلى لجنة مؤلفة من اثنين من المستشارين بمحاكم النقض أو الاستئناف وقاضيين بالمحاكم الكلية وقاض بالمحكمة الجزئية ومن عضو نيابة.
ويجب على كاتب المحكمة عند تقديم طلب الإعفاء أن يشعر الخصم الآخر باليوم المعين للنظر فى الطلب قبل حلوله
وكذلك الفصل الرابع – المساعدات القضائية – من قانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة.

المادة (93)
تقوم مجالس النقابات الفرعية بتشكيل مكاتب تابعة لها لتقديم المساعدات القضائية لغير القادرين من المواطنين فى دائرة اختصاص كل منها.
وتشمل هذه المساعدات القضائية رفع الدعاوى والحضور فيها وفى تحقيقات النيابة العامة واعطاء المشورة القانونية وصياغة العقود.
ويصدر مجلس النقابة العامة نظامًا لمكاتب المساعدات القضائية يبين كيفية ترتيب المحامين بهذه المكاتب والمكافآت التى تدفع لهم وشروط انتفاع المواطنين بخدماتها.

المادة (94)
مع عدم الإخلال بحكم المادة السابقة يندب مجلس النقابة الفرعية محاميًا للحضور عن المواطن يتقرر اعفاؤه من الرسوم القضائية لاعساره.
ويقوم المحامى المنتدب بالدفاع عنه أمام القضاء بغير اقتضاء أى أتعاب منه

فطلب الإعفاء – وحقيقة مسماه هو طلب المساعدة القضائية – لا يقتصر في مضمونه على مجرد الإعفاء من الرسوم القضائية وإنما يشمل أيضًا ندب أحد المحامين المقيدين بجدول المحكمة لمباشرة الطعن أمام المحكمة المزمع إقامة الدعوى أو الطعن أمامها وبمراعاة الإجراءات التى يكون قد تطلبها المشرع لصحة الصحيفة أو تقرير الطعن من ضرورة توقيع محام بدرجة قيد معينة عليها أو الإيداع من محام مقيد أمام المحكمة، الأمر الذى يكون معه طلب المساعدة القضائية أشمل فى مضمونه من مجرد إعفاء من رسوم قضائية وهو ما لا يتأتى إلا فى حالة صدور قرار – المعافاة – لصاحب الشأن من لجنة المساعدة القضائية بالإعفاء من الرسوم وإنتداب المحامى صاحب الدور لمباشرة الدعوى.

وإذ زالت حالة عجز الطالب عن سداد الرسوم القضائية و أصبح قادرًا على دفع هذه الرسوم أثناء نظر الدعوى أو التنفيذ جاز لخصمه أو لقلم كتاب المحكمة أن يطلب من لجنة المساعدة القضائية إستصدار قرار بإبطال قرار المعافاة وتحصيل كافة الرسوم المقررة.

ولهذا حق اللجوء إلى القضاء رخصة منحت للكافة على حد سواء فى إطار اجتماعي يعكس دور العدالة الاجتماعية، وتدل على أن الغاية التى يستهدفها المشرع هو عدم تكبيد غير القادر دفع أى مبلغ كان مما تستلزمه إجراءات الدعوى.

زر الذهاب إلى الأعلى