صرخات فلسطين في ظل عجز القانون الدولي الإنساني
بقلم الأستاذ/ أحمد محمد خطاب – المحامي
لقد مارست دولة الاحتلال سياسة الاغتيالات -الإعدام خارج نطاق القانون – منذ بداية نشأة كيانها حيث اعتبرتها إحدى أساليب قمع المقاومة الفلسطينية فمنذ عام 1948م أقدمت إسرائيل على استهداف وسيط الأمم المتحدة في فلسطين كما قامت في عام 1956م باغتيال ضباط الجيش المصري ثم تلا ذلك اغتيالات عديدة لشخصيات فلسطينية إذ يشير تقرير صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت خلال الفترة من 2000/09/29 إلى 2002/09/28 ما يقارب 77 عملية اغتيال ذهب ضحيتها 86 فلسطيني.
ومن صور الاعتداء على الحق في الحياة ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء عمليات الاجتياح في شهر أغسطس عام 2002 من عمليات قتل لمقاومين فلسطينيين استسلموا وألقوا أسلحتهم ولم يعد لديهم وسيلة للدفاع عن أنفسهم مما يعد ذلك مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني.
وبناء على ما ذكر وما هو جاري حتى الساعة وغيرها من إحصائيات إجرامية في حق مواطنين وشعب مدني أعزل فإن ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من عمليات إعدام دون محاكمة يكشف لنا الوسائل التي تلجأ إليها إسرائيل للالتفاف على تشريعاتها الجنائية التي لم تنص على عقوبة الإعدام ، إلاّ أنّها بهذه الطريقة ترتكب مخالفة وجريمة حرب دولية حيث نصت المادة 23 الفقرة ب – ج من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 على منع قتل أو جرح أفراد الدولة المعادية أو الجيش المعادي باللجوء إلى الغدر أو القتل أو جرح العدو الذي أفصح نيته في الاستسلام بعد أن ألقى السلاح أو أصبح عاجزا عن القتال.
وبموجب المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع يخطر في جميع الأوقات والأماكن إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدينة.
مما تقدم يتضح جليا الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني خارقة لجميع فروع وقواعد “القانون الدولي” بصفة عامة و”القانون الدولي الإنساني “بصفة خاصة والاتفاقيات الدولية بانتهاجها سلوك حربي خرقت من خلاله أهم بنود اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 التي هي طرفا فيها نتج عن كل هذا جرائم دولية وآثار دمرت كيان الشعب الفلسطيني.
ولا يخفى على أحد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت أحياء بكاملها وتم استهداف المدنيين بشكل عشوائي بالقتل والاعتقال والتشريد وتم تنفيذ الإعدام خارج. نطاق القانون وأجبر المدنيون الفلسطينيون على المشاركة في الأعمال الحربية وتم استخدامهم دروعا بشرية ومارست قوات الاحتلال العقوبات الجماعية ونفذت الاعتقالات التعسفية الجماعية وأخضعت البعض من المدنيين للتعذيب وغير ذلك من الجرائم الأخرى التي مازالت ترتكب من قبل قوات الاحتلال في مناطق عديدة من الأراضي الفلسطينية.
ولمواجهة هذه الجرائم ينبغي على دول العالم أن تنفذ التزاماتها الدولية بالعمل على ملاحقة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب الإسرائيلية والذين يأمرون بارتكابها والداعمين لهم ولا يجوز أن تخضع هذه المطالبة لاعتبارات سياسية وإلاّ فإنه يكون هناك انتقائية للعدالة وازدواجية في تطبيقها وتضحية بها على مذبح المصالح السياسية.
والسؤال المطروح:
أصبح الفرد بموجب القانون الدولي مخاطبا بأحكامه ويتحمل المسؤولية الدولية إسرائيل بارتكابها جرائم حرب هل ستكون عرضة لتحمل المسئولية والمساءلة؟