صور جريمة الرشوة بيـن الطلب والقبول والأخذ
بقلم : محمد أحمد الفقي
رزمة من النقود ترتمي أمام يد مرتعشة تتلقفها سريعاً و تدسها قبل أن تلاحظها أعين الغرباء، هذه هي الصورة النمطية للرشوة، و هؤلاء هم أشهر المشاركين فيها (الراشي و المرتشي) وقد نظم قانون العقوبات جريمة الرشوة والجرائم الملحقة بها في بابه الثالث، حيث عرفها الفقه الجنائي بانها إتجار الموظف العام لوظيفته وإستغلالها لفائدته الخاصة عن طريق الحصول على (ميزة أو عطية) مقابل القيام بإحدى واجبات وظيفته أو الإمتناع عن أداء هذه الواجبات، ونستهل هذه السلسلة من المقالات ببيان العنصر الأول من عنصري الركن المادي لجريمة الرشوة الذي يعدد صور السلوك الإجرامي الصادر من المرتشي، وهي طلب الموظف للرشوة أو قبولها أو أخذها.
فقد يكون السلوك الإجرامي في صورة طلب الرشوة أي الإيجاب الصادر من الموظف الذي يكفي بمفرده لقيام الجريمة حتى وإن لم يتبعه قبول، ولا فرق بين أن يطلب الموظف الرشوة لذاته أو أن يطلبها لغيره، وذلك لأن طلب الرشوة في حد ذاته يعتبر متاجرة بالوظيفة، وقد يكون السلوك الإجرامي متمثلاً في قبول الرشوة وهو قبول الوعد الصادر من الراشي سواء تم تنفيذ هذا الوعد أو لم ينفذ، ولا فرق في أن يكون هذا القبول صريحاً أو أن يكون ضمنياً مستفاداً من ظروف الواقعة، كما يمكن أن يصدر السلوك الإجرامي في صورة أخذ الرشوة أي قبض الموظف لها قبضاً فعلياً كثمن لإخلاله بواجبات وظيفته.
وقد قضت محكمة النقض في شأن صور السلوك الإجرامي الثلاث منها الحكم الصادر بجلسة 25/11/1957 في الطعن رقم 1208لسنة27ق بأن جريمة الرشوة تقوم فى حق الموظف العمومى بمجرد طلبها، والحكم الصادر بجلسة 7/5/1951في الطعن رقم 146لسنة21ق بأن جريمة الرشوة تتحقق متى قبل المرتشى الرشوة مقابل الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته، والحكم الصادر بجلسة 2/2/1953 في الطعن رقم 1253لسنة22ق بأنه إذا كان الحكم قد أدان الطاعن بالرشوة لأنه بصفته موظفاً عمومياً قد أخذ مبلغاً من النقود من متهم فى واقعة يباشر ضبطها و تحرير محضرها، على سبيل الرشوة ليؤدى عملاً من أعمال وظيفته فإن هذا الحكم لا يكون قد أخطأ فى شئ. وللحديث بقية.